سؤالٌ عن قبرِ عليّ وقبرِ الحسينِ ( عليهِما السّلام )

رائد رائد/: هلْ قبرُ الإمامِ عليّ بنِ أبي طالبٍ -رضيَ اللهُ عنه- معلومٌ ؟ أم مجهولٌ ؟ أم مُختَلفٌ فيه ؟ وكذا قبرُ إبنهِ الحسين -رضيَ اللهُ عنه- ؟ مع ذكرِ الدّليلِ .

: اللجنة العلمية

الأخُ رائدٌ المحترمُ, السّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ

أمّا قبرُ أميرِ المؤمنينَ عليّ ( عليهِ السّلامُ ) فهوَ هذا القبرُ المعروفُ المشهورُ في النّجفِ ، والذي يزورهُ يوميّاً عشراتُ الألوفِ منَ المؤمنينَ منْ شتّى أقطارِ الأرضِ ، وهو ما أثبتَهُ علماءُ الإماميّةِ ( أعزّهمُ اللهُ ) مُستندينَ في ذلكَ إلى عشراتِ الأدّلةِ منَ الرّواياتِ وأقوالِ المؤرخينَ والعلماءِ ومُتتبّعي الآثارِ ، ويمكنكَ الإطّلاعُ على ذلكَ كلّهِ في كتابِ " فرحةُ الغري في تعيينِ قبرِ أميرِ المؤمنينَ علي ( عليهِ السّلام ) " لمؤلّفهِ عبدِ الكريمِ بنِ طاووس .

نعم ،  ظهرَتْ دَعوى مضادّةٌ لهذهِ الدّعوى مفادُها أنَّ هذا القبرَ ( في النّجف ) هو للمغيرةِ بنِ شعبةَ ، صرّحَ بها البعضُ في كتبهِ ، ولكنّها عندَ التّحقيقِ والبحثِ العلميّ لا تصمدُ كثيراً ؛ لأنّ المغيرةَ دُفِنَ في الثّويّةِ ، كما صرّحَ بهِ المؤرّخون ، والثّويّةُ هيَ في الكوفةِ وليستْ في النّجفِ ( التي دُفِنَ فيها أميرُ المؤمنينَ عليهِ السّلام ) وبينَهُما مسافةُ عشرةِ كيلومترات ، وأحدُهما غيرُ الآخر .

جاءَ في " تأريخِ بغداد " للخطيبِ البغدادي : ( أخبرني الحسنُ بنُ أبي بكرٍ قالَ : كتبَ إليَّ محمدٌ بنُ إبراهيمَ الجوري أنّ أحمدَ بنَ حمدان بنِ الخضرِ أخبرَهُم قال : نبّأنا أحمدُ بنُ يونسَ الضبّيّ حدّثني أبو حسّان الزّيادي ، قالَ : سنةَ خمسين فيها ماتَ المغيرةُ بنُ شعبةَ في شعبان ، ودُفِنَ بالكوفةِ بموضعٍ قالَ لهُ الثّويّة) .[ تاريخ بغداد 1: 206]

وجاءَ في " معجمِ البلدانِ " للحمويّ  : ( الثّويّة : بالفتحِ ثمّ الكسر ، وياءٌ مشدّدةٌ ، ويقالُ الثّويّةُ بلفظِ التّصغير : موضعٌ قريبٌ منَ الكوفةِ ، وقيلَ بالكوفةِ ، وقيلَ خريبةٌ إلى جانبِ الحيرةِ على ساعةٍ منها ، ذكرَ العلماءُ أنّها كانتْ سجناً للنّعمانِ بنِ المُنذر ، كانَ يحبسُ بها منْ أرادَ قتلَهُ ، فكانَ يُقالُ لِمَنْ حُبِسَ بها ثَوى أي أقام ، فسُمّيَتْ الثّويّةُ بذلك ، وقالَ إبنُ حبّان : دُفِنَ المغيرةُ بنُ شعبةَ بالكوفةِ بموضعٍ يُقالُ لهُ الثّويّة ، وهناكَ دُفِنَ أبو موسى الأشعري في سنةِ خمسين ) . انتهى [ معجمُ البلدان : 2: 87 ] 

 وروى ابنُ الأثيرِ في "النّهايةُ في غريبِ الحديث"  عندَ ذكرِ الثّويّةِ قال: ( وهيَ بضمِّ الثّاءِ وفتحِ الواو وتشديدِ الياء، ويُقالُ بفتحِ الثّاءِ وكسرِ الواو: موضعٌ بالكوفة بهِ قبرُ أبي موسى الأشعري، والمغيرةِ بنِ شعبةَ) . انتهى [ النّهايةُ في غريبِ الحديث 1: 231 ] 

أمّا قبرُ الحسينِ ( عليهِ السّلام ) فأمرهُ أوضَحُ منْ أنْ يُبحثَ فيه ، فالكلُّ يشهدُ بأنّ واقعةَ الطّفِّ التي استُشهِدَ فيها الإمامُ الحسينُ ( عليهِ السّلام ) هيَ أرضُ كربلاءَ وليستْ مكاناً آخرَ ، وأنّ دفنَ الأجسادِ الطّواهرِ قد تمّ في كربلاءَ وليسَ في مكانٍ آخر . 

نعم ، حصلَ الخلافُ في الرّأسِ الشّريفِ للحسينِ ( عليهِ السّلام ) هل أنّهُ ألحقُّ بالجسدِ الشّريفِ بعدَ رحلةِ السّبيّ المعروفةِ أو لا ؟!

توجدُ عدّةُ أقوالٍ في الموضوعِ ، فبعضُها يقولُ إنّهُ دُفِنَ في دمشق ، وبعضُها يقولُ أنّهُ دُفِنَ في المدينةِ وبعضُها يقولُ إنّهُ دُفِنَ في مصرَ وغيرِ ذلك ، ولكنَّ أبرزَ هذهِ الأقوالِ وأشهرَها عند مُحقّقي علماءِ الإماميّةِ وعندَ علماءِ أهلِ السُّنّةِ  أنّهُ أُلحِقَ بالجسدِ الشّريفِ  في كربلاء  .

قالَ الشّيخُ الصّدوقُ ( رحمهُ اللهُ ) :  (خرجَ عليُّ بنُ الحسينِ عليهِ السّلامُ بالنّسوةِ (مـــنَ الشّام) وردَّ رأسَ الحسينِ عليهِ السّلامُ إلى كربلاء)[ الأمالي : 232]

وجاءَ عنْ سبطِ بنِ الجوزي : (إختلفوا في الرّأسِ على أقوالٍ: أشهرُها أنّهُ رُدَّ إلى المدينةِ معَ السّبايا، ثمّ رُدَّ إلى الجسدِ بكربلاءَ فدُفِنَ معهُ، قالهُ هشامٌ وغيرُه) [ تذكرةُ الخواص 2: 206] 

ودُمتُم سالِمين.