حول عبدالله بن سبأ هل هو شخصية موجودة ام أنه لم يكن موجود؟

: اللجنة العلمية

السلام عليكم ورحمة الله 

 إنّ شخصيّةَ عبدِ اللهِ بنِ سبأ إنّما هيَ شخصيّةٌ حقيقيّةٌ, لا وهميّة, يدلُّ على ذلكَ عدّةُ رواياتٍ صحيحةٍ, وكذلكَ كلماتُ أعلامِنا من المُتقدّمينَ والمُتأخّرينَ, فأمّا الرّواياتُ التي تُثبتُ وجودَه, فسنقتصرُ منها على الرّواياتِ الصّحيحةِ التي لا إشكالَ في صحّتها عندَ نُقّادِ الحديثِ وأهلِ الفنّ, فمنها: 1- ما رواهُ الكشّيّ في (رجالِه في ترجمةِ عبدِ الله بنِ سبأ) إذْ قالَ: حدّثني محمّد بن قولويه ، قال : حدّثني سعدٌ بنُ عبدِ الله ، قالَ : حدّثنا يعقوبُ بنُ يزيد ومحمّدُ بنُ عيسى ، عن ابن أبي عُمير، عن هشامٍ بنِ سالم ، قالَ : سمعتُ أبا عبدِ اللهِ عليه السّلام يقولُ: وهو يُحدّثُ أصحابَه بحديثِ عبدِ اللهِ بن سبأ, وما اِدّعى منَ الرّبوبيّةِ في أميرِ المؤمنينَ عليٍّ بنِ أبي طالب ، فقالَ: إنّه لـمّا اِدّعى ذلكَ فيه, إستتابهُ أميرُ المؤمنينَ عليه السّلام, فأبى أنْ يتوبَ فأحرقَه بالنّار. 

2- ما رواهُ الكشّيُّ أيضاً قال: حدّثني محمّدٌ بنُ قولويه ، قالَ : حدّثني سعدٌ بنُ عبدِ الله ، قالَ : حدّثنا يعقوبُ بنُ يزيد ومحمّدٌ بنُ عيسى ، عَن عليٍّ بنِ مهزيار ، عَن فُضالةَ بنِ أيّوبَ الأزديّ عَن أبّانَ بنِ عُثمان ، قالَ سمعتُ أبا عبدِ الله عليه السّلام يقولُ : لعنَ اللهُ عبدَ اللهِ بنَ سبأ, إنّهُ اِدّعى الرّبوبيّةَ في أميرِ المؤمنينَ عليه السّلام, وكانَ واللهِ أميرُ المؤمنينَ عليه السّلام عبداً للهِ طائِعاً ، الويلُ لمَن كذّبَ علينا, وإنّ قوماً يقولونَ فينا ما لا نقولُه في أنفسِنا ، نبرأُ إلى اللهِ منهُم, نبرأُ إلى اللهِ منهم. 

3- قالَ الكشّيُّ أيضاً: وبهذا الإسنادِ ، عَن يعقوبَ بنِ يزيد ، عَن ابنِ أبي عُمير وأحمدَ بنِ مُحمّدٍ بنِ عيسى ، عَن أبيه والحُسينِ بنِ سعيدٍ ، عَن إبن أبي عُمير عَن هشامٍ بنِ سالم ، عَن أبي حمزةَ الثّماليّ ، قالَ ، قالَ عليٌّ بنُ الحُسين عليهما السّلام: لعنَ اللهُ 

مَنْ كذبَ علينا ، إنّي ذكرتُ عبدَ اللهِ بنَ سبأ, فقامَت كلُّ شعرةٍ في جسدي ، لقد إدّعى أمراً عظيماً, ما لهُ لعنَهُ الله ، كانَ عليٌّ عليه السّلام واللهِ عبداً للهِ صالحاً ، أخو رسولِ اللهِ ، ما نالَ الكرامةَ منَ اللهِ إلّا بطاعتِه للهِ ولرسولِه ، وما نالَ رسولُ اللهِ (صلّى اللهُ عليه وآله ) الكرامةَ منَ اللهِ إلّا بطاعتِه لله. هذا ما يتعلّقُ بالرّواياتِ, وقد تركنا رواياتٍ أُخرى ضعيفةَ السّندِ مِن جهةِ جهالةِ بعضِ رجالِها, لكنّها مؤيّدةٌ للرّواياتِ الصّحيحةِ آنِفاً, ويمكنُ تخريجُها على أنّها شواهدُ لِـما تقدّم ذكرُه, طبقاً لقواعدِ علميّ الحديثِ والرّجالِ. وأمّا كلماتُ أعلامِنا في هذهِ الشّخصيّةِ الحقيقيّةِ, فها هيَ أقوالُهم نضعُها بينَ يديكَ لتكُنْ على بيّنةٍ مِن أمرِك.   

 عبدُ اللهِ بنُ سبأ ، الذي رجعَ إلى الكُفرِ وأظهرَ الغلوّ . : [ 718 ]  1- قالَ الطّوسيّ في (رجالِه) رقمُ التّرجمة  

2- وقالَ السّيّدُ ابنُ طاووس في كتابِه [التّحريرُ الطّاوسيّ ص346 ]: عبدُ اللهِ بنُ سبأ, غالٍ ملعون ، حرقَهُ أميرُ المؤمنينَ عليه السّلام بالنّارِ ، كانَ يزعمُ أنّ عليّاً [ عليه السّلام ] إلهٌ، وأنّه نبيٌّ. لعنَه اللهُ تعالى. 

3- ذكرَهُ العلّامةُ الحلّيّ في كتابِه (خُلاصةُ الأقوالِ) مرّتين, الأولى: نقلَ فيها ما ذكرَهُ الطّوسيّ في ترجمتِه حينَ قالَ فيه: الذي رجعَ إلى الكُفرِ وأظهرَ الغلو . والثّانيةُ: نقلَ فيها ما قالَه السّيّدُ ابنُ طاووس. 

4- ذكرَه ابنُ داوودَ في (رجالِه): [278] - عبدُ اللهِ بنُ سبأ, رجعَ إلى الكُفرِ وأظهرَ الغلوّ, كانَ يدّعي النّبوّةَ, وأنَّ عليّاً عليه السّلام هوَ اللهُ ، فاستتابَهُ عليه السّلام ( ثلاثةَ أيّامٍ ) فلَم يرجِع, فأحرقَهُ في النّار في جُملةِ سبعينَ رجلاً ادّعوا فيهِ ذلك . 

فإذا عرفتَ ذلكَ تعرفُ أنّ ما ذهبَ إليه السّيّدُ مُرتضى العسكريّ رحمَهُ اللهُ تعالى (منَ المُعاصرينَ), حينَ عَـدّهُ شخصيّةً وهميّةً ليسَ صحيحاً, وفيه منَ التّكلّفِ الواضحِ في ردِّ الرّواياتِ الصّحيحةِ , وما عليهِ عُلماؤنا المُتقدّمونَ والمُتأخّرونَ حولَ هذه الشّخصيّةِ. ونرى أنَّ ما صدرَ منَ السّيّدِ العسكريّ كانَ أشبهَ بردّةِ فعلٍ على تخرُّصاتِ وأكاذيبِ سيفٍ بنِ عُمر التّميميّ ومَن تأثّرَ به مِـمَّن جاءَ بعدَه, حينَ زعمُوا زوراً وبُهتاناً أنَّ مُؤسّسَ مذهبِ الشّيعةِ الإماميّةِ هوَ عبدُ اللهِ بنُ سبأ, وهيَ دعوةٌ باطلةٌ منَ الأساسِ ناقشَها وفنّدَها جُملةٌ مِن أعلامِنا المُحقّقينَ كما لا يخفى. وقد بيّنَ العُلماءُ أنّ الغرضَ مِن هذهِ الفريةِ التي كانَ ولا يزالُ يُردّدُها كثيرٌ منَ الجهلةِ والمُدلّسينَ إنّما هوَ لصرفِ وجوهِ النّاسِ عنِ الطّريقِ الحقِّ الذي بُنيَ عليهِ مذهبُ الشّيعةِ الإماميّةِ, والذي بدأ نورُه يشعُّ في الخافقينِ. ويأبى اللهُ تعالى إلّا أنْ يُتمَّ نورَه ولو كرهَ المُدلّسونَ الحاقدونَ. ودمتُم سالِمينَ.