ماخبر توبة جعفر الكذاب بن الأمام علي الهادي ع ؟

: السيد رعد المرسومي

السلام عليكم ورحمة الله 

حينَ درَسنا أحوالَ جعفرٍ إبنِ الإمامِ الهادي عليه السّلام, تبيّنَ لنا ما يأتي: 

1- روى الطّوسيّ رحمَه اللهُ في الغيبةِ, ص175, وعنهُ صاحبُ البحارِ في (ج50/ص230), وصاحبُ الإحتجاجِ في (ج2/ص279)، توقيعاً صادِراً عنِ الإمامِ الحُجّةِ صلواتُ اللهِ عليه، جاءَت فيهِ عباراتٌ قويّةٌ وصارمةٌ حولَ هذا الرّجلِ، مثلَ قولِه: «وقد إدَّعى هذا المُبطلُ، المُفتري على اللهِ، الكذبَ بما إدّعاهُ ... إلخ. فراجِع، فإنَّ فيها كلماتٍ قويّةً وصريحةً في التّجريحِ بجعفرٍ هذا. 

2-هناكَ توقيعٌ آخر أشدُّ منه، لكنَّهُ لَم يُصرِّح باسمِ جعفرٍ، لكِنْ يظهرُ مِن لحنِ الكلامِ أنّهُ هوَ المقصودُ. فراجِع الغيبةَ, ص173, وعنهُ صاحبُ البحارِ في (ج13/ص247).  

3- هناكَ توقيعٌ ثالثٌ وصفَ مَنْ يدَّعي الإمامةَ بأنّهُ ضالٌّ غويٌّ ـ والحديثُ إنّما هوَ عَن إدّعاءِ جعفرٍ لها. فراجِع كمالَ الدّينِ للصّدوقِ (ج2  ص 190).  

4- وفي كشفِ الغُمةِ ج 2 ص 385 وراجِع: قاموسَ الرّجالِ ج 2 ص 645 رويَ أنَّ الإمامَ الهاديّ عليه السّلام لمَ يُظهِر سروراً وقتَ ولادتِه، وقالَ: إنّهُ سيُضلُّ خلقاً كثيراً.

وأمّا توبتُه فليسَ هُناكَ دليلٌ صالحٌ لإثباتِها.  

نعَم، إستدلَّ على ذلكَ بعضُ الأعلامِ المُعاصرينَ، بالتّوقيعِ الصّادرِ عنِ الإمامِ عليهِ السّلام، بواسطةِ السّفيرِ الثّاني مُحمّدٍ بنِ عُثمانَ العُمريّ، يجيبُ فيه على أسئلةِ إسحاقَ بنِ يعقوب، وقَد جاءَ فيه: وأمّا سبيلُ عمّي جعفرٍ وولدِه، فسبيلُ إخوةِ يوسفَ عليه السّلام, يشيرُ بذلكَ إلى عفوِ اللهِ تعالى عَن إخوةِ يوسفَ عليه السّلام، بعدَ أنْ كانوا قَد ناصبوهُ العداءَ.   

فاحتملَ أنّ هذا البيانَ منَ الإمامِ المهديّ يدلُّ على العفوِ عَن جعفرٍ، لنفسِ السّببِ الذي عُفيَ بهِ عَن إخوةِ يوسفَ، وهوَ إعتذارُهم، ورجوعُهم إلى الحقِّ، وتوبتُهم عمّا فعلوهُ, وفي قبالِ ذلكَ هُناكَ إحتمالٌ آخرُ أرجحُ منه, وهوَ أنَّ الإمامَ عليه السّلام لعلّهُ شبّهَ عمَّه وأولادَه، بإخوةِ يوسفَ مِن حيثيّةٍ أُخرى، هيَ: أنّ الذي دعاهُم إلى الكيدِ لهُ، هوَ حسدُهم، وحبُّهم للدّنيا، وإيثارُهم لها. ونحنُ إنْ لَم نقبَل بترجيحِ الإحتمالِ الثّاني على الأوّلِ , فيكفينا مُجرّدُ الإحتمالِ لإبطالِ الإستدلالِ بحملِ كلامِ الإمامِ عليه السّلام في حقِّ جعفرٍ على التّوبةِ. وعلى أقلِّ التّقاديرِ تبقى التّوبةُ محلَّ شكٍّ. ودمتُم سالِمين.