هل يوجد تعارضٌ بين الشرع والعقل ؟!

طه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. كيف يُحلُّ التعارضُ بين قولنا ان التشريع والفقه وُضِعا للمصلحة وميزانهما العقل، وبين معارضة بعض المسائل العقلَ للوهلةِ الاولى للناظر إليها، وربما لم نستطع حلّ فلسفة بعضها؟ وهل التعارض مع العقل في الفروع الثانوية للمذهب يؤثر على صحة وعقيدة المذهب ككل؟ لو بيَّنتم وجه التلازم ودرجته وقوته، ودمتم بخير وفقكم الله.

: اللجنة العلمية

الاخ طه المحترم، عليكم السلام ورحمة الله وبركاته 

علينا قبل كلّ شيء أن نعرف ما هو العقل ، وهل حقّا يوجد تعارضٌ بين الشرع في بعض المسائل كما تقول ؟!

أمّا في اللغة فهو الحِجر ، ضد الحمق .

وفي الاصطلاح يُطلَقُ على القوة التي يميّز بها الإنسان بين الخير والشر والحقّ والباطل ، ويقابله الجنون والسَّفه . 

وبلحاظ متعلق الإدراك عند الإنسان قسّم الحكماءُ العقل إلى : نظريٍّ وعمليٍّ ، فقالوا : إذا تعلّق إدراك الإنسان بما من شأنه أن يُعلمَ ، كقولنا : الله موجودٌ ، فهذا عقلٌ نظريٌّ .

 وإذا تعلّق إدراكُ الإنسانِ بما من شأنه أن يُعمَلَ ، كقولنا : العدلُ حسنٌ ، فهذا عقلٌ عمليٌّ .

وفي مجال العقل النظريِّ لا خلافَ بين الشرع والعقل، بل كانت القواعد العقلية النظرية نحو: النقيضان لا يجتمعان ،والأثر يدلّ على المؤثر ، من أوّل القواعد التي استند إليها الشرع في إثبات التوحيد وبقية العقائد في الشريعة  .

 وأمّا العقل العمليُّ كانت القواعد العقلية العملية كقاعدة الحسن والقبح العقليين ، هي أهم الركائز في تثبيت وجوب معرفة الله سبحانه ، ولزوم وصفه تعالى بالعدل والحكمة ، ولزوم تكليف العباد ، ولزوم تأييد الانبياء بالبينات والمعاجز ، ونحوها من الأمور التي لا يمكن إثباتها من دون تثبيت الحسن والقبح العقليين .. فأين التعارض بين الشرع والعقل ، والشرع يعتمد على إثبات عقائده وجملةٍ كبيرةٍ من قضاياه على العقل بشقيّه النظري والعملي  ؟!!

نعم ، لعلك وجدت بعض الأحكام الفقهية التي لا يستسيغها الذهن البشري ، أو قل : لم يصل إلى الحكمة من تشريعها على العباد ،  كما في تقبيل حجرٍ معينٍ في الكعبة، أو الطواف حول بيتٍ من حجرٍ ويسمى ذلك عبادة ، ونحوهما من الأمور التي قد لا يجد العقل لها حكمةً أو يرى فيها مصلحةً في أن يفعلها الإنسان ؟!!

وجوابه : بعد ثبوت حكمة المشرّع وعدالته بالدليل القطعي  لدينا ، ليس علينا إلا أن نعمل بما يطلبه منا في بعض الموارد وإن جهلنا الحكمة الحقيقة أو المصلحة الحقيقية من هذا الفعل الذي يطلبه منا ، فالعقل البشري مهما بلغ من قدراتٍ يبقى محدوداً في إدراك  علل الأحكام وسبب تشريعاتها ، وقد أخبرنا المولى صراحةً عن واقعنا وقدراتنا وقال : ( وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ) الإسراء : 85. 

ودمتم سالمين