لماذا اختصت صلاة الوحشة باول ليلة الدفن علما ان الجسد ميت والروح هي من تعذب ولماذا كانت مخصوصة بهذا الوقت؟

: سيد حسن العلوي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الموتُ عبارةٌ عن إنتقالٍ من عالمٍ إلى عالم ، رحيلٌ من عالم وولادةٌ في عالم آخر ، هذه الرّحلة تبدأ من وضع الميّت في قبره ، فينتقلُ إلى عالم البرزخ ، الذي أخبرَ اللهُ عنه في كتابه بقوله : { ومِن ورائهم برزخٌ إلى يوم يُبعثون } . هذا العالمُ جديدٌ بالنسبة إلى الإنسان الميّت ، فيُصاب بالوحشة من عدّة جهات : فمن جهةٍ وحشةُ مفارقةِ أهله وعياله وأقربائه ، ومن جهةٍ وحشة مُفارقة أمواله وأملاكه ، ومن جهةٍ وحشة مفارقة جاهه وسُمعته ومقامه بين الناس ، ومن جهةٍ الوحشة التي تصيبه من مراسيم وفاته فيرى أهله يبكون عليه ، وحديث الناس عنه ، وما يقومون به من تغسيله وتكفينهِ والصلاةِ عليه وتشييعه ، ثمّ وضعهِ في القبر ، وإغلاق القبر عليه . ومن ثمّ يأتي الملكان ويسألانه عن ربّه ونبيّه ودينه وكتابه وأئمّته . كلُّ هذه المشاهد مواقفُ يستوحشُ منها الإنسان الميّت ، ويُصَابُ بالهلع والذعر والخوف الشديد . وأصعبُها على الإطلاق مواقفُ ما بعد وضعه في القبر ، حيثُ الملكان يسألانه وبعدها يطلبان منه كتابَ أعماله ، وضيق القبر بسببِ بعض أعماله . فالليلةُ الأولى من دفنه تُعدّ أصعب ليلةٍ على الميّت في رحلة الإنتقال إلى عالم البرزخ . ومن ثمّ شيئاً فشيئاً يتأقلم مع ذلك العالم بمرور الأيّام . ومن هنا يحتاجُ إلى دَعمٍ وذلك مثل الصدقة عنه والدعاء له ، وصلاة الهدية المُسمّاة بصلاة الوحشة أو صلاة ليلة الدفن ، المذكورة في الرسائل العمليّة ، وذلك لتخفيف هذه الأهوال عنه في تلك الليلة الصعبة المليئة بالوحشة والخوف والذعر والهلع والضيق ، فلذا رويَ في الطريقة الثانية لصلاة الوحشة ، عن حذيفة بن اليمان قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لا يأتي على الميّت ساعةٌ أشدّ من أوّل ليلةٍ فارحموا موتاكم بالصّدقة فإن لم تجدوا فليُصلّ أحدكم ركعتين يقرء فيهما فاتحةُ الكتاب مرّة وآيةُ الكرسي مرّة وقل هو الله أحد مرّتين وفي الثانية فاتحةُ الكتاب مرّة وألهاكم التكاثر عشر مرّات ويُسلّم ويقول اللهم صلِّ على محمّد وآل محمد وابعث ثوابهما إلى قبر ذلك الميّت فلانٍ بن فلان ، فيبعثُ الله من ساعته ألف ملكٍ إلى قبره مع كلِّ ملكٍ ثوبٌ وحلّة ويوسّع في قبره من الضّيق إلى يوم ينفخ في الصّور ويعطى المصلي بعدد ما طلعت عليه الشمس حسناتٍ ويُرفع له أربعون درجة . فلاح السائل لابن طاووس ص ٨٦ - ٨٧ .