ما تقولون في التناقض الحاصل في احاديث مظلومية الزهراء عليها الصلاة و السلام؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , ما تقولون في التناقض الحاصل في احاديث مظلومية الزهراء عليها الصلاة و السلام؟ فإن الاخبار مضطربة فتارةً يضربها عمر ابن الخطاب لعنه الله وتارةً قنفذ وتارةً المغيرة بن شعبة وتارةً خالد ابن الوليد , فما سبب هذا الاختلاف وما هو الصحيح المتفق عليه؟ فإن زواج ام كلثوم من عمر رُدَ بسبب التناقض المتن وفي سبب الزواج وطريقة الزواج واختلاف المهر , ففي هذه الحالة الأولى هو رد حادثة كسر ضلع سيدة نساء العالمين عليها الصلاة و السلام , فما رد سماحتكم؟ وشكراً .

: اللجنة العلمية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مظلوميّةُ السّيّدةِ الزّهراءِ (عليها السّلام) منَ الأمورِ الثّابتةِ في مصادرِ السّنّةِ والشّيعةِ، وقَد ترتّبَ على ذلكَ مُقاطعةُ الزّهراءِ لأهلِ السّقيفةِ وهجرانُهم حتّى ماتَت كما صرّحَ بذلكَ البُخاريّ ومُسلمٌ، وكذلكَ أوصَت سلامُ اللهِ عليها بأن لا يشهدَ جنازتَها مَن ظلمَها واغتصبَ حقّها، أمّا تفاصيلُ ما حدثَ لها مِن هجومٍ على دارِها وإحراقِ البابِ وإسقاطِ الجنينِ وكسرِ الضّلعِ فقَد روَتهُ مصادرُ الفريقينِ، وليسَ في هذه الرّواياتِ تناقضٌ لا في مُجملِها ولا في تفاصيلِها، أمّا في الجُملةِ فهيَ مُتواترةٌ، وأمّا في التّفاصيلِ فقَد إتّفقَت الرّواياتُ في أصلِ الهجومِ على الدّارِ، كما إتّفقَت على حدوثِ إحراقِ البابِ أو محاولةِ حرقِه، كما إتّفقَت على كسرِ الضّلعِ وإسقاطِ الجنينِ، ولم نلحَظ رواياتٍ أُخرى قد ناقضَت هذهِ الأحداثَ، وهذا بخلافِ رواياتِ تزويجِ أمِّ كلثوم حيثُ إختلفَت الرّواياتُ بينَ حدوثِه وعدمِ حدوثِه مِنَ الأساسِ، كما أنَّ الرّواياتِ المُثبتةَ للزّواجِ قَد إضطربَت في وصفِ نفسِ الحادثةِ إلى درجةٍ تنتفِي معهَا الثّقةُ في حدوثِه، وعليهِ فإنَّ الإختلافاتِ التي تكشفُ عَن تناقضٍ ظاهرٍ في أصلِ وقوعِ الحادثةِ تكونُ مُوجبةً لرفضِها، أمّا وجودُ بعضِ الإختلافاتِ التي لا تُؤثّرُ في أصلِ الحادثةِ لا تقتضي التّشكيكَ في حدوثِها؛ لأنَّ طبيعةَ نقلِ الأحداثِ التّاريخيّةِ تقتضي بطبعِها ضياعَ بعضِ التّفاصيلِ أو الإختلافِ في بعضِ مُفرداتِها، ولا يعدُّ هذا تناقُضاً طالما يرجعُ ذلكَ إلى تعدُّدِ الرّواةِ أو إلى ما تقضيهِ طبيعةُ الحفظِ والنّسخِ، الأمرُ الذي يُؤدّي إلى بعضِ الإشتباهاتِ مثلَ الإشتباهِ في تحديدِ الأسماءِ، وبالتّالي إذا إتّفقَت الرّواياتُ على أصلِ الحادثةِ وما وقعَ فيها مِن تفاصيلٍ على نحوِ الجُملةِ فإنَّ بعضَ الإختلافاتِ فيها لا تُسمّى تناقُضاً ولا تستدعي نكرانَها، وفي ما يخصُّ رواياتِ مظلوميّةِ الزّهراءِ (سلامُ اللهِ عليها) لم نجِد أيّ روايةٍ تُعارضُها، لا مِن جهةِ أصلِ وقوعِ الحادثةِ ولا مِن جهةِ ما جاءَ فيها مِن تفاصيل، يقولُ الشّيخُ محمّد حُسين كاشفُ الغطاءِ عَن مظلوميّةِ الزّهراءِ (عليها السّلام): (طَفَحَت وَاستَفَاضَت كُتُبُ الشِّيعَةِ مِن صَدرِ الإِسلَامِ وَالقَرنِ الأَوَّلِ، مِثلُ كِتَابِ سُلَيمِ بنِ قَيسٍ، وَمِن بَعدِهِ إِلَى القَرنِ الحَادِيِ عَشَرَ وَمَا بَعدَهُ، بَل وَإِلَى يَومِنَا هَذَا، كُلُّ كُتُبِ الشِّيعَةِ الَّتِي عُنِيَت بِأَحوَالِ الأَئِمَّةِ، وَأَبِيهِم الآيَةِ الكُبرَى، وَأُمِّهِم الصَّدِيقَةِ الزَّهرَاءِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيهِم أَجمَعِينَ، وَكُلُّ مَن تَرجَمَ لَهُم، وَأَلَّفَ كِتَابًا فِيهِم، وَأَطبَقَت كَلِمَتُهُم تَقرِيبًا، أَو تَحقِيقًا فِي ذِكرِ مَصَائِبِ تِلكَ البَضعَةِ الطَّاهِرَةِ: أَنَّهَا بَعدَ رِحلَةِ أَبِيهَا المُصطَفَى ضَرَبَ الظَّالِمُونَ وَجهَهَا، وَلَطَمُوا خَدَّهَا، حَتَّى احمَرَّت عَينُهَا، وَتَنَاثَرَ قُرطُهَا، وَعُصِرَت بِالبَابِ حَتَّى كُسِرَ ضِلعُهَا، وَأَسقَطَت جَنِينَهَا، وَمَاتَت عَضُدُهَا،ثم أخذ شعراءُ أهلِ البيت سلامُ الله عليهم  هَذِهِ القَضَايَا والرَّزَايَا وَنَظَّمُوهَا فِي أَشعَارِهِم، ومَرَاثِيهِم، وَأَرسَلُوهَا إِرسَالَ المُسلِمَاتِ مِن الكُمَيتِ، وَالسَّيِّدِ الحِمَيرِي، ودِعبِلٍ الخُزَاعِي، والنُّمَيرِي، وَالسَّلَامِي، وَدِيكِ الجِنِّ، وَمِن بَعدِهِم، وَمِن قَبلِهِم إِلَى هَذَا العَصرِ...) (انظُر: جَنَّةَ المَأوَى 78 81). ويقول العلامة المظفر في دلائل الصدق: (يَكفِي فِي ثُبُوتِ قِصَّةِ الإِحرَاقِ رِوَايَةُ جُملَةٍ مِن عُلمَائِهِم لَهُ، بَل رِوَايَةُ الوَاحِدِ مِنهُم لَهُ، لَا سِيَّمَا مَعَ تَوَاتُرِهِ عِندَ الشِّيعَةِ. (انظُر: دَلَائِلَ الصِّدقِ ج3 قسم1).