ماهي، قصة هارون والعجل؟

: السيد رعد المرسومي

السلام عليكم ورحمة الله :

قصّةُ نبيّ اللهِ هارونَ والعجلِ التي رواها غيرُ واحدٍ منَ المُفسّرينَ في بيانِ قولِه تعالى: (وإذ واعدنا موسى أربعين ليلةً, ثُمَّ اتّخذتمُ العجلَ من بعده, وأنتم ظالمون) [البقرةُ:51], تعتمدُ على ما رواهُ ابنُ عبّاسٍ لَـمّا قالَ : كانَ السّامريُّ رجلاً مِن أهِل باجرمى . وقالَ ابنُ عبّاسٍ : اسمُه مُوسى بنُ ظفرٍ . وكانَ مِن قومٍ يعبدونَ البقرَ ، وكانَ حبُّ عبادةِ البقرِ في نفسِه ، وقد كانَ أظهرَ الإسلامَ في بني إسرائيل . فلمّا قصدَ موسى إلى ربّه ، وخلّفَ هارونَ في بني إسرائيلَ ، قالَ هارونُ لقومِه : قد حُمّلتُم أوزاراً مِن زينةِ القومِ ، يعني آلَ فرعون ، فتطهّروا منها ، فإنّها نجسٌ ، يعني أنّهم استعارُوا منَ القبطِ حُليّاً ، واستبّدوا بها . فقالَ هارون : طهّروا أنفسَكُم منها, فإنّها نجسةٌ ، وأوقدَ لهُم ناراً ، فقالَ : اقذفوا ما كانَ معكُم فيها . فجعلوا يأتونَ بما كانَ معهُم مِن تلكَ الأمتعةِ والحُليّ ، فيقذفونَ بهِ فيها . قالَ : وكانَ السّامريّ رأى أثرَ فرسِ جبرائيلَ عليه السّلام ، فأخذَ تُراباً مِن أثرِ حافرِه ، ثُمَّ أقبلَ إلى النّارِ فقالَ لهارونَ : يا نبيّ اللهِ ! أألقي ما في يدي ؟ قالَ : نعَم ، وهوَ لا يدري ما في يدِه ، ويظنُّ أنّه مِـمّا يجئُ به غيرُه منَ الحُليّ والأمتعةِ . فقذفَ فيها وقالَ : كُن عِجلاً جسداً لهُ خوارٌ . فكانَ البلاءُ والفتنةُ ، فقالَ : هذا إلهكُم وإلهُ موسى . فعكفوا عليهِ وأحبّوهُ حُبّاً لم يحبّوا مثلَهُ شيئاً قطّ . قالَ ابنُ عبّاس : فكانَ البلاءُ والفتنةُ ، ولم يزِد على هذا . 

وقالَ الطّبرسيّ أيضاً: قالَ الحسنُ: صارَ العجلُ لحماً ودماً . وقالَ غيرُه : لا يجوزُ ذلكَ, لأنّهُ مِن مُعجزاتِ الأنبياءِ . ومَن وافقَ الحسنَ, قالَ : إنّ القبضةَ مِن أثرِ الملكِ كانَ اللهُ قد أجرى العادةَ بأنّها إذا طرحَت على أيِّ صورةٍ كانَت حييَت ، فليسَ ذلكَ بمُعجزةٍ ، إذ سبيلُ السّامريّ فيهِ سبيلُ غيرِه . ومَن لَم يجُز إنقلابُه حيّاً ، تأوّلَ الخوارَ على أنَّ السّامريّ صاغَ عِجلاً ، وجعلَ فيهِ خُروقاً يدخلُها الرّيحُ ، فيخرجُ منها صوتٌ كالخوارِ ، ودعاهُم إلى عبادتِه فأجابوهُ وعبدوهُ. (يُنظَر: مجمعُ البيانِ للطّبرسيّ, وتفسيرُ كنزِ الدّقائقِ للميرزا المشهديّ عندَ بيانِ هذهِ الآيةِ). ودُمتم سالِمين.