ما اللفظ الذي يعني "الاستنجاء" في قوله(ص): (( عشرةٌ منَ الفطرةِ: ... وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء...)) ؟ ومَن الإمام الذي يستظل في ظل الله تعالى يوم القيامة؟

: السيد رعد المرسومي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الجوابُ عنِ الشّقِّ الأوّلِ منَ السّؤالِ المُتعلّقِ بحديثِ (عشرةٌ منَ الفطرةِ), فنقولُ هذا الحديثُ وردَ مِن طُرقِ أحاديثِ العامّةِ, رواهُ النّسائيُّ في السّننِ الكُبرى (5/405), والدّارقطنيُّ في سُننِه (1/ص99) وغيرِهما عَن وكيعٍ قالَ حدّثنا زكريا بنُ أبي زائدةَ عَن مصعبٍ بنِ شيبةَ عَن طلقٍ بنِ حبيبٍ عَن عبدِ اللهِ بنِ الزّبيرِ عَن عائشةَ عَن رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله قالَ عشرةٌ منَ الفطرةِ قصُّ الشّاربِ وقصُّ الأظفارِ وغسلُ براجم وإعفاءُ اللّحيةِ والسّواكُ والإستنشاقُ ونتفُ الإبطِ وحلقُ العانةِ وانتقاصُ الماءِ قالَ مصعبٌ ونسيتُ العاشرَ إلّا أن تكونَ المضمضةُ.  

قلتُ: و(انتقاصُ الماءِ) فسّرَهُ بعضُهم بأنَّ المُرادَ بهِ الإستنجاءُ بالماءِ, كما ذكرَ ذلكَ المباركفوريّ عنِ التّرمذيّ في كتابِه تُحفةُ الأحوذيّ (ج8/ص30).وكذلكَ الدّارقطنيّ في سُننِه (1/99) عَن زكريّا بنِ أبي زائدةَ, على أنّهُ ينبغي التّنبيهُ على أنَّ أصلَ هذا الحديثِ محلُّ خلافٍ بينَ عُلمائِهم مِن جهةِ وقفِه أو رفعِه , وكذلكَ لأنَّ هُناكَ حديثاً آخرَ عَن أبي هُريرةَ ينصُّ على أنَّ أصلَ الحديثِ هوَ (خمسٌ منَ الفِطرةِ) , ولِذا حاولَ بعضُهم التّوفيقَ بينَ الحديثينِ مِن جهاتٍ عدّةٍ, فمَن أرادَ المزيدَ فليرجِع إلى كتابِ فتحِ الباري لابنِ حجرٍ العسقلانيّ (10/283).  

وأمّا الجوابُ عنِ الشّقِّ الثّاني منَ السّؤالِ, فالمرادُ بهِ الإمامُ العادلُ, وهوَ ما نصَّت عليهِ أحاديثُ مِن طرقِ العامّةِ أيضاً, فمِنها على سبيلِ المثالِ: ما ذكرَهُ ابنُ عبدِ البرّ في كتابِه (التّمهيدِ) (ج2/ص279), إذ قالَ: حديثٌ أوّل لخبيبٍ بنِ عبدِ الرّحمانِ مُتّصلٌ صحيحٌ مالكٌ عَن خبيبٍ بنِ عبدِ الرّحمانِ الأنصاريّ عَن حفصٍ بنِ عاصمٍ عَن أبي سعيدٍ الخُدريّ أو عَن أبي هُريرةَ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله سبعةٌ في ظلِّ اللهِ يومَ لا ظلَّ إلّا ظلُّه: إمامٌ عادلٌ وشابٌّ نشأ في عبادةِ اللهِ ورجلٌ قلبُه معلّقٌ بالمسجدِ إذا خرجَ منهُ حتّى يعودَ إليهِ ورجلانِ تحابّا في اللهِ إجتمعا على ذلكَ وتفرّقا ورجلٌ ذكرَ اللهَ عزَّ وجلّ خالياً ففاضَت عيناهُ ورجلٌ دعتهُ ذاتُ حسبٍ وجمالٍ فقالَ إنّي أخافُ اللهَ ورجلٌ تصدّقَ بصدقةٍ فأخفاها حتّى لا تعلمَ شمالُه ما تنفقُ يمينُه هكذا في روايةِ يحيى وأكثرِ رواةِ الموطّأ في هذا الحديثِ (إمامٌ عادلٌ) وقد رواهُ بعضُهم (عدلٌ) وهوَ المختارُ عندَ أهلِ اللّغةِ يقالُ رجلٌ عدلٌ ورجالٌ عدلٌ وامرأةٌ عدلٌ وكذلكَ رضا سواءٌ قالَ زهيرٌ فهُم رضا وهُم عدلٌ ويجوزُ عادلٌ على إسمِ الفاعلِ يِقالُ عدلٌ فهوَ عادلٌ كما يقالُ ضربٌ فهوَ ضاربٌ إلّا أنَّ للعادلِ في اللّغةِ معانيَ مُختلفةً منها العدولُ عنِ الحقّ, ومنها الإشراكُ باللهِ عزَّ وجلَّ وليسَ هذانِ المعنيانِ مِن هذا الحديثِ في شيءٍ, ومَن الشّاهدِ على أنّهُ يقالُ لفاعلِ العدلِ عادلٌ قولُ الشّاعرِ: ومَن كانَ في إخوانِه غيرُ عادلٍ  فما أحدٌ في العدلِ منهُ بطامعٍ. ودمتُم سالِمين.