لولا الشّيعةُ وأئمّتهُم لاندرسَ الإسلامُ كلّهُ

أسماء/: الشّيعةُ لا علاقةَ لهُم بالإسلامِ بَل هُم ضدَّ الإسلامِ ويحاربونهُ ليلاً ونهاراً أمَّا المسلمونَ فهُم مَن نقلوا القرآنَ الكريمَ وسنّةَ محمّدٍ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ الصّحيحةَ مِن عدلٍ ضابطٍ ثقةٍ عَن مثلهِ إلى مُنتهاهُ بدونِ شذوذٍ ولا علّةٍ.

: اللجنة العلمية

الأختُ أسماءٌ المحترمةُ، السّلامُ عليكمُ ورحمة اللهِ وبركاتهُ 

الشّيعةُ هُم أتباعُ الثّقلينِ: الكتابِ الكريمِ والعترةِ الطّاهرةِ، ولولا الشّيعةُ وأئمّتهُم (عليهمُ السّلامُ) لانْدرَسَ الإسلامُ  وضاعتِ السّنّةُ النّبويّةُ تماماً، فهَا هوَ إمامهُم أميرُ المؤمنينَ عليٌّ (عليهِ السّلامُ) يقولُ: سلونِي، فواللهِ لا تسألونِي عَن شيءٍ يكونُ إلى يومِ القيامةِ إلّا حدّثتكُم بهِ، وسلونِي عَن كتابِ اللهِ فواللهِ مَا مِن آيةٍ إلّا وأنا أعلمُ بليلٍ نزلَت أم بنهارٍ أم بسهلٍ نزلَت أم بجبلٍ. [جامعُ بيانِ العلمِ 1:464، يرويهِ بإسنادٍ صحيحٍ].

بينمَا كانَ الصّحابةُ يتردّدونَ فِي الإجابةِ على أيّ سؤالٍ يُطرحُ عليهِم، يقولُ إبنُ أبي ليلى: أدركتُ مائةً وعشرينَ مِنَ الأنصارِ مِن أصحابِ رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ) يُسْألُ أحدهُم عَن المسألةِ، فيردّهَا هذا إلى هذا حتّى ترجعَ إلى الأوّلِ، ومَا منهُم مِن أحدٍ يحدّثُ بحديثٍ أو يسألُ عَن شيءٍ إلّا ودَّ أخاهُ كفَاهُ.  [سُننُ الدّارميّ 1:65].

والفرقُ واضحٌ جدّاً بينَ الموقفينِ: بينَ موقفِ الصّحابةِ منَ الإجابةِ على المسائلِ التي يتعرّضونَ إليهَا وموقفِ أميرِ المؤمنينَ عليٍّ (عليهِ السّلامُ) فِي ذلكَ. فمَا هوَ سببُ إحجامِ الصّحابةِ عَن إجابةِ السّائلينَ على أسئلتهِم؟

الأمرُ لا يخلو مِن إحدى اثنتينِ: إمّا هوَ عدمُ وجودِ حديثٍ عندهُم لرسولِ الله ِ(صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ) فِي المسألةِ المسؤولِ عنهَا، أو يوجدُ حديثٌ لكنّهُم - خشيةَ التّورّطِ فِي بيانٍ غيرِ صحيحٍ - يحجمونَ عنِ الإجابةِ، ومِن هُنا احْتاجتِ الأمّةُ إلى مُبيّنٍ للأحكامِ بعدَ رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ) ينقذُ الصّحابةَ والأمّةَ مِن حيرتهِم هذهِ، فمَن هوَ هذا الشّخصُ أو الأشخاصُ الذينَ يبيّنونَ للأمّةِ الأحكامَ بعدَ رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ)؟

لقَد أوضحَ هذا المطلبَ ببيانٍ واضحٍ وصريحٍ النّبيُّ الأعظمُ صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ) حينَ قالَ: {إنِّي تاركٌ فيكُم مَا إن تمسكتُم بهِ لن تضلّوا بعدي أحدهمَا أعظمُ منَ الآخرِ: كتابَ اللهِ، حبلٌ ممدودٌ منَ السّماءِ إلى الأرضِ، وعترتِي أهلَ بيتِي ولَن يتفرّقَا حتّى يردَا عليَّ الحوضَ، فانظرُوا كيفَ تخلفونِي فيهمَا}. [مُختصرُ صحيحِ الجامعِ الصّغيرِ للسّيوطيّ والألبانيّ، رقمُ الحديثِ 1726-2458].

وحينَ قالَ: {إنِّي تاركٌ فيكُم خليفتينِ: كتابَ اللهِ، حبلٌ ممدودٌ مَا بينَ الأرضِ والسّماءِ، وعترتِي أهلَ بيتِي، وإنّهمَا لن يَتفرّقا حتّى يردَا عليَّ الحوضَ}. [صحيحُ الجامعِ الصّغيرِ للألبانيّ 1:482، مسندُ أحمدَ بنِ حنبلٍ، برقمِ: 21654، تصحيحُ شُعيبَ الأرنؤوط].

فهذا الحديثُ العظيمُ، المعروفُ بحديثِ الثّقلينِ، والذي صحّحهُ على اختلافِ طُرقهِ وألفاظهِ الكثيرُ مِن جهابذةِ الحديثِ عندَ أهلِ السّنّةِ أمثالُ إبنِ حجرٍ العسقلانيّ والهيتميّ وابنِ كثيرٍ والطحاويّ والحاكمِ والبوصيريّ وشُعيبِ الأرنؤوط. [انظُر على التّرتيبِ: المطالبُ العاليةُ 4:65 برقمِ 3972، الصّواعقُ المُحرقةُ 2:439، تفسيرُ ابنِ كثيرٍ 12: 271، شرحُ مُشكِلِ الآثارِ 5 :18، المُستدركُ على الصّحيحينِ 3: 148، إتحافُ الخيرةِ المهرةِ 9: 279، مُسندُ أحمدَ - تصحيحُ الأرنؤوطِ - حديثٌ رقمُ 11104].

فالشّيعةُ تابعُوا أهلَ البيتِ (عليهمُ السّلامُ) وأخذُوا عنهُم أحكامَ دينهِم، وهوَ مَا اعترفَ بهِ إبنُ تيميّةَ، قالَ فِي كتابهِ "منهاجُ السّنّةِ النّبويّةِ" ج5 ص162: (وأمَّا شرعيّاتهُم فعمدتهُم فيهَا على مَا يُنقلُ عَن بعضِ أهلِ البيتِ، مثلَ أبِي جعفرٍ الباقرِ وجعفرٍ بنِ محمّدٍ الصّادقِ وغيرهمَا). انتهى.

ولكَ أن تسألَ هُنا: هلِ الشّيعةُ صادقونَ فِي هذا الأخذِ والنّقلِ عَن أئمّةِ أهلِ البيتِ (عليهمُ السّلامُ) أم لا؟

يجيبُ إبنُ تيميّةَ نفسهُ فِي كتابهِ "مسألةُ تعليقِ الطّلاقِ" ص698: (فليسَ الغالبُ فيمَا ينقلونهُ عَن هؤلاءِ الأئمّةِ مِن مسائلِ الشّرعِ الكذبَ، بَلِ الغالبُ عليهِ الصّدقُ). انتهى.

وبمثلهِ صرّحَ إبنُ قيّمٍ الجوزيّةَ الذي قالَ فِي كتابهِ "الصّواعقُ المرسلةُ": (الوجهُ التّاسعُ: إنَّ فقهاءَ الإماميّةِ مِن أوّلهِم إلى آخرهِم ينقلونَ عَن أهلِ البيتِ أنّهُ لا يقعُ الطّلاقُ المحلوفُ بهِ وهذا متواترٌ عندهُم عَن جعفرٍ بنِ محمّدٍ وغيرهِ مِن أهلِ البيتِ وهَبْ أنَّ مُكابراً كذّبهُم كلَّهُم وقالَ قَد تواطئُوا على الكذبِ عَن أهلِ البيتِ ففِي القومِ فُقهاءُ وأصحابُ علمٍ ونظرٍ فِي اجتهادٍ وإن كانُوا مخطئينَ مُبتدعينَ فِي أمرِ الصّحابةِ فلا يوجبُ ذلكَ الحُكمَ عليهِم كلّهِم بالكذبِ والجهلِ وقَد روى أصحابُ الصّحيحِ عَن جماعةٍ منَ الشّيعةِ وحَملوا حديثهُم واحتجَّ بهِ المسلمونَ). انتهَى. [الصّواعقُ المُرسلةُ 1:616، 617].

فهَل يحقُّ بعدَ هذا أن يأتيَ أحدٌ ويقولُ عَنِ الشّيعةِ ليسُوا بمسلمينَ؟ اللّهمَّ إلّا أن يكفِّرُوا أئمّةَ أهلِ البيتِ (عليهمُ السّلامُ) أيضاً، أو يكذّبُوا علماءَهُم كابنِ تيميّةَ وابنِ قيّمٍ الجوزيّة؟

وليسَ هذا فقط، أي ليسَ الشّيعةُ هُم ثقاتٌ وصادقونَ فِي نقلهِم عَن أئمّةِ أهلِ البيتِ (عليهمُ السّلامُ) فِي مسانيدِ الشّيعةِ الحديثيّةِ، بَل هُم ثقاتٌ وصادقونَ عندَ علماءِ أهلِ السّنّةِ فِي مسانيدهِم وصحاحهِم أيضاً، فقَد روى كبارُ المحدّثينَ مِن أهلِ السّنّةِ كالبُخاريّ ومسلمٍ عنهُم، فهذا عُبيدُ اللهِ بنُ موسَى بنِ أبِي المُختارِ، الّذِي يصفهُ إبنُ حجرٍ بأنّهُ مِن كبارِ شيوخِ البُخاريّ [فتحُ البارِي - لابنِ حجرٍ - ، المقدّمةُ: 422]، وكانَ أحمدُ ابنُ حنبلٍ يدلُّ النّاسَ عليهِ لأخذِ الحديثِ عنهُ [سيرُ أعلامِ النّبلاءِ 9: 557، الرّقمُ 215]، كانَ معروفاً بالرّفضِ والتّشيّعِ [المصدرُ السّابقُ]، قالَ عنهُ إبنُ معينٍ: ثقةٌ [الجرحُ والتّعديلُ ٥:٣٣٤، الرّقمُ ١٥٨٢]، وقالَ عنهُ الذّهبيّ: عبيدُ اللهِ بنُ موسَى بنُ أبي المُختارِ، باذام، الامامُ، الحافظُ، العابدُ، أبو محمّدٍ العبسيّ ـ بموحدة ـ مولاهُم الكوفيّ [سيرُ أعلامِ النّبلاءِ ٩: ٥٥٣، الرّقمُ ٢١٥]، وقالَ إبنُ العمادِ الحنبليّ: وكانَ إماماً فِي الفقهِ والحديثِ والقرآنِ، موصوفاً بالعبادةِ والصّلاحِ، لكنّهُ مِن رؤوسِ الشّيعةِ. [شذراتُ الذّهبِ ٢: ٢٩].

 وذكرَ إبنُ الأثيرِ فِي "الكاملُ فِي التّاريخِ" فِي حوادثِ سنةِ 219هـ: (وفيهَا توفّيَ أبو نعيمٍ الفضلُ بنُ دكينٍ الملائيّ مولى طلحةَ بنُ عبدِ اللهِ التّيميّ فِي شعبانَ وهوَ مِن مشايخِ البخاريّ ومسلمٍ كانَ مولدهُ سنةَ ثلاثينَ ومائةَ وكانَ شيعيّاً). [الكاملُ فِي التّاريخِ 6: 445].

وقالَ إبنُ الأثيرِ فِي الكاملِ فِي حوادثِ سنةِ 230 وفيهَا ماتَ عليٌّ بنُ الجعدِ أبو الحسنِ الجوهريّ وكانَ عمرهُ ستّاً وتسعينَ سنةً، وهوَ مِن مشايخِ البُخاريّ، وكانَ يتشيّعُ. انتهى.

وعنِ الخطيبِ البغداديّ فِي كتابهِ "الكفايةُ فِي علمِ الرّوايةِ": (أخبرنَا محمّدٌ بنُ أحمدَ بنِ يعقوبَ أنَّ محمّد بنَ نعيمٍ الضّبيّ قالَ سمعتُ أبا عبدِ اللهِ محمدٍ بنِ يعقوبَ وسُئلَ عَنِ الفضلِ بنِ محمّدٍ الشّعرانيّ فقالَ: صدوقٌ فِي الرّوايةِ إلّا أنّهُ كانَ مِنَ الغالينَ فِي التّشيّعِ قيلَ لهُ فقَد حدّثتَ عنهُ فِي الصّحيحِ، فقالَ: لأنَّ كتابَ أستاذي ملآنٌ مِن حديثِ الشّيعةِ يعنِي مسلماً بنَ الحجّاجِ). انتهى.  [الكفايةُ فِي علمِ الرّوايةِ: 159].

وهذا شعبةُ، المُسمّى بأميرِ المؤمنينَ فِي الحديثِ عندَ أهلِ السّنّةِ، تجدُ أنَّ معتمدهُ فِي الرّوايةِ وثقاتهُ إنّمَا هُم نفرٌ يسيرٌ مِنَ الشّيعةِ، فقَد نقلَ إبنُ أبي حاتمٍ الرّازيّ، والذّهبيّ عَن جريرٍ قولهُ: لمّا وردَ شعبةُ البصرةَ قالوا لهُ: حدّثْنا عَن ثقاتِ أصحابكَ، قالَ: إنْ حدّثتكُم عَن ثقاتِ أصحابِي فإنّمَا أحدّثكُم عَن نفرٍ يسيرٍ مِن هذهِ الشّيعةِ، الحكمُ بنُ عتيبةَ، وسلمةَ بنِ كهيلٍ، وحبيبٍ بنِ أبي ثابتٍ، ومنصورٍ. انتهى. [الجرحُ والتّعديلُ - ابنُ أبِي حاتمٍ - 1:139، وسيرُ أعلام ِالنّبلاءِ 5:299]، هذا إذا لم نقُلْ أنَّ شعبةَ نفسهُ هوَ منَ الشّيعةِ كمَا يذهبُ إليهِ إبنُ قتيبةَ والشّهرستانيّ. [راجِع: المعارفُ: ٦٢٤، والمللُ والنّحلُ:١ :١٧٠].

وإذا حاولَ البعضُ أن يتفذلكَ ويفرّقَ بينَ التّشيّعِ والرّفضِ، فنقولُ هذا البُخاريّ يروي عنِ الأعمشِ 340 روايةً، والأعمشُ نقلَ أحمدُ بنُ حنبلٍ فِي "العللِ" عنِ بنِ بزريعَ: (وكانَ واللهِ خربيّاً سبئيّاً واللهِ لولا أنَّ شُعبةَ حدّثَ عنهُ مَا رويتُ عنهُ حديثاً أبداً). [العللُ ومعرفةُ الرّجالِ 2:342]، ويقولُ عنهُ الجوزجانيّ: (كانَ مِن أهلِ الكوفةِ قومٌ لا يحمدُ النّاسُ مذاهبهُم، هُم رؤوسُ محدّثِي الكوفةِ، مثلُ أبي إسحاقَ ومنصورٍ، وزبيدٍ الياميّ، والأعمشِ، وغيرهِم مِن أقرانهِم، إحتملهمُ النّاسُ لصدقِ ألسنتهِم فِي الحديثِ). [ميزانُ الاعتدالِ 2:66].

هذا وقَد نصَّ على تشيّعِ الأعمشِ جملةٌ مِن علماءِ أهلِ السّنّةِ كابنِ قتيبةَ فِي "المعارفِ" [المعارفُ: 139]، والشّهرستانيّ فِي "المللِ والنّحل" [المللُ والنّحلُ 1:133]، وابنُ حجرٍ عنِ المزيّ فِي "تهذيبِ التّهذيبِ" [تهذيبُ التّهذيبِ 4: 223]، والعجليّ فِي "تاريخِ الثّقاتِ" [تاريخُ الثّقاتِ 11: 204]، بّل صرّحَ بعضهُم بأنّهُ شيعيٌّ إماميٌّ، وكانَ يُمارسُ التّقيّةَ معَ أهلِ السّنّةِ [التّضليلُ والتّحريفُ فِي كتابِ إحياءِ علومِ الدّينِ للدّكتورِ كبير علال].

ولئِن زادَ البعضُ فِي فذلكتهِ وأدّعَى أنَّ البخاريّ لا يروي عنِ الشّيعةِ فِي الأصولِ وإنّمَا يروِي عنهُم فِي المُتابعاتِ والشّواهدِ، فهذهِ نخبةٌ يسيرةٌ جدّاً منَ الرّواةِ الشّيعةِ، وبالأخصِّ الذينَ نصَّ علماءُ أهلِ السّنّةِ على كونهِم من الرّوافضِ بحسبِ اصطلاحاتهِم فِي التّفرقةِ بينَ الشّيعيّ والرّافضيّ، كمَا سيأتِي بيانهُ.

1.عبيدُ اللهِ بنُ موسَى: وهوَ مِن كبارِ مشائخِ البُخاريّ بشهادةِ ابنِ حجرٍ فِي فتحِ الباري فِي المقدّمةِ [مقدّمةُ فتحِ البارِي: 422]، جاءَ فِي "سيرةِ أعلامِ النّبلاءِ" للذّهبيّ: قالَ إبنُ منده: كانَ أحمدُ بنُ حنبلٍ يدلُّ النّاسَ على عبيدِ اللهِ وكانَ معروفاً بالرّفضِ، لم يدَعْ أحداً أسمَهُ معاويةَ يدخلُ دارهُ، فقيلَ: دخلَ عليهِ معاويةُ بنُ صالحٍ الأَشعريّ فقال: ما أسمكَ؟  قالَ: معاويةُ، قالَ: واللهِ لا حدّثتكُ، ولا حدّثتُ قوماً أنتَ فيهِم. [سيرُ أعلامِ النّبلاءِ 9: 556].

وعنِ ابنِ حجرٍ فِي "تهذيبِ التّهذيبِ": قالَ يعقوبُ بنُ سفيانَ: شيعيٌّ، وإن قالَ قائلٌ: رافضيٌّ لم أنكِر عليهِ، وهوَ منكَرُ الحديثِ.

وقالَ الجوزجانيّ: وعبيدٌ بنُ موسى أغلى، وأسوءُ مذهباً، وأروى للعجائبِ. [تهذيبُ التّهذيبِ 7: 48]. انتهى.

نقولُ: هذا الرّافضيُّ، السّيّءُ المذهبِ، الرّاوي للعجائبِ، كانَ يروي لهُ البخاريّ فِي الأصولِ دونَ المُتابعاتِ  [أي يروي لهُ فِي صدرِ البابِ دونَ الأحاديثِ التي تأتِي بعدَ ذلكَ مِمَّا يسمّونهُ بالمتابعةِ التّامّةِ أو القاصرةِ على تفصيلٍ عندهُم]، وهذهِ جملةٌ مِن مرويّاتهِ: 

ـ بابُ مَن تركَ الاختيارَ مخافةَ أن يقصّرَ منهُم بعضُ النّاسِ عنهُ، فيقعُوا فِي أشدَّ منهُ.

حدّثنَا عُبيدُ اللهِ بنُ موسَى عَن إسرائيلَ عَن أبي إسحاقَ الأسودِ، قالَ.. إلخ [صحيحُ البخاريّ 1 :40].

ـ بابُ مَن خصَّ بالعلمِ قوماً دونَ قومٍ كراهةَ أن لا يفهمُوا وقالَ عليٌّ حدّثُوا النّاسَ بمَا يعرفونَ أتحبّونَ أن يُكذّبَ اللهُ ورسولهُ.

حدّثنَا عُبيدُ اللهِ بنُ موسَى عَن معروفٍ بنِ خربوذَ عن أبي الطّفيلِ عَن عليٍّ بذلكَ [صحيحُ البُخاريّ 1: 41].

ـ بابُ المرأةِ تطرحُ عنِ المُصلّي شيئاً منَ الأذى.

حدّثنَا أحمدُ بنُ إسحاقَ مارِي قالَ حدّثنَا عبيدُ الله ِبنُ موسَى قالَ حدّثنا إسرائيلُ عَن أبِي إسحاقَ عَن عمرو بنِ ميمونٍ عَن عبدِ اللهِ.. [صحيحُ البخاريّ 1: 131ٍ].

ـ بابُ أيّ الرّقابِ أفضلُ.

حدّثنَا عبيدُ اللهِ بنُ موسَى عَن هشامٍ بنِ عروةَ عَن أبيهِ عَن أبِي مرواحٍ... إلخ [صحيحُ البخاريّ 2: 220].. وتوجدُ رواياتٌ غيرهَا كثيرةٌ رواهَا البخاريّ عَن عبيدِ اللهِ بنِ موسَى في الأصولِ دونَ المُتابعاتِ والشّواهدِ.

2.خالدٌ بنُ مخلدٍ: وهوَ مِن مشايخِ البُخاريّ أيضاً.

قالَ الحافظُ فِي "تهذيبِ التّهذيبِ": وقالَ إبنُ سعدٍ: كانَ مُتشيّعاً منكَرَ الحديثِ، فِي التّشيّعِ مُفرِطاً، وكتبُوا عنهُ للضّرورةِ... وقالَ صالحٌ بنُ محمّدٍ جزرةٍ: ثقةٌ فِي الحديثِ إلّا أنُّه كانَ مُتّهماً بالغلوّ.

وقالَ الجوزجانيّ: كانَ شتّاماً مُعلِناً لسوءِ مذهبهِ.

وقالَ الأعينُ: قلتُ لهُ: عندكَ أحاديثُ فِي مناقبِ الصّحابةِ؟ قالَ: قُل فِي المثالبِ أوِ المثاقبِ ـ يعنِي بالمثلّثةِ لا بالنّونِ ـ انتهى. [تهذيبُ التّهذيبِ 3:102].

ولا يخفَى أنَّ قولَهُم مُتشيّعٌ مفرطٌ وغالٍ وشتّامٌ والرّاوي لمثالبِ الصّحابةِ.. هيَ صفاتُ مَن يسمّونهُ بالرّافضيّ عندهُم.

ذكرَ إبنُ حجرٍ العسقلانيّ فِي "مقدّمةِ فتحِ الباري": (والتّشيّعُ محبّةُ عليٍّ وتقديمهُ على الصّحابةِ، فمَن قدّمهُ على أبِي بكرٍ وعمرَ فهوَ غالٍ فِي تشيّعهِ، ويُطلقُ عليهِ رافضيٌّ، وإلّا فشيعيٌّ، فإن أُضيفَ إلى ذلكَ السّبِّ أو التّصريحِ بالبغضِ فغالٍ فِي الرّفضِ). [مُقدّمةُ فتحِ الباري: 460]. انتهى

نقولُ: هذا الشّتّامُ، الرّاوي لمثالبِ الصّحابةِ، والغالِي فِي تشيّعهِ، روى لهُ البخاريّ فِي الأصولِ دونَ المُتابعاتِ:

ـ بابُ طرحِ الإمامِ المسألةَ على الأصحابِ ليختبرَ ما عندهُم مِنَ العلمِ.

حدّثنَا خالدٌ بنُ مخلدٍ، حدّثنَا سليمانُ، حدّثنَا عبيدُ اللهِ بنُ دينارٍ... إلخ [صحيحُ البخاريّ 1: 22].

ـ بابُ الوضوءِ مِنَ التّورِ.

حدّثنَا خالدٌ بنُ مخلدٍ، قالَ حدّثنا سليمانُ، قالّ حدّثنا عمرو بنُ يحيى عَن أبيهِ... إلخ [صحيحُ البُخاريّ 1: 57].

ـ بابُ المدينةِ طابة.

حدّثنا خالدٌ بنُ مخلدٍ، حدّثنا سليمانُ، حدّثنِي عمرو بنُ يحيى عَن عبّاسٍ بنِ سُهيلٍ بنِ سعدٍ.. إلخ [صحيحُ البُخاريّ 2:221].

ـ بابُ الرّيّانِ للصّائمينَ.

حدّثنَا خالدٌ بنُ مخلدٍ، حدّثنا سليمانُ بنُ بلالٍ، قالَ حدّثنِي أبو حازمٍ... إلخ [صحيحُ البخاريّ 2: 226]، ويوجدُ غيرهَا كثيرٌ.

3.محمّدٌ بنُ فضيلٍ.

قالَ المزيّ فِي "تهذيبِ الكمالِ": (وقالَ أبو داودَ: كانَ شيعيّاً مُحترقاً.

وقالَ النّسائيّ: ليسَ بهِ بأسٌ.

وذكرهُ ابنُ حبّانٍ فِي كتابِ الثّقاتِ، وقالَ: كانَ يغلو فِي التّشيّعِ). [تهذيبُ الكمالِ 26: 297و298]. انتهى.

والغالِي في التّشيّعِ هوَ الرّافضيّ حسبَ بيانِ ابنِ حجرٍ فِي "مقدّمةِ فتحِ الباري" التي تقدّمَ بيانُها، وهذا الرّافضيّ مِمَّن روى لهُ البخاريّ فِي الأصولِ دونَ المُتابعاتِ، وإليكَ بعضُ الأَمثلةِ:

ـ بابُ صومِ رمضانَ احتساباً منَ الإيمانِ.

حدّثنا إبنُ سلامٍ قالَ أخبرنَا محمّدٌ بنُ فضيلٍ قالَ حدّثنا يحيى بنُ سعيدٍ عَن أبي سلمةَ... إلخ [صحيحُ البخاريّ 1: 15].

ـ بابُ الأذانِ بعدَ ذهابِ الوقتِ.

حدّثنا عُمرانُ بنُ ميسرةَ قالَ حدّثنا محمّدٌ بنُ فضيلٍ قالَ حدّثنا حصينٌ بنُ عبدِ اللهِ بنِ أبي قتادةَ... إلخ [البُخاريّ 1: 147].

ـ بابُ الاعتكافِ فِي شوّالٍ.

حدّثنا محمّدٌ حدّثنَا محمّدٌ بنُ فضيلٍ بنِ غزوانَ عَن يحيى بنِ سعيدٍ... إلخ [البُخاريّ 2: 259].

ـ بابُ فضلِ مَن أدّبَ جاريتهُ وعلّمهَا.

حدّثنا إسحاقُ بنُ إبراهيمَ سمعَ محمّداً بنَ فضيلٍ عَن مطرفٍ عَنِ الشّعبِ.. إلخ [صحيحُ البُخاريّ 3: 123].

4.عديّ بنُ ثابتٍ.

ذكرهُ إبنُ حجرٍ فِي "مقدّمةِ فتحِ الباري"، وقالَ عنهُ: (عديُّ بنُ ثابتٍ الأنصاريّ الكوفيّ التّابعيّ المشهورُ وثّقهُ أحمدُ والنّسائيّ والعجليّ والدّارقطنيّ، إلّا أنّهُ كانَ يغلو فِي التّشيّعِ، وكذا قالَ إبنُ معينٍ وقالَ أبو حاتمٍ صدوقٌ وكانَ إمامَ مسجدِ الشّيعةِ وقاضيَهُم). [مقدّمةُ فتحِ البارِي: 423]. انتهى

والغلوّ فِي التّشيّعِ يعنِي الرّفضَ حسبَ تعريفِ إبنِ حجرٍ فِي المقدّمةِ نفسِها، وهذا الرّافضيّ ممَّن روى لهُ البخاريّ فِي الأَصولِ دونَ المتابعاتِ، وهذهِ بعضُ المواردِ:

ـ بابُ القراءةِ فِي العشاءِ.

حدّثنا خلّادٌ بنُ يحيى قالَ حدّثنا مسعرٌ قالَ حدّثنا عديٌّ بنُ ثابتٍ سمعَ البراءَ.. إلخ [صحيحُ البُخاريّ 1:186].

ـ بابُ الصّلاةِ على مَن تركَ دَيناً.

حدّثنَا أبو الوليدِ حدّثنا شعبةُ عَن عديٍّ بنِ ثابتٍ عَن أبِي حازمٍ.. إلخ [صحيحُ البخاريّ 3: 85].

ـ بابُ النّهي بغيرِ إذنِ صاحبهِ، وقالَ عبادةُ بايعنَا النّبيّ (صلّى اللهُ عليهِ [وآلهِ] وسلّمَ) ألَّا ننتهبَ.

حدّثنا آدمُ بنُ أبي إيّاسَ، حدّثنا شعبةُ حدّثنا عديٌّ بنُ ثابتٍ سمعتُ عبدَ اللهِ بنَ يزيدٍ الأنصاريّ.. إلخ [صحيحُ البُخاريّ 3: 107].

ـ بابُ حبِّ الأنصارِ منَ الإيمانِ.

حدّثنا حجّاجٌ بنُ منهالٍ، حدّثنا شعبةُ، قالَ أخبرنِي عديُّ بنُ ثابتٍ قالَ سمعتُ البراءَ... إلخ [صحيحُ البخاريّ 4: 223].

فهذهِ نماذجُ يسيرةٌ جدّاً مِن عشراتِ النّماذجِ لاعتمادِ كبارِ المُحدّثينَ مِن أهلِ السّنّةِ على الرّواةِ الشّيعةِ والأخذِ برواياتهِم [راجِع كتابَ: رجالُ الشّيعةِ فِي أسانيدِ السّنّةِ، لمؤلّفهِ محمّد جعفر الطّبسيّ، تجدهُ يذكرُ (140) راوياً مِن رواةِ الشّيعةِ المعتمدينَ فِي الصّحاحِ السّتّةِ فقَط]، ولولا الأخذُ بهذهِ الرّواياتِ لوقعُوا فِي مفسدةٍ كبيرةٍ مِنَ الضّياعِ والغربةِ عَن أحاديثِ رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ)، كمَا يعترفُ بهِ الذّهبيّ نفسهُ، فهوَ بعدَ أن نصَّ على أنَّ التّشيّعَ فِي التّابعينَ وتابعيهِم كثيرٌ مَعَ الدّينِ والورعِ والصّدقِ، قالَ: (فلو رُدَّ حديثُ هؤلاءِ لذهبَ جملةٌ منَ الآثارِ النّبويّةِ، وهذهِ مفسدةٌ بيّنةٌ). انتهى [سيرُ أعلامِ النّبلاءِ 1: 59، وانظُر ايضاً: لسانُ الميزانِ 1: 9].

وينقلُ الخطيبُ البغداديُّ فِي "الكفايةِ فِي علمِ الرّوايةِ" عَن كبيرِ محدّثي أهلِ السّنّةِ عليّ بنِ المدينيّ [الذي يقولُ عنهُ البخاريّ: ما استصغرتُ نفسِي عندَ أحدٍ إلّا عندَ عليٍّ بنِ المدينيّ] قولهُ: (ولو تركتُ أهلَ الكوفةِ لذلكَ الرّأي يعنِي التّشيّعَ خربتِ الكتبُ، قولهُ خربتِ الكتبُ يعنِي لذهبَ الحديثُ). [الكفايةُ فِي علمِ الرّوايةِ: 157]، وهذا تصريحٌ واضحٌ مِن كبارِ علماءِ أهلِ السّنّةِ ومحدّثيهِم بأنّهُ لولا الشّيعةُ لذهبَ الحديثُ النّبويّ ومَا عرفَ النّاسُ شيئاً اسمهُ السّنّةَ النّبويّةَ إلّا اليسيرَ جدّاً.

 نعَم، هذهِ هيَ الحقيقةُ التي يجهلهَا الكثيرونَ بأنّهُ لولا الشّيعةُ أو الرّافضةُ لاندرستِ السّنّةُ النّبويّةُ تماماً وانمحَتْ مِن دُنيا الوجودِ، بعدَ أنْ تكالبَتْ عليهَا حملاتُ المنعِ والمحوِ والحرقِ والتّهديدِ والوضعِ مِن قبلِ خلفاءِ السّقيفةِ والأمويّينَ، ولكِنْ شاءَ اللهُ أن يحفظَ الإسلامَ وأهلَهُ بشيعةِ الثّقلينِ: القرآنِ والعترةِ الطّاهرةِ، اللّذينَ بشّرَ النّبيّ الأقدسُ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ) أمّتهُ بأنَّ المُتمسّكَ بهمَا لن يضلّ مِن بعدهِ أبداً. [انظُر: صحيحُ الجامعِ الصّغيرِ للألبانيّ 1:482، ومسندُ أحمدَ بنِ حنبلٍ، برقمِ: 21654، تصحيحُ شعيبَ الأرنؤوط].

والحديثُ طويلُ الذّيلِ فِي هذا الجانبِ لكِنْ أحببنَا الاختصارَ، والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ.

ودُمتُم سالِمينَ.