اريد دليل قاطع عن وجود النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم

سألني احد الاشخاص عن دليل قاطع لوجود النبي صلى الله عليه واله وسلم....انا قلت لهُ كلام الله ذكر فيه النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم في اكثر من اية وتوجد سورة بأسمه هل هذا دليل كافي ودمتم سالمين

: الشيخ معتصم السيد احمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قد يكونُ الدّافعُ لهذا السّؤالِ هوَ مُجرّدُ معرفةِ ما يصلحُ أن يكونَ دليلاً على وجودِ شخصيّةِ النّبيّ الأكرمِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله)، وقَد يكونُ دافعُه تشكيكيٌّ كما يفعلُ بعضُ الملاحدةِ الذينَ يتبنّونَ بعضَ المقولاتِ السّاذجةِ مثلَ قولِهم هَل هُناكَ شخصيّةٌ تاريخيّةٌ تُسمّى بالنّبيّ مُحمّدٍ. 

وقبلَ الإجابةِ لابُدَّ مِن تحديدِ معنى القطعِ في قولِه (دليلٌ قاطعٌ لوجودِ النّبيّ) فأيُّ نوعٍ منَ الأدلّةِ التي تُفيدُ القطعَ في مثلِ هذهِ الأمور؟ فالمُلحدُ والمُنكرُ للأديانِ يمارسُ الخداعَ عندَما يوحي بأنَّ الأدلّةَ القطعيّةَ هيَ الأدلّةُ الحسّيّةُ الملموسةُ، فطالما لم نشهَد زمنَ رسولِ اللهِ ولَم نجِد علامةً حسّيّةً تشهدُ بوجودِه فلا يمكنُ القطعُ بوجودِه، وهذهِ مُغالطةٌ باطلةٌ، فكلُّ قضيّةٍ علميّةٍ لها منهجُها الخاصُّ، ولا وجودَ لمنهجٍ واحدٍ يمكنُ تعميمُه على كلِّ الحقولِ العلميّةِ والمعرفيّةِ، فلا يمكنُ إبطالُ نتائجِ علمِ الجُغرافيا لأنّها لم تثبُت طِبقاً لمناهجِ علمِ الكيمياءِ أو الفيزياء، وكذلكَ لا يمكنُ إثباتُ حقائقَ تاريخيّةٍ بمناهجِ علمِ النّفسِ مثلاً، وعليهِ القطعُ بوجودِ حقيقةٍ تاريخيّةٍ موقوفٌ على توفّرِ المصادرِ والوثائقِ الدّالّةِ على ذلكَ، ومتى ما ثبتَ وجودُ مثلِ هذهِ المصادرِ وثبُتَ صحّتُها معَ عدمِ وجودِ المُعارضِ لها ثبُتَ بالقطعِ يقيناً وجودُها، وعليه المنهجُ التّاريخيُّ لهُ أدواتُه الخاصّةُ التي تعملُ على جمعِ القرائنِ والشّواهدِ منَ المصادرِ التّاريخيّةِ للحُكمِ بحدوثِ الحادثةِ أو عدمِ حدوثِها، وأهمُّ دليلٍ تاريخيٍّ هوَ التّواترُ أي أنَّ الخبرَ يتمُّ نقلُه مِن أكثرِ مِن طريقٍ وأكثرِ مِن جهةٍ، وحياةُ النّبيّ محمّدٍ (ص) وشخصيّتُه المباركةُ تناقلَتها كلُّ الأمّةِ جيلاً بعدَ جيلٍ مِن يومِ ولادتِه إلى يومِنا هذا، فأيُّ دليلٍ أكثرُ مِن هذا يفيدُ القطعَ بوجودِه؟    

وهُنا نذكرُ بعضَ الأدلّةِ التي تشهدُ بوجودِ شخصيّةِ النّبيّ محمّدٍ: 

1- القرآنُ الكريمُ، الذي يعدُّ أهمَّ وأصدقَ مصدرٍ يُوثّقُ حياةَ النّبيّ محمّدٍ (صلى الله عليه وآله) وقد نقلَ هذا الكتابَ بالتّواترِّ جيلٌ عَن جيلٍ إلى يومِنا هذا، ولذلكَ أصبحَ مِن أهمِّ المصادرِ التّاريخيّةِ الموثوقةِ ولِذا كانَ موضعَ إهتمامِ جميعِ الدّارسينَ سواءٌ كانوا مُسلمينَ أو غيرَ مُسلمين.  

2-   الأحاديثُ الشّريفةُ التي تُمثّلُ أقوالَ وأفعالَ النّبيّ (صلى اللهُ عليه وآله) وقد إهتمَّت الأمّةُ بنقلِها وتوثيقِها، وكلُّ ذلكَ شواهدُ مُتّصلةٌ ومُسندةٌ تكشفُ عَن حقيقةِ تلكَ الشّخصيّةِ العظيمةِ. 

3- والوثائقُ والمخطوطاتُ المُنتشرةُ في متاحفِ ومكتباتِ العالمِ، وبعضُها يُثبتُ نسبةَ القُرآنِ لتلكَ الحقبةِ التّاريخيّةِ، وبعضُها يثبتُ أحداثاً لها علاقةٌ بالنّبيّ مُباشرةً. 

4- الآثارُ الحسّيّةُ الموجودةُ في مكّةَ والمدينةَ مثلَ مكانِ ولادتِه ومسجدِه ومكانِ دفنِه وكثيرٌ منَ الآثارِ الشّاهدةِ على تلكَ الفترةِ التّاريخيّةِ 

5- كتبُ التّاريخِ المُتعدّدةُ التي كتبَها المسلمونَ وغيرُ المسلمينَ، بَل كلُّ تاريخِ هذهِ المنطقةِ مبنيٍّ على وجودِ رسولِ اللهِ محمّدٍ، واللّحظةُ التي نُشكّكُ في تاريخِه الشّريفِ هيَ ذاتُها اللّحظةُ التي يتبخّرُ فيها تاريخُ العربِ والمُسلمينَ والمنطقةِ، فوجودُ أمّةٍ إسلاميّةٍ خيرُ دليلٍ على وجودِ رسولِ الإسلامِ، والتّشكيكُ في ذلكَ لا يعدو أن يكونَ عبطاً فكريّاً. 

6-  عوائلُ السّادةِ والأشرافِ المُنتشرينَ في كلِّ العالمِ والذينَ ينتسبونَ إلى رسولِ اللهِ وبالأسانيدِ الشّفهيّةِ ووثائقِ الأنسابِ. وغيرِ ذلكَ منَ الشّواهدِ الكثيرةِ.