هل حديث الكساء صحيح السند مع الحادثه المذكوره به من التجمع تحت الكساء؟ وكيف يمكن تفسير دخول جبرائيل مع اهل البيت عليهم السلام تحت الكساء؟ كيف يمكن تقريبها للعقل؟

: السيد رعد المرسومي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : إتّفقَ أهلُ العلمِ (سواءٌ أكانوا منَ المُفسِّرينَ أم كانوا مِن  رواةِ الأخبارِ والأحاديثِ منَ الفريقينِ) على أنّهُ عندَ نزولِ قولِه تعالى: (إنّما يريدُ اللهُ ليُذهبَ عنكُم الرّجسَ أهلَ البيتِ ويُطهّرَكم تطهيراً), دعا النّبيُّ ( صلّى اللهُ عليهِ وآله ) عليّاً وفاطمةَ والحسنَ والحُسينَ، وجلّلَ عليهم بكساءٍ ، ثُمَّ قالَ : اللّهُمَّ هؤلاءِ أهلُ بيتي فأذهِب عنهُم الرّجسَ وطهّرهُم تطهيراً. قلتُ: وهذا الحديثُ ليسَ صحيحَ السّندِ فحسب, وإنّما يُعَـدُّ مُتواتِراً. أي أنَّ ثبوتَه عنِ النّبيّ ( صلّى اللهُ عليهِ وآله ) في أعلى درجاتِ الصّحّةِ وفقَ ما اصطلحَ عليهِ أهلُ الحديثِ والأصولِ، إذ رواهُ مسلمٌ في صحيحِه والنّسائيُّ في سُننِه والتّرمذيُّ وأحمدُ في المُسندِ والحاكمُ في المُستدركِ وغيرُهم بطُرقٍ مُتعدّدةٍ مُعتبرةٍ, ولِذا صحّحَهُ الألبانيُّ كما في تعليقِه على مشكاةِ المصابيحِ, رقمُ الحديثِ (6136). وسلسلةُ الأحاديثِ الصّحيحةِ. وأمّا مِن طُرقِ الإماميّةِ فرواهُ الكُلينيّ في الكافي والصّدوقُ في كُتبِه المعروفةِ كعللِ الشّرائعِ وفي الخصالِ ومعاني الأخبارِ وعيونِ أخبارِ الرّضا (عليه السّلام)، والشّيخُ المُفيدُ في الأمالي والفصولِ المُختارةِ والمسائلِ العكبريّةِ وغيرِها. ورواهُ ابنُ جريرٍ الطّبريّ في تفسيرِه عندَ تعرُّضِه لهذهِ الآيةِ في سورةِ الأحزابِ بطرقٍ مُتعدّدةٍ, وكذلكَ ابنُ كثيرٍ الدّمشقيّ في تفسيرِه وغيرِهما منَ المُفسّرينَ. وأمّا عَن كيفيّةِ دخولِ جبرئيلَ (عليه السّلام) في الكساءِ معَ الخمسةِ أهلِ الكساءِ, فلم يرِد هذا الخبرُ إلّا في بعضِ الطّرقِ, كالطّريقِ الذي رواهُ مِن أصحابِنا الصّدوقُ في الخصالِ,(ص403), ومنَ العامّةِ الطّحّاويّ في مُشكلِ الآثارِ (2/238), والحسكانيّ في شواهدِ التّنزيلِ, رقمُ الحديثِ, (769), و(770) بإسنادِه عَن مخوّلٍ بنِ إبراهيمَ قالَ: حدّثنا عبدُ الجبارِ بنُ العبّاسِ الهمدانيّ ، عَن عمّارٍ بنِ معاويةَ الدّهنيّ ، عَن عُمرةَ بنتِ أفعى قالَت : سمعتُ أمَّ سلمةَ رضيَ اللهُ عنها تقولُ: نزلَت هذهِ الآيةُ في بيتي: (إنّما يريدُ اللهُ ليُذهبَ عنكُم الرّجسَ أهلَ البيتِ ويُطهّركُم تطهيراً ) قالَت : وفي البيتِ سبعةٌ رسولُ اللهِ وجبرئيلُ وميكائيلُ وعليٌّ وفاطمةُ والحسنُ والحسينُ صلواتُ اللهِ عليهم ، قالَت : وأنا على البابِ فقلتُ : يا رسولَ اللهِ ألستُ مِن أهلِ البيتِ ؟ قالَ : إنّكِ مِن أزواجِ النّبيّ صلّى اللهُ عليه وآله . وما قالَ: إنّكَ مِن أهلِ البيتِ.  

 

قلتُ: وقَد علّقَ الشّيخُ الصّدوقُ (ره) على هذا الخبرِ قائلاً: هذا حديثٌ غريبٌ لا أعرفُه إلّا بهذا الطّريقِ, والمعروفُ أنَّ أهلَ البيتِ الذينَ نزلَت فيهم آيةُ التّطهيرِ خمسةٌ, وسادسُهم جبرئيلُ عليه السّلام. إنتهى تعليقُه. وكما ترى فهوَ لم يُبيّن كيفَ كانَ دخولُ جبرئيلُ عليه السّلام معهُم, بَل إنَّ جميعَ مَن عرضَ لهذا الحديثِ بالشّرحِ والتّوضيحِ لم يُبيّن كيفيّةَ دخولِ جبرئيلَ عليه السّلام في الكساءِ معَ الخمسةِ أهلِ البيتِ صلواتُ اللهِ عليهم أجمعينَ, ولعلَّ إمتناعَ ذلكَ مِن جهةِ أنَّ جبرئيلَ عليه السّلام يُعَـدُّ منَ الملائكةِ التي ترانا ولا نراها , فلا يشعرُ بوجودِه ولا يراهُ إلّا الأنبياءُ والرّسلُ والأوصياءُ سلامُ اللهِ عليهم أجمعينَ. واللهُ تعالى هوَ العالمُ بحقيقةِ هذا الأمرِ. وهوَ الهادي إلى الرّشادِ. ودمتُم سالمينَ.