ماموقف الائمة من الفتوحات الاسلامية في البلدان الفارسية و الاوربيه و غيرهم هل كان حلال ام محرم وإن كان حلال فهل شارك احد الائمة في هذه الفتوحات ؟؟؟

: اللجنة العلمية

الأخُ المُحترمُ، السّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ 

بالنّسبةِ للحروبِ التي سُمّيَت بالفتوحاتِ والتي يذكرُها التّاريخُ فلا يمكنُ إعطاءُ حُكمٍ واحدٍ لكلِّ الحروبِ لكونِ هذا العنوان يجمعُ وقائعَ مُختلفةً تماماً مِن جهةِ دوافعِ القتال: 

فبعضُ هذهِ الحروبِ كانَت في حقيقةِ أمرِها دفاعيّةً كما في حروبِ المُسلمينَ معَ الرّومِ ومع الفُرسِ إذ كانَ هؤلاءِ يسعونَ للإنقضاضِ على بلادِ المُسلمينَ والفتكِ بها فكانَ التّصدّي لهُم دفاعاً عَن ثغورِ المُسلمين. 

وبعضُ هذهِ الحروبِ كانَت عدوانيّةً بامتياز، فلَم يكُن الغرضُ مِنها سِوى التّوسّعُ الإمبراطوريّ وجمعُ مزيدٍ منَ الثّرواتِ سواءٌ كانَت منَ الذّهبِ والأموالِ أو منَ العبيدِ والرّقيقِ كما هوَ الحالُ في فتوحِ إفريقيّة التي كانَ قادتُها يُصرّحونَ فيها بهذهِ الدّوافعِ: 

فقَد خطبَ خالدٌ بنُ الوليد مُرغِّباً النّاسَ في الفتحِ قائِلاً: ألا ترونَ إلى الطّعامِ كرفعِ التّرابِ، واللهِ لَو لَم يلزَمنا الجهادُ في اللهِ والدّعاءُ إلى اللهِ ولَم يكُن إلّا المعاشُ لكانَ الرّأيُ أن نُقارعَ هذا الرّيفَ حتّى نكونَ أولى بهِ ونولي الجوعَ والإقلال. (تاريخُ الطّبري 2/559) 

بَل كانَت هناكَ أسبابٌ سياسيّةٌ أُخرى لحثِّ النّاسِ على الفتوحِ، فقَد روى الحاكمُ في مُستدركِه حادثةَ مشاورةِ الخليفةِ الثّالث لوزرائِه على خلفيّةِ الحركةِ الإحتجاجيّة التي بدأَت في المدينةِ المُنوّرة ضدَّ سياساتِه، فقالَ لهُ أحدُ مُستشاريه: رأيي لكَ يا أميرَ المؤمنين أن تأمرَهم بجهادٍ يشغلُهم عنك. (تاريخُ الطّبري 3/373) 

فنحنُ أمامَ نوعينِ منَ الحروبِ عُنونَت بنفسِ العنوانِ والحكمُ عليها يتبعُ الُمعنونَ لا العنوانَ 

كما أنَّ هُناكَ أمراً آخرَ لابُدَّ مِن مُلاحظتِه: حُكمُنَا بشرعيّةِ أصلِ الحربِ لا يعني تسليمَنا بشرعيّةِ تفاصيلِها ومُجرياتِ أحداثِها، فقَد تكونُ الحربُ شرعيّةً بالأصِل ولا نزاعَ في ذلكَ ولكِنّ جنودَها وقادتَها قد يرتكبونَ أخطاءً فادحةً بَل يرتكبونَ ما يُصطلحُ عليهِ اليومَ بجرائمِ حربٍ أو جرائمَ ضدَّ الإنسانيّةِ! 

 

وأمَّا بالنّسبةِ لموقفِ أئمّةِ أهلِ البيتِ (عليهم السّلام) فلكَي تكونَ المُساهمةُ في الفتوحاتِ شرعيّةً فهُم (عليهم السّلام) قَد اِشترطُوا فيها شروطاً، فقَد وردَ عَن أميرِ المؤمنينَ عليه السّلام: لا يخرجُ المُسلمُ في الجهادِ معَ مَن لا يُؤمَنُ على الحُكمِ، ولا ينفِّذُ في الفيءِ أمرَ اللهِ عزَّ وجلَّ، فإنّهُ إن ماتَ في ذلكَ المكانِ كانَ مُعيناً لعدوِّنا في حبسِ حقِّنا والإشاطةِ بدمِنا وميتَتُه ميتةٌ جاهليّة. 

تهذيبُ الأحكامِ ج ٦ بابُ مَن يجبُ معهُ الجهادُ الحديث ٤ . 

ووردَ عَن الإمامِ الصّادقِ عليه السّلام أنّهُ قالَ لبعضِ أصحابِه: يا عبدَ الملكِ، مالي لا أراكَ تخرجُ إلى هذهِ المواضعِ التي يخرجُ إليها أهلُ بلادِك؟ قلتُ: وإلى أين؟ قالَ: جدّةَ وعبّادان والمصيصةَ وقزوين، فقلتُ: إنتظاراً لأمرِكُم والإقتداءِ بكُم، فقالَ عليه السّلام: إي واللهِ لَو كانَ خيراً ما سبقونا إليه. 

الكافي ج : 5 ص : 19