لماذا لم يرجع الإمام عليّ (عليه السلام) أرض فدك لما ولي الخلافة, إذ كان بإمكانه إرجاعها بحكم كونه خليفة المسلمين ولا ينكر عليه أحد ؟

: السيد مهدي الجابري الموسوي

إنّما لم يرجع الإمام علي (عليه السلام) أرض فدك لمّا ولي الخلافة لعدة أمور نذكرها تباعا:

الأول: لم يرجعها لكون الغاصب والمغصوب قد وفدا على رب عدل حكم فيأخذ الحق ممن غصبه ويجازي المغصوب، فكَرِه الإمام (عليه السلام) أن يسترجع شيئا قد عاقب الله عليه غاصبه وأثاب عليه المغصوبة، وهذا ما ذكره الشيخ الصدوق: العلة التي من أجلها ترك أمير المؤمنين (عليه السلام) فدكا لمّا ولي الناس: بإسناده إلى أبي بصير عن الإمام الصادق (عليه السلام)، قال: «قلت له: لمَ لمْ يأخذ أمير المؤمنين (عليه السلام) فدك لمّا ولي الناس، ولأيّ علّة تركها؟ فقال: لأنّ الظالم والمظلومة قد كانا قدما على الله عز وجل، وأثاب الله المظلومة وعاقب الظالم، فكره أن يسترجع شيئاً قد عاقب الله عليه غاصبه وأثاب عليه المغصوبة»(1). 

الثاني: عدم إرجاع الإمام أرض فدك إنّما كان للاقتداء برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ذكر الشيخ الصدوق في الباب المذكور كجواب ثان غير الذي ذكره في أعلاه، رواه بإسناده إلى إبراهيم الكرخي قال: «سألت أبا عبد الله (عليه السلام) فقلت له: لأيّ علّة ترك أمير المؤمنين فدكا لمّا ولي الناس؟ فقال: للاقتداء برسول الله (صلى الله عليه وآله) لمّا فتح مكة، وقد باع عقيل بن أبي طالب داره، فقيل له: يا رسول الله ألا ترجع إلى دارك؟ فقال (صلى الله عليه وآله) وهل ترك عقيل لنا داراً، إنّا أهل بيت لا نسترجع شيئاً يؤخذ منّا ظلماً، فلذلك لم يسترجع فدكاً لمّا ولي».(2)

الثالث: أنّ الإمام (عليه السلام) عرف عنه- كما لا يخفى على السواد الأعظم- نبذ الظلم وإقامة العدل ودفع الظالم عن المظلوم، وهو وليّ المؤمنين يحكم لهم ويأخذ لهم حقوقهم ممن ظلمهم ولا يأخذ حقه ممن ظلمه؛ لعلمه بأنّ الله جل وعلا هو من يأخذ بحقه وينصره وهذا ما جاء في رواية ذكرها الشيخ الصدوق كجواب ثالث، بإسناده إلى علي بن الحسن بن فضّال عن أبيه عن الإمام الكاظم (عليه السلام) قال: «سألته عن أمير المؤمنين (عليه السلام) لمَ لمْ يسترجع فدكاً لمّا ولي الناس؟ فقال: لأنّا أهل بيت لا نأخذ حقوقنا ممّن ظلمنا إلا هو (يعني إلا الله)، ونحن أولياء المؤمنين، إنّما نحكم لهم، ونأخذ حقوقهم ممّن ظلمهم، ولا نأخذ لأنفسنا».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- (علل الشرائع 1 / 154، في باب 124)

2- المصدر نفسه