الغَيْبَةُ لِلْإِمَامِ الثَّانِي عَشَر لَيْسَتْ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ.

أَبُوْ دُجَانَةَ/: 11 الأَئِمَّةُ عَاشُوا أَجْوَاءَ الخَوْفِ وَمَا مَاتُوا إِلَّا بِالسُّمِّ أَوِ القَتْلِ وَمَعْ ذَلِكَ مَا فَكَّرَ أَحَدُهُمْ بِالغَيْبَةِ خَوْفَاً عَلَى نَفْسِهِ مِنَ القَتْلِ، حَتَّى جَاءَ آَخِرُهُم الـ12 وَالَّذِي يَعْلَمُ أَنَّهُ لَنْ يَمُوْتَ حَتَّى يَمْلَأَ الأَرْضَ قِسْطَاً وَعَدْلَاً آَخِرَ الزَّمَانِ فَغَابَ هَارِبَاً مِنْ خَوْفِ القَتْلِ!!

: اللجنة العلمية

الأَخُ أَبُو دُجَانَةَ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ 

لَمْ تَكُنْ غَيْبَةُ الإِمَامِ الثَّانِي عَشَرَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ وَبِرَغْبَتِهِ، بَلْ هِيَ مَشِيْئَةُ اللهِ الَّتِي اِقْتَضَتْ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ فَشِلَ المُسْلِمُوْنَ فِي التَّعَاطِي مَعْ أَحَدَ عَشَرَ إِمَامَاً مِنْ آَبَائِهِ (عَلَيْهمُ السَّلَامُ)!

قَالَ العَلَّامَةُ الأَوْحَدُ مُحَمَّدٌ بنُ طَلْحَةَ الشَّافِعِيِّ عِنْدَ التَّعَرُّضِ لِذِكْرِ الإِمَامِ المَهْدِيِّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي كِتَابِهِ "مَطَالِبُ السُؤُوْلِ فِي مَنَاقِبِ آَلِ الرَّسُوْلِ": ((وَأَمَّا عُمُرُهُ: فَإِنَّهُ وُلِدَ فِي أَيَّامِ المُعْتَمِدِ عَلَى اللهِ، خَافَ فَاخْتَفَى وَإِلَى الآَنِ، فَلَمْ يُمْكِنْ ذِكْرُ ذَلِكَ إِذْ مَنْ غَابَ وَإِنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ لَا تُوْجِبُ غَيْبَتَهُ وَانْقِطَاعُ خَبَرِهِ الحُكْمَ بِمِقْدَارِ عُمُرِهِ وَلَا بِانْقِضَاءِ حَيَاتِهِ، وَقُدْرَةُ اللهِ وَاسِعَةٌ وَحِكَمُهُ وَأَلْطَافُهُ بِعِبَادِهِ عَظِيْمَةٌ عَامَّةٌ، وَلَوَازِمُ عُظَمَاءِ العُلَمَاءِ أَنْ يُدْرِكُوا حَقَائِقَ مَقْدُوْرَاتِهِ وَكُنْهَ قُدُرَتِهِ لَمْ يَجِدُوا إِلَى ذَلِكَ سَبِيْلَاً، وَلَا نَقَلَ طَرْفُ تَطَلُّعِهِمْ إِلَيْهِ حَسِيْرَاً وَحْدَهُ كَلِيْلَاً، وَأَمْلَى عَلَيْهِمْ لِسَانَ عَجْزِهِمْ عَنِ الإِحَاطَةِ بِهِ وَمَا أُوْتِيْتُمْ مِنَ العِلْمِ إِلَّا قَلِيْلَاً.

وَلَيْسَ بِبِدَعٍ وَلَا مُسْتَغْرَبٍ تَعْمِيْرُ بَعْضِ عِبَادِ اللهِ المُخْلِصِيْنَ، وَلَا اِمْتِدَادُ عُمُرِهِ إِلَى حِيْنٍ، فَقَدْ مَدَّ اللهُ تَعَالَى أَعْمَارَ جَمْعٍ كَثِيْرٍ مِنْ خَلْقِهِ مِنْ أَصْفِيَائِهِ وَأَوْلِيَائِهِ وَمِنْ مَطْرُوْدِيْهِ وَأَعْدَائِهِ، فَمِنَ الأَصْفِيَاءِ: عِيْسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَمِنْهُمْ الخِضْرُ، وَخَلْقٌ آَخَرُوْنَ مِنَ الأَنْبِيَاءِ طَالَتْ أَعْمَارُهُمْ، حَتَّى جَازَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَلْفَ سَنَةٍ أَوْ قَارَبَهَا كَنُوْحٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَغَيْرِهِ.

وَأَمَّا مِنَ الأَعْدَاءِ المَطْرُوْدِيْنَ: فَإِبْلِيْسُ، وَكَذَلِكَ الدَّجَّالُ، وَمِنْ غَيْرِهِمْ كَعَادٍ الأُوْلَى، كَانَ فِيْهِمْ مَنْ عُمُرُهُ مَا يُقَارِبُ الأَلْفَ، وَكَذَلِكَ لُقْمَانُ صَاحِبُ لُبَدَ.

وَكُلُّ هَذِهِ لِبَيَانِ اِتِّسَاعِ القُدْرَةِ الرَّبَّانِيَّةِ فِي تَعْمِيْرِ بَعْضِ خَلْقِهِ، فَأَيُّ مَانِعٍ يَمْنَعُ مِنِ امْتِدَادِ عُمُرِ الصَّالِحِ الخَلَفِ النَّاصِحِ إِلَى أَنْ يَظْهَرَ فَيَعْمَلَ مَا حَكَمَ اللهُ لَهُ بِهِ؟)). إنْتَهَى [مَطَالِبُ السُؤُوْلِ: 489].

وَكُلُّ هَذَا حَصَلَ بَعْدَ أَنِ اخْتَبَرَ اللهُ المُسْلِمِيْنَ بِأَحَدِ عَشَرَ إِمَامَاً مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ البَيْتِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) لَمْ يَعْرِفُوا نِعْمَةَ وجُوْدِهِمْ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ ، فَهُمْ قَامُوا بِإِقْصَاءِ الإِمَامِ الأَوَّلِ ـ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ـ لِمُدَّةِ خَمْسَةٍ وَعِشْرِيْنَ عَامَاً عَنْ مُمَارَسَةِ دَوْرِهِ الفِعْلِيِّ فِي قِيَادَةِ الأُمَّةِ، بَعْدَ أَنْ تَحَايَلُوا عَلَى الإِسْتِيْلَاءِ عَلَى مَنْصِبِهِ، فِيْمَا ثَبَتَ لَهُ مِنْ حَدِيْثِ الغَدِيْرِ وَالْتِفَافِ البَعْضِ عَلَيْهِ مِنَ الَّذِيْنَ سَارَعُوا إِلَى تَنْصِيْبِ خَلِيْفَةٍ لَهُمْ فِي سَقِيْفَةِ بَنِي سَاعِدَةٍ وَالنَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ) لَمْ يُدْفَنْ بَعْدُ، ثُمَّ قَامُوا بِالهُجُوْمِ عَلَى دَارِهِ وَأَرَادُوا إِحْرَاقَهُ عَلَى مَنْ فِيْهِ وَكَانَتْ فِيْهِ البَضْعَةُ الزَّهْرَاءُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، (كَمَا يَذْكُرُ ذَلِكَ بِسَنَدٍ صَحِيْحِ إِبْنُ شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ :579)، وَثُمَّ عِنْدَ تَسَنُّمِهِ المَسْؤُوْلِيَّةَ ـ بَعْدَ مُدَّةِ الإِقْصَاءِ هَذِهِ ـ قَامَ عَلَيْهِ النَّاكِثُوْنَ وَالقَاسِطُوْنَ وَالمَارِقُوْنَ حَتَّى اغْتَالُوهُ صِدِّيْقَاً شَهِيْدَاً وَهُوَ فِي مِحْرَابِهِ سَاجِدٌ يُصَلِّي!!

ثُمَّ جَاءَ بَعْدَهُ إِبْنُهُ الحَسَنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَهُوَ ـ كَذَلِكَ ـ لَاقَى مِنْ خِذْلَانِ الأُمَّةِ الَّذِي لَاقَاهُ حَتَّى اضْطُرَّ إِلَى أَنْ يُسَلِّمَهَا إِلَى أَلَدِّ أَعْدَاءِ الدِّيْنِ وَهُوَ مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفْيَانَ، قَائِدُ الفِئَةِ البَاغِيَةِ بِنَصِّ حَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ) المَعْرُوْفِ عَنْ عَمَّارٍ بنِ يَاسِرٍ بِأَنَّهُ تَقْتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ الدّاعيةُ إِلى النّار وقد قُتِلَ عَمَّارُ عَلَى يَدِ جَيْشِ مُعَاوِيَةَ فِي صِفِّيْنَ.. وَلَمْ يَتْرُكُوا الإِمَامَ الحَسَنَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) حَتَّى سَقَوْهُ السُّمَّ عَلَى يَدِ زَوْجَتِهِ جُعْدَةَ بِتَحْرِيْضٍ مِنْ مُعَاوِيَةَ، كَمَا يَذْكُرُ ذَلِكَ صَرِيْحَاً إبنُ عَبْدِ البَرِّ فِي كِتَابِهِ "الإِسْتِيْعَابُ" 1: 233!.

أَمَّا الإِمَامُ الحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَفَاجِعَتُهُ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ أَو يُشَارَ إِلَيْهَا، وَقَدْ بَكَتْ عَلَيْهِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَبَكَاهُ حَتَّى مِحْجَرُ الحَجَرِ، كَمَا يَذْكُرُ ذَلِكَ السَّيُوْطِيُّ وَغَيْرُهُ.

وَأَحَادِيْثُ غَدْرِ الأُمَّةِ وَقَتْلِهَا لِهَؤُلَاءِ الأَئِمَّةِ وَاضِحَةٌ وَصَرِيْحَةٌ وَلَا يُمْكِنُ التَّحَايُلُ أَوِ التَّلَاعُبُ بِهَا بِأَيِّ حَالٍ مِنَ الأَحْوَالِ.

فَقَدْ رَوَى الحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ عَنْ أَبِي إِدْرِيْسَ الأَوَدِيَّ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: (إِنَّ مِمَّا عَهِدَ إِلَيَّ النَّبِيُّ أَنَّ الأُمَّةَ سَتَغْدُرُ بِي بَعْدَهُ). [المُسْتَدْرَكُ عَلَى الصَّحِيْحَيْنِ 3: 150، صَحَّحَهُ الحَاكِمُ وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ].

وَعَنِ البُوْصِيْرِيِّ فِي "إِتْحَافِ الخِيَرَةِ المَهَرَةِ" فِي حَدِيْثِ جِبْرَئِيْلُ لِلنَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ) بِحَقِّ الحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): (إِنَّ أُمَّتَكَ سَتَقْتُلُهُ). قَالَ البُوْصِيْرِيُّ: رَوَاهُ عَبْدٌ بنُ حَمِيْدٍ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ. [إِتْحَافُ الخِيَرَةِ المَهَرَةِ بِزَوَائِدِ المَسَانِيْدِ العَشَرَةِ: 238].

نَقُوْلُ: هَذَا هُوَ شَأْنُ ثَلاثَةٍ مِنْ كِبَارِ أَئِمَّةِ أَهْلِ البَيْتِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) وَهُمْ قَدْ قَلَّدَهُمْ رَسُوْلُ اللهِ مِنْ أَوْسِمَةِ الفَضْلِ مَا لَمْ يُقَلِّدْ غَيْرَهُمْ، وَمَعْ ذَلِكَ لَقَوا مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ مَا لَقَوْهُ، فَمَا بَالُكَ بِمَنْ هُمْ دُوْنَهَمْ مِن أَئِمَّةِ العِتْرَةِ الطَّاهِرَةِ مِنَ الَّذِيْنَ عَانَوا مِنَ الإضْطِهَادِ وَالتَّضْيِّيْقِ مَا عَانَوهُ حَتَّى قَضَوا حَيَاتَهُمْ بَيْنَ:

ـ مُراقَبٍ مُضْطَهَدٍ، كَالسَّجَادِ وَالبَاقِرِ وَالصَّادِقِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ).

ـ وَمَسْجُوْنٍ مُعَذَّبٍ، كَالإِمَامِ الكَاظِمِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).

ـ وَمَسْؤُوْلٍ فَاقِدِ الصَّلَاحِيَّاتِ كَالرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ).

ـ وَمَنْفِيٍّ مُحْتَجَزٍ، كَالجَوَادِ وَالهَادِي وَالعَسْكَرِيِّ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ).

فَمَاذَا تَتَوَقَّعُ أَنْ يَكُوْنَ مَصِيْرُ الإِمَامِ المَهْدِيِّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِيْمَا لَوْ بَقِيَ بَيْنَ ظَهْرَانِيِّ هَذِهِ الأُمَّةِ الَّتِي لَمْ تَتَوَانَ عَنْ قَتْلِ وَغَدْرِ وَاضْطِهَادِ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّهَا مَا اسْتَطَاعُوا؟!

مِنَ الوَاضِحِ جِدَّاً أَنَّ إسْتِمْرَارَ حُضُوْرِ الإِمَامِ المَهْدِيِّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بَيْنَ ظَهْرَانِيِّ هَذِهِ الأُمَّةِ مَعْنَاهُ أَنْ يَنْتَهِيَ إِلَى مَا انْتَهَى إِلَيْهِ آَبَاؤُهُ الطَّاهِرُونَ مِنَ القَتْلِ أَوِ الحَبْسِ أَو النَّفْيِّ وَالإِضْطِهَادِ..، وَمِنْ هُنَا اِقْتَضَتْ حِكْمَةُ المَوْلَى سُبْحَانَهُ تَغْيِيْبَ هَذَا الإِمَامِ الهَادِي المَهْدِيِّ حَتَّى تَصِلَ الأُمَّةُ إِلَى دَرَجَةٍ تَعْرِفُ مَعَهَا أَهَمِيَّةَ وُجُوْدِ إِمَامٍ مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ البَيْتِ (عَلَيْهُمُ السَّلَامُ) بَيْنَ ظَهْرَانِيْهَا فَتَلْتَفُّ حَوْلَهُ وَتَمْتَثِلُ أَوَامِرَهُ وَلَا تُفَرِّطُ فِيْهِ كَمَا فَرَّطَتْ فِي حَقِّ آَبَائِهِ مِنْ قَبْلُ!

وَلَكِنْ مَتَى يَكُوْنُ ذَاكَ؟!

الجَوَابُ: يَكُوْنُ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يَفْشَلَ الجَمِيْعُ فِي قِيَادَةِ الأُمَّةِ، وَبَعْدَ أَنْ تَتَوَالَى عَلَيْهَا صُنُوْفُ الخَيْبَةِ وَالحِرْمَانِ نَتِيْجَةً لِتَحْكِيْمِهَا تَيَّارَاتِ الضَّلَالِ مِنْ مُلُوكٍ فَاشِلِيْنَ وَرُؤَسَاءَ إنْتِهَازِيِّيْنَ وَقَوْمِيِّيْنَ كَافِرِيْنَ وَدَاعِشِيِّيْنَ مُتَطَرِّفِيْنَ وَغَيْرِهِمْ، فَيَطْلُبُوْنَهُ حِيْنَئِذٍ لِيُنْقِذَهُمْ مِمَّا هُمْ فِيْهِ مِنْ مِحَنٍ وَعَذَابٍ.

تَقُوْلُ الرَّوايَةُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ: "يَكُوْنُ اخْتِلَافٌ عِنْدَ مَوْتِ خَلِيْفَةٍ، فَيَخْرُجُ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فَيَأْتِي مَكَّةَ، فَيَسْتَخْرِجُهُ النَّاسُ مِنْ بَيْتِهِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمَقَامِ، فَيَجَهَزُ إِلَيْهِ جَيْشٌ مِنَ الشَّامِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالبَيْدَاءِ خُسِفَ بِهِمْ، فَيَأْتِيْهِ عَصَائِبُ العِرَاقِ وَأَبْدَالُ الشَّامِ، وَيَنْشَأُ رَجُلٌ بِالشَّامِ أَخْوَالُهُ مِنْ كَلْبٍ، فَيَجْهَزُ إِلَيْهِ جَيْشٌ فَيَهْزِمُهُمُ اللهُ فَتَكُوْنُ الدَّائِرَةُ عَلَيْهِمْ، فَذَلِكَ يَوْمُ كَلَبٍ، الخَائِبُ مَنْ خَابَ مِنْ غَنِيْمَةِ كَلْبٍ، فَيَسْتَفْتِحُ الكُنُوْزَ، وَيَقْسِمُ الأَمْوَالَ، وَيُلْقِي الإِسْلَامُ بِجِرَّانِهِ إِلَى الأَرْضِ، فَيَعِيْشُوْنَ بِذَلِكَ سَبْعَ سِنِيَنٍ". أَو قَالَ: "تِسْعَاً".

قَالَ الهَيْثَمِيُّ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيْحِ. [مَجْمَعُ الزَّوَائِدِ 7:315].

فَلَاحِظْ قَوْلَ النَّبِيِّ (عَلَيْهِ وآَلِهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ): (فَيَسْتَخْرِجُهُ النَّاسُ مِنْ بَيْتِهِ)، أَيْ أنَّ النَّاسَ تَصِلُ إِلَى مَرْحَلَةٍ مِنَ الاِخْتِلَافِ مَا إِنْ تَسْمَعُ بِخُرُوْجِهِ، كَمَا تَقُوْلُ الرِّوَايَةُ: (فَيَخْرُجُ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فَيَأْتِي مَكَّةَ)، حَتَّى تَأْتِي إِلَيْهِ الأُمَّةُ بِنَفْسِهَا تَطْلُبُهُ وَتَسْتَخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِهِ لِيَحْكُمَ فِيْهَا بِالحَقِّ.

يَقُوْلُ السَّفَارِيْنِيُّ الحَنْبَلِيُّ فِي كِتَابِهِ لَوَامِعُ الأَنْوَارِ البَهِيَّةِ عَنْ دَوْلَةِ الإِمَامِ المَهْدِيِّ : «يَعْمَلُ بِسُنَّةِ النَّبِيِّ لَا يُوْقِظُ نَائِمَاً، وَيُقَاتِلُ عَلَى السُّنَّةِ لَا يَتْرُكُ سُنَّةً إِلَا أَقَامَهَا وَلَا بِدْعَةً إِلَّا رَفَعَهَا، يَقُوْمُ بِالدِّيْنِ آَخِرَ الزَّمَانِ كَمَا قَامَ بِهِ النَّبِيُّ أَوَّلَهُ، يَمْلِكُ الدُّنْيَا كُلَّهَا كَمَا مَلَكَ ذُو القَرْنَيْنِ وَسُلَيْمَانُ بنُ دَاوُدَ ، يَكْسِرُ الصَّلِيْبَ وَيَقْتُلُ الخِنْزِيْرَ وَيَرُدُّ إِلَى المُسْلِمِيْنَ أُلْفَتَهُمْ وَنِعْمَتَهُمْ، يَمْلَأُ الأَرْضَ قِسْطَاً وَعَدْلَاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمَاً وَجَوْرَاً، يَحْثُو المَالَ حَثْوَاً وَلَا يَعُدُّهُ عَدَّاً، يَقْسِمُ المَالَ صِحَاحَاً بِالسَّوِيَّةِ، يَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ وَسَاكِنُ الأَرْضِ وَالطَّيْرُ فِي الجَوِّ وَالوَحْشُ فِي القَفْرِ وَالحِيْتَانُ فِي البَحْرِ» إنْتَهَى. [لَوَامِعُ الأَنْوَارِ البَهِيَّةِ 2: 75، 76.. وَأنْظُرْ: سِلْسِلَةُ الأَحَادِيْثِ الصَّحِيْحَةِ لِلْأَلْبَانِيِّ 4: 38].

وَدُمْتُمْ سَالِمِيْنَ.