مَا المُرَادُ منَ النِّيابَةِ العَامَّةِ ومَا هِي حُدودُهَا وشُروطُهَا؟!

علي احمد: مَا هيَ النِّيابَةُ العامَّةُ؟ ومَا حُدودُهَا وشُروطُهَا؟ ومَا فَرقُهَا عَنِ النِّيَابَةِ الخَاصَّةِ؟ وهَل هِيَ ضَروريَّةٌ للأمُّةِ؟ أرجُو الإجابَةَ بأدلّةٍ عَقليَّةٍ أكثَر؟

: اللجنة العلمية

الأخُ عليٌّ المُحترمُ، السَّلامُ عليكُم ورحمَةُ اللهِ وَبركاتُه

النِّيَابَةُ العامَّةُ هِيَ نيابَةُ المراجِعِ وعُلماءِ الدِّينِ عنِ الإمامِ الحُجَّةِ (عَجَّلَ اللهُ فرجهُ الشَّريفَ)) زمنَ غيبتِهِ الكُبرى، وتَكُونُ هذِهِ النِّيابةُ بالصِّفاتِ، أيْ مَنْ يَمتلكُ صفااتٍ معينَةً نَصَّتْ عليهَا الرِّواياتُ واِتفقَ عليهَا علماءُ المذهبِ يَكونُ هوَ النَّائبَ العامَّ عنِ الإمامِ (عليهِ السَّلامُ)، خِلافَ النِّيابةِ الخاصَّةِ، الَّتِي تَكونُ بالتَّعيينِ للأشخاصِ مِنْ قِبَلِ الإمامِ (عليهِ السَّلامُ) نَفسِهِ، كَمَا فِي السُّفراءِ الأربعةِ (رِضوانُ اللهِ عليهِم).

والصِّفاتُ الَّتِي يُشتَرَطُ توفُّرُهَا فِي النَّائبِ العامِّ عنِ الحُجَّةِ (عجَّلَ اللهُ فرجهُ الشَّريفَ) هِيَ: البُلوغُ، العقلُ، الاجتِهَادُ، العدالَةُ، الإيمانُ (أيْ يَكونُ مُؤمِنَاً بإمامةِ الأئِمَّةِ الاثنَي عَشرَ عليهِمُ السَّلام)، ونَحوِهَا مِنَ الشَّرَائِطِ الَّتِي ذَكرَهَا عُلمَاءُ الإماميَّةِ فِي مَرَاجِعِ التَّقلِيدِ.

وَقَدْ دَلَّتْ عَلى هذِهِ النِّيابَةِ جُملةٌ كبيرَةٌ منَ الرِّواياتِ، نُشيرُ إلى بَعضِهَا ثُمَّ نتكلَّمُ عنِ الدَّليلِ  العَقليِّ:

جَاءَ فِي مُوثَّقَةِ عُمرَ بنِ حنظلةٍ عنِ الإمامِ الصَّادقِ (عليهِ السَّلام): (انْظُرُوا إِلَى مَنْ كَانَ مِنْكُمْ ق قَدْ رَوَى حَدِيثَنَا ونَظَرَ فِي حَلَالِنَا وحَرَامِنَا وعَرَفَ أَحْكَامَنَا فَارْضَوْا بِه حَكَماً فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُهه عَلَيْكُمْ حَاكِماً). [الكافي 7: 412 ، مرآة العقول 24 : 275].

وعنِ الشَّيخِ الصَّدوقِ فِي "كَمَالِ الدِّينِ"، والشَّيخِ الطُّوسيِّ فِي كِتابِ "الغَيبَةِ"، والطَّبرسيِّ فِي "الاحتجَاجِ"، والكَشِّيِّ فِي رِجالِهِ بالسَّندِ الصَّحيحِ العَالِي ، عنْ إسحاقَ بنِ يعقوبَ، قالَ: سألتُ محمَّدَ بنَ عثمانَ العمريَّ رضوانُ اللهِ عليهِ أنْ يُوصِلَ لِي كِتابَاً قَدْ سَألتُ فِيهِ عَنْ مَسَائِلَ أشكَلتْ عَليَّ، فورَدَ فِي التَّوقِيعِ بخطِّ مَولانَا صاحبِ الزَّمَانِ عليهِ السَّلام: (أمَّا مَا سَألتَ عَنهُ أرشَدَكَ اللهُ ووَفَّقَكَ) إلى أنْ قالَ: (وأمَّا الحَوادِثُ الواقعةُ، فارجِعُوا فِيهَا إلَى رُواةِ حَديثِنَا، فإنَّهُمْ حُجَّتِي عَلليكُمْ، وأنَا حُجَّةُ اللهِ عليهِم). [عَوائِدُ الأيَّامِ ، للشَّيخِ النَّرَاقِيِّ، ص 442].

أمّا الدَّلِيلُ العَقليُّ فمِنَ المَعلومِ أنَّ حَاجَةَ الإنسَانِ إلَى دِينِهِ هِيَ حَاجَةٌ فِطريَّةٌ، وَمَعَ وُجُودِ اللعِلمِ الإجمَالِيِّ بوُجُودِ فَرَائِضَ وأحكَامٍ فِي الشَّريعَةِ يَجِبُ علَى المُكلَّفِ إمتِثالُهَا وعدمُ إنقِطاعِ المُستحدَثاتِ في دُنيا التَّكليفِ، الأمرُ الَّذِي يَعنِي لُزُومَ وُجُودِ مَنْ هُوَ مُتخصِّصٌ فِي بيانِ هذِهِ الأحكَامِ حَتَّى يُمكِنَ الرُّجوعُ إليهِ، ولا يُوجَدُ مُتخصِّصٌ فِي هَذا الجَانِبِ سِوى الإمامِ الأصلِ عندَ حُضُورِهِ أو مَنْ يَنوبُ عَنهُ مِمَّنْ أخذَ عُلومَ الدِّينِ عَنهُ، وبذلكَ يَثبُتُ المَطلُوبُ.

ودُمتُم سالِمينَ.