ما الفرقُ بينَ الهدايةِ الفِطريّةِ والهدايةِ القوليّةِ؟

أبو مُصطفى/: السّلامُ عليكُم .. أرجو بَيانَ الفَرقِ بينَ الهدايةِ الفِطريّةِ والهدايةِ القوليّةِ معَ وافرِ الشّكرِ.

: اللجنة العلمية

الأخُ أبو مُصطفى المُحترمُ، السّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ

إنَّ الفرقَ بينَ الهدايتينِ هوَ أنَّ الهدايةَ الفطريّةَ عامّةٌ بالغةٌ لا يُستثنَى مِنهَا إنسانٌ لأنّهَا لازمُ الخلقةِ الإنسانيّةِ وهيَ في الأفرادِ بالسّويّةِ غيرَ أنّهَا رُبّما تَضعفُ أو يُلغى أثرُهَا لعواملَ وأسبابٍ تشغلُ الإنسانَ وتصرفُهُ عنِ التّوجّهِ إلى ما يَدعو إليهِ عقلهُ وتهديهِ إليهِ فطرتهُ أو ملكاتٌ وأحوالٌ رديئةٌ سيّئةٌ تمنعُهُ عَن إجابةِ نداءِ الفطرةِ كالعنادِ واللّجاجِ وما يشبهُ ذلكَ، قالَ تعالى: "أفرأيتَ مَن اِتّخذَ إلههُ هواهُ و أضلّهُ اللهُ على علمٍ وختمَ على سمعهِ وقلبهِ وجعلَ على بصرهِ غشاوةً فمَن يهديهِ مِن بعدِ اللهِ": الجاثيةُ: 23، والهدايةُ المنفيّةُ في الآيةِ بمعنَى الإيصالِ إلى المطلوبِ دونَ إراءةِ الطّريقِ بدليلِ قولهِ: "وأضلّهُ اللهُ على علمٍ".

وأمَا الهدايةُ القوليّةُ وهيَ التي تتضمّنُهَا الدّعوةُ الدّينيّةُ فإنَّ مِن شأنِهَا أنْ تبلُغَ المُجتمعَ فتكونَ في معرضٍ مِن عقولِ الجماعةِ فيرجعُ إليهَا مَن آثرَ الحقَّ على الباطلِ، وأمّا بلوغُهَا لكُلِّ واحدٍ واحدٍ منهُم فإنَّ العِللَ والأسبابَ التي يُتوسّلُ بهَا إلى بَيانِ أمثالِ هذهِ المقاصدِ رُبّمَا لا تُساعدُ على ذلكَ على ما في الظّروفِ والأزمنةِ والبيئاتِ مِنَ الإختلافِ وكيفَ يُمكنُ لإنسانٍ أن يَدعُوَ كُلَّ إنسانٍ إلى ما يُريدُ بنفسهِ أو بوسائطَ مِن نوعهِ؟ فمِنَ المُتعذّرِ ذلكَ جِدّاً.

وإلى المعنَى الأوّلِ أشارَ تعالى بقولِهِ: "وإنْ مِنْ أمّةٍ إلّا خلا فيهَا نذيرٌ" : فاطِر: 24، وإلى الثّاني بقولهِ: "لتُنذرَ قوماً مَا أُنذِرَ آباؤُهُم فهُم غافلونَ": يس: 6. [راجِع تفسيرَ الميزانِ]