هَلْ ثَمّةَ فَرْقٌ بَينَ لَفظَتي ( كَلالَة ) و ( الكَلالةِ ) الوارِدَتينِ في سورَةِ النّساء ؟!

عِشقي لإمامي: ما الفَرقُ بَينَ لَفظَتَي كَلالَة والكَلالَةِ الوارِدَتينِ في سورَةِ النّساء؟

: اللجنة العلمية

الأخُ الْمُحْتَرَمُ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ

كِلا الْمُفْرَدَتَيْنِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى اللُّغَوِيّ وَالشَّرْعِيّ وَاحِدٌ، وَلَكِنَّ الْاِخْتِلَافَ هُوَ فِي مَوْرِدِ التَّطْبِيقِ فَقَطْ، وَإِلَيْكَ الْبَيَان:

فِي اللُّغَةِ: أَصْلُ الْكَلَالَةِ الْإحَاطَةُ.

وَمِنْهُ الْإكْلِيلُ لِإحَاطَتِهِ بِالرَّأسِ، وَمِنْهُ الْكُلُّ لِإحَاطَتِهِ بِالْعَدَدِ.

فَالْكَلَالَةُ: تُحِيطُ بِأَصْلِ النَّسَبِ الَّذِي هُوَ الْوَلَدُ وَالْوَالِدُ.

وَقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: أَصْلُهَا مِنْ كَلَّ أَي أَعْيَى، فَكَأَنَّ الْكَلَالَةَ تَنَاوُلُ الْمِيرَاثِ مِنْ بَعْدُ، عَلَى كَلَالٍ وَإعْيَاء.

وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَغْرِبِيِّ: أَصلُهُ عِندي مَا تَرَكَهُ الإنسانُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ، مَأخوذاً مِنَ الأكلِ وَهُوَ الظَّهْرُ، تَقُولُ الْعَرَبُ وَلَّانِي فُلَانٌ أكِلَّه، عَلَى وَزْنِ أظِلّه: أي وَلَّانِي ظَهرَهُ، وَالْعَرَبُ تُخبِرُ بِهَذَا الْاِسْمِ عَنْ جُمْلَةِ النَّسَبِ وَالْوِرَاثَةِ...

فَالْكَلَالَةُ فِي النَّسَبِ: مَنْ أَحَاطَ بِالْمَيّتِ، وَتَكَلَّلَهُ مِنَ الْإخوَةِ والأخَواتِ وَالْوَلَدُ وَالْوَالِدُ لَيْسَا بِكَلَالَةٍ، لِأَنَّهُمَا أَصْلُ النَّسَبِ الَّذِي يَنْتَهِي إِلَى الْمَيّتِ، وَمَنْ سِوَاهُمَا خَارِجٌ عَنْهُمَا.[ مَجمَعُ البَيان 3: 35]

أمّا المَعنى الشَّرعيّ فالمَروِيُّ عَنْ أئمَّتِنا ( عَليهِمُ السَّلامُ ) : أنَّ الكَلالَةَ يُرادُ بِها الْإخوَةُ والأخَواتُ ، وأنَّ المذكورَ في أوّلِ سورَةِ النِّساء ، الآية 12  : { وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ}، هم الأخوةُ مِنْ قِبَلِ الأمِّ فَقَط . والمَذكورُ في آخرِ السّورةِ ، الآيةِ 176  : { يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ } ، هُمُ  الأخوَةُ  مِنْ قِبَلِ الأبِ والأمّ  مَعاً  أو مِنْ جِهَةِ الأبِ فَقَط .

جاءَ في صَحيحَةِ بُكيرٍ بنِ أعيَنٍ عنِ الإمامِ الصّادقِ ( عَليهِ السَّلامُ ) : والّذي عَنى اللهُ تبارَكَ وتَعالى في قَولهِ : " وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فإنْ كانوا أكثَرَ مِنْ ذلكَ فهُمْ شُركاءُ في الثُّلثِ " إنّما عَنى بذلكَ الإخوةَ والأخواتِ مِنَ الأمِّ خاصَّةً ، قالَ في آخرِ سورَةِ النّساءِ : " يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ ( يعني أختاً لأُمٍ وأبٍ أو أختاً لأبٍ ) فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ "  [ الكافي 7: 102]

ودُمتُم سالِمين.