ممكن جواب بسيط ومفهوم وغير قابل للتأويل بموضوع الخمس وهل ذكر في القران ام لا ؟

كثيرا مايردنا سؤال اثناء المناقشات الدينية بشأن الخمس وانه لم يذكر في القران الا فيما يخص الحرب وغنائمه لذا نرجو الاجابة عن هذا سؤال بشكل بسيط ومفهوم وغير قابل للتأويل حتى يتسنى للبسيط والمثقف فهمه ولنكون نحن كذلك على بينة في الامور العالقة(نقاط الاختلاف) في مذهبنا .... هذا ومن الله توفيق

: الشيخ معتصم السيد احمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هُناكَ بحثٌ مُفصّلٌ في هذا الشّأنِ وبما أنّكَ طلبتَ التّبسيطَ في الإجابةِ سوفَ نوجزُ لكَ سببَ الخلافِ في عباراتٍ واضحةٍ ومفهومة.  ٍ

الآيةُ التي دارَ حولَها الخلافُ هيَ قولُه تعالى: (وَاعلَمُوا أَنَّمَا غَنِمتُم مِن شَيءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القُربَىٰ وَاليَتَامَىٰ وَالمَسَاكِينِ ...) قَد أوجبَت هذهِ الآيةُ الخُمسَ بما لا يدعُ مجالاً للشّكِّ إلّا أنَّ الخلافَ بينَ السّنّةِ والشّيعةِ حولَ معنى كلمةِ (غنيمةٍ) هَل هيَ خاصّةٌ بغنائمِ الحربِ كما يتمسّكُ أهلُ السّنّةِ؟، أم هيَ عامّةٌ تشملُ كلَّ غنيمةٍ يحصلُ عليها الإنسانُ بما فيها أرباحُ المكاسبِ والتّجارةِ كما يتمسّكُ الشّيعةُ؟ 

واعتمدَ السّنّةُ في دعواهُم على سياقِ الآياتِ السّابقةِ واللّاحقةِ، فبما أنَّ تلكَ الآياتِ تحدّثَت عنِ الحربِ فثبتَ عندَهم أنَّ آيةَ الخُمسِ أيضاً لها علاقةٌ بالحربِ، ومنَ المعلومِ أنَّ الإحتجاجَ بالسّياقِ ليسَ كافياً لأنّهُ مُجرّدُ قرينةٍ وليسَ نصّاً صريحاً في الموضوعِ، وكما قيلَ لا يُخصّصُ الموردُ الواردَ، أي أنَّ ورودَ الآياتِ في الحربِ لا يُخصّصُ موضعَها بالحربِ، ولو قيلَ بالتّخصيصِ في هذا الموردِ لوجبَ تخصيصُ الآيةِ بغنائمِ غزوةِ بدرٍ دونَ غيرِها منَ الغزواتِ، مُضافاً إلى إطلاقِ الخطابِ في بعضِ الآياتِ السّابقةِ لهذهِ الآيةِ، حيثُ قالَ سُبحانَه: (وَاعلَمُوا أَنَّمَا أموَالُكُم وَأولَادُكُم فتنَةٌ ...)، وقولُه عزَّ وجلَّ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجعَل لَكُم فُرقَانًا ... )، فإنَّ الخطابَ في هذهِ الآياتِ عامٌّ يشملُ جميعَ المؤمنينَ وليسَ خاصّاً بالمُقاتلينَ. وعليهِ لا يكفي السّياقُ في تخصيصِ الغنائمِ بغنائمِ الحربِ. 

كما اِستدلَّ أهلُ السّنّةِ بالتّبادرِ مِن كلمةِ (غنيمةٍ) بقولِهم إنَّ الكلمةَ تُستخدَمُ في ما يُكسَبُ في الحربِ، وبالتّالي لا يجوزُ حملُها على ما يجنيهِ الإنسانُ مِن مكاسبَ أُخرى، وهذا خلافُ مُدّعى فُقهاءِ الشّيعةِ الذينَ قالوا بظهورِ الكلمةِ في مُطلقِ الفائدةِ، فليسَ في العُرفِ واللّغةِ شاهدٌ على اختصاصِ كلمةِ (غنائم) بغنائمِ دارِ الحربِ، كما يقولُ السّيّدُ الخوئيّ بأنَّ أحدًا لم يتوهَّم إختصاصَها بدارِ الحربِ. فقَد صرّحَ بعضُ أهلِ اللّغةِ بذلكَ، حيثُ جاءَ في مجمعِ البحرينِ الغنيمةُ في الأصلِ هيَ الفائدةُ المُكتسبَةُ، وفي المقاييسِ (غنمَ أصلٌ صحيحٌ واحدٌ يدلُّ على إفادةِ شيءٍ لَم يُملَك مِن قبلُ ثمَّ يختصُّ بما أُخذَ مِن مالِ المُشركينَ)، وفي القاموسِ (والغنمُ – بالضّمِّ – الفوزُ بالشّيءِ بلا مشقّةٍ، وأغنمَهُ كذا تغنيمًا نَقَله إيّاهُ واغتنمَهُ وتغنّمَه: عدّهُ غنيمةً)، وفي المُفرداتِ (والغنمُ: إصابتُه والظّفرُ بهِ، ثمَّ إستُعملَ في كلِّ مظفورٍ بهِ مِن جهةِ العدوّ وغيرِهم). وما يؤكّدُ هذا المعنى إستخداماتُ القُرآنِ لهذهِ الكلمةِ، قالَ تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبتُم فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَن ألقَىٰ إِلَيكُمُ السَّلَامَ لَستَ مُؤمِنًا تبتَغُونَ عَرَضَ الحَيَاةِ الدُّنيَا فَعِند اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ...) حيثُ تحدّثَتِ الآيةُ عنِ الغنائمِ الأخرويّةِ بدليلِ مُقاربتِها بعرضِ الحياةِ الدّنيا، وبالتّالي فالمَغنمُ لا يختصُّ بغنائمِ دارِ الحربِ وإنّما بكلِّ فائدةٍ وإن كانَت في الآخرةِ، ولا يخفى أنَّ غنائمَ الآخرةِ لا علاقةَ لها بالحربِ. مُضافاً لاستخداماتِ الأحاديثِ أيضاً التي تفيدُ مُطلقَ الفائدةِ، فقَد روى ابنُ ماجةَ عَن أبي هُريرةَ قاَل: قالَ رسولُ اللهِ: (إذا أعطيتُم الزّكاةَ فلا تنسوا ثوابَها أن تقولوا: اللّهمَّ إجعلها مغنَمًا ولا تجعلها مغرَمًا) وفي مُسنَدِ أحمدَ عنِ النّبيّ: (غنيمةُ مجالسِ الذّكرِ الجنّةُ) وغيرُ ذلكَ منَ الإستخداماتِ التي لا علاقةَ لها بغنائمِ دارِ الحربِ. وقد أيّدَ القُرطبيُّ في تفسيرِه ذلكَ بقولِه: (الغنيمةُ في اللّغةِ ما ينالُه الرّجلُ أو الجماعةُ بسعيٍ، ثمَّ قالَ: ولا تقتضي اللّغةُ هذا التّخصّصَ. 

مُضافاً إلى أنَّ التّعبيرَ بالشّيءِ في قولِه سُبحانَه (مِن شيءٍ) يُشيرُ إلى التّعميمِ، وأنَّ الخُمسَ ثابتٌ في مُطلَقِ ما صدقَ عليهِ الشّيءُ منَ الرّبحِ وإن كانَ يسيرًا.  

كما إستدلَّ بعضُهم بأنَّ الغنمَ يُعرَفُ مِن مُلاحظةِ ضدِّه وهوَ الغرمُ، كما هوَ المشهورُ في الألسنِ (مَن لهُ الغنمُ فعليهِ الغرمُ)، وما دامَ الغرمُ يشملُ سائرَ الخسائرِ سواءٌ كانَت في الحربِ وفي غيرِها فإنَّ ضدَّه وهوَ الغنمُ ينبغي أن يشملَ سائرَ الفوائدِ والأرباحِ. 

وعليهِ فإنَّ كلمةَ غنيمة أعمُّ مِن غنائمِ الحربِ بل تشملُ كلَّ مكسبٍ زائدٍ على مؤونةِ الإنسانِ في السّنةِ، وهذا ما أكّدتهُ رواياتُ أهلِ البيتِ (عليهم السّلام) في هذا الباب.ِ