نَمَاذِجٌ مِمَّا يُخْفِيْهِ أَتْبَاعُ السُّلُطَاتِ عَنِ المُغِيْرَةِ بنِ شُعْبَةَ.

أَبُو بَاقِرٍ: السَّلَامُ عَلَيْكُمُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ .. مَنْ هُوَ المُغِيْرَةُ بنُ شُعْبَة؟ كَيْفَ كَانَ حَالُهُ قَبْلَ الإسْلَامِ وَبَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ الأكْرَمِ صلّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَمَ؟ وَمَا هُوَ مَوْقِفُ النَّبِيِّ الأَكْرَمِ {ص} وَأَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ هَذِهِ الشَّخْصِيَّةِ؟ وَكَيْفَ تُوُفِّيَ {هَلْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ أمْ قُتِلَ}؟

: اللجنة العلمية

الأخُ المحترَمُ أبو باقر، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هُوَ المُغِيْرَةُ بنُ شُعْبَةَ بنِ أَبِيْ عَامِرٍ بنِ مَسْعُوْدٍ الثَّقَفِيّ أَحَدُ الصَّحَابَةِ المُثِيْرِيْنَ لِلْجَدَلِ حَتَّى أَنَّ إِسْلَامَهُ مَعْ كَوْنِهِ مُتَأَخِّرَاً جِدَّاً كَانَ لِغَايَةِ حِفْظِ نَفْسِهِ بَعْدَ أَنْ غَدَرَ بِأَصْحَابِهِ فَقَتَلَهُمْ وَسَرَقَهُم كَمَا يَرْوِيْ البُخَارِيُّ ذَلِكَ فِيْ حَدِيْثٍ طَوِيْلٍ (3/180):(فَكُلَّمَا أَهْوَىْ عُرْوَةُ بِيَدِهِ إلَى لِحْيَةِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ يَدَهُ بِنَعْلِ السَّيْفِ وَقَالَ لَهُ أَخِّرْ يَدَكَ عَنْ لِحْيَةِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَرَفَعَ عُرْوَةُ رَأْسَهُ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوْا: المُغِيْرَةُ ابنُ شُعْبَةَ فَقَالَ: أَيُّ غَدْرٍ؟ أَلَسْتُ أَسْعَى فِي غَدْرَتِكَ؟ وَكَانَ المُغِيْرَةُ صَحِبَ قَوْمَاً فِي الجَاهِلِيَّةِ فَقَتَلَهُمْ وَأَخَذَ أَمْوَالَهَمْ ثُمَّ جَاءَ فَأْسْلَمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَّ أمَّا الإسْلَامُ فَأَقْبَلُ وَأَمَّا المَالُ فَلَسْتُ مِنْهُ فِيْ شَيْءٍ.

وَفَضِيْحَةُ الزِّنَا وَدَرْءُ عُمَرَ الحَدَّ عَنْهُ كَانَتْ مِنْ مَشَاكِلِ وَمَصَائِبِ المُغِيْرَةِ أَيْضَاً، فَقَدْ رَوَى الحَاكِمُ فِي المُسْتَدْرَكِ (3/ 448) تِلْكَ القِصَّةَ وَفِيْهَا: … قَاْلَ أَبُوْ بَكْرَةٍ: لَيْسَ لِيْ عَلَى هَذَا صَبْرٌ، فَبَعَثَ إلَى غُلَامٍ لَهُ ... فَانْطَلَقَ فَنَظَرَ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ رَجِعَ فَقَالَ: وَجَدْتُهُمَا فِيْ لِحَافٍ، فَقَالَ لِلْقَوْمِ: قُوْمُوْا مَعِي فَقَامُوْا فَبَدَأَ أَبُو بَكْرَةٍ فَنَظَرَ فَإسْتَرْجَعَ، ثُمَّ قَالَ لِأَخِيْهِ: انْظُرْ، فَنَظَرَ فَقَالَ: مَا رَأَيْتَ؟ قَالَ: رَأَيْتُ الزِّنَا، ثُمَّ قَالَ: مَا رَاْبَكَ؟ انظُرْ، فَنَظَرَ فَقَالَ: مَا رَأَيْتَ؟ قَالَ: رَأَيْتُ الزِّنَا مُحْصَنَاً، قَالَ: أُشْهِدُ اللهَ عَلَيْكُمْ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَانْصَرَفَ إلَى أَهْلِهِ وَكَتَبَ إلَى عُمَرَ بنِ الخَطَّاب بِمَا رَأَى فَأَتَاهُ أَمْرٌ فَظِيْعٌ صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ... فَارْتَحَلَ القَوْمُ أَبُوْ بُكْرَةٍ وَشُهُوْدُهُ وَالمُغِيْرَةُ بنُ شُعْبَةٍ حَتَى قَدِمُوا المَدِيْنَةَ عَلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ فَقَالَ: هَاتِ مَا عِنْدَكَ يَا أبَا بُكْرَةٍ، قَالَ: أَشْهَدُ أَنِّيْ رَأَيْتُ الزِّنَا مُحْصَنَاً ثُمَّ قَدَّمُوْا أَبَا عَبْدِ اللهِ أَخَيْهِ فَشَهِدَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنِّيْ رَأَيْتُ الزِّنَا مُحْصَنَاً، ثُمَّ قَدَّمُوا شِبْلَ بنَ مَعْبَدٍ البَجْلِيِّ فَسَأَلَهُ فَشَهِدَ كَذَلِكَ ثُمَّ قَدَّمُوا زِيَادَاً فَقَالَ: مَا رَأَيْتَ؟ فَقَالَ: رَأَيْتُهُمَا فِيْ لِحَافٍ وَسَمِعْتُ نَفَسَاً عَالِيْاً وَلَا أَدْرِي مَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَكَبَّرَ عُمَرٌ وَفَرِحَ إِذْ نَجَا المُغِيْرَةُ وَضُرِبَ القَوْمُ إلَّا زِيَادَاً ...

وَبَعْدَ أَنْ وَلَّاهُ عُمَرُ عَلَى البَصْرَةِ وَدَرَأَ عَنْهُ الحَدَّ بِكُلِّ حِيْلَةٍ وَمِنْ ثُمَّ وَلَّاهُ الكُوْفَةُ جَازَاهُ بِالقَتْلِ وَالفَتْكِ لِأنَّ مِنْ شِيْمَتِهِ الغَدْرُ وَالخَتْلُ فَكَانَ مَقْتَلُ عُمَرٍ عَلَى يَدِ غُلَامِ المُغِيْرَةِ فَحَتَّى لَوْ فَرَضْنَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ غَدْرِ المُغِيْرَةِ عَلَى عَادَتِهِ فَإنَّهُ كَانَ سَبَبَ قَتْلِهِ كَمَا حَكَوْا مِنْ قَتْلِ غُلَامِهِ لِعُمَرَ بِسَبَبِ ظُلْمِ المُغِيْرَةِ لَهُ وَعَدَمِ سَمَاعِ عُمَرَ شِكَايَتَهُ مِنَ المُغِيْرَةِ إذْ أنَّ المُغِيْرَةَ يُعْتَبَرُ الابْنَ المُدَلَلَ لَهُ!

وَكَذَلِكَ كَانَ المُغِيْرَةُ كَذَّابَاً وَقَدْ كَذَّبَهُ أَمِيْرُ المُؤْمِنْيِنَ عَلِيْهِ السَّلَامُ إِذْ حَاوَلَ إِدِّعَاءَ كَوْنِهِ آَخِرَ النَّاسِ عَهْدَاً بِرَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَادَّعَى أَنَّهُ شَارَكَ فِي دَفْنِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَنَّهُ قَامَ بِرَمْي خَاتَمِهِ فِيْ حُفْرَةِ قَبْرِهِ الشَّرِيْفِ فَنَزَلَ لَيَأْخُذَهُ لِيَكُوْنَ لَهُ هَذَا الوَصْفُ مِنْ الشَّرَفِ فَكَذَّبَهُ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكَذَلِكَ كُلُّ الرِّوَايَاتِ الَّتِي تَذْكُرُ مَنْ جَهَّزَ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ حَضَرَ دَفْنَهُ.

قَالَ ابنُ عَبْدِ البَرِّ فِي جَامِعِ بَيَانِ العِلْمِ (2/ 155): وَعَنْ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ: كَذَبَ المُغِيْرَةُ بنُ شُعْبَةَ.

وَكَانَ إبنُ الأَثِيْرِ أَصْرَحَ فِي ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ فِيْ كَامِلِهِ (2/ 333): وَكَانَ المُغِيْرَةُ بنُ شُعْبَةَ يَدَّعِي أَنَّهُ أَحْدَثُ النَّاسِ عَهْدَاً بِرَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَيَقُوْلُ: أَلْقَيْتُ خَاتَمِي فِي قَبْرِهِ عَمْدَاً فَنَزَلْتُ لِآخُذَهَا، وَسَأَلَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ العِرَاقِ عَلِيَّاً عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: كَذَبَ المُغِيْرَةُ أَحْدَثُنَا عَهْدَاً بِهِ قَثَمُ بنُ العَبَّاسِ.

وَقَدْ قَامَ أَيْضَاً بِرِوَايَةِ الكَثِيْرِ مِنَ الأَحَادِيْثِ المُسِيْئَةِ لِلْرَسُوْلِ الأَعْظَمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَكَانَ يُبْغِضُ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكَانَ أَعْوَرَاً.

وَرَوَى ابنُ عَسَاكِرَ فِي (60/ 54): عَن مُغِيْرَةَ قَالَ: أَحْصَنَ المُغِيْرَةُ بنُ شُعْبَةَ سَبْعِيْنَ إِمْرَأَةً.

وَرَوَى أَيْضَا: سَمِعْتُ ابنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ: كَانَ تَحْتَ المُغِيْرَةِ بنَ شُعْبَةَ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، قَالَ: فَصَفَفْنَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّكُنَّ حَسِنَاتُ الأَخْلَاقِ طَوِيْلَاتُ الأَعْنَاقِ وَلكِنَّنِي رَجُلٌ مِطْلَاقٌ أَنْتُنَّ طَاْلِقٌ.

وَكَذَا قَالَ: كَانَ المُغِيْرَةُ يَقُوْلُ لِنِسَائِهِ: إِنَّكُنَّ لَطَوِيْلَاتُ الأَعْنَاقِ وَكَرِيْمَاتُ الأَخْلَاقِ وَلَكِنَّنِي رَجُلٌ مِطْلَاقٌ، إِعْتَدِدْنَ.

وَرُوِيَ عَن: ابْنِ وَهْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَاً يَقُوْلُ: كَانَ المُغِيْرَةُ بنُ شُعْبَةَ نَكَّاحَاً لِلنِّسَاءِ وَيَقُوْلُ: صَاحِبُ المَرْأَةِ الوَاحِدَةِ إِنْ مَرِضَتْ مَرِضَ مَعَهَا وإِنْ حَاضَتْ حَاضَ مَعَهَا وَصَاحِبُ المَرْأَتَيْنِ بَيْنَ نَارَيْنِ يَشْتَعِلَانِ، قَالَ: وَكَانَ يَنْكِحُ أَرْبَعاً جَمِيْعَاً وَيُطَلِقُهُنَّ جَمِيْعَاً.

وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي سِيَرِ أَعْلَامِ نُبَلَائِهِ (1/ 105): عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ ظَالِمٍ قَالَ: خَطَبَ المُغِيْرَةُ فَنَالَ مِنْ عَلِيِّ . فَخَرَجَ سَعِيْدُ بنُ زَيْدٍ فَقَالَ: ألَا تَعْجَبُ مِنْ هَذَا يَسُبُّ عَلِيَّاً... ثُمَّ قَالَ: وَلَهُ طُرُقٌ كَثِيْرَةٌ.

وَأَصْلُ الأَثَرِ فِيْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ (1/ 187) بِلَفْظِ: إِنَّ شُعْبَةَ كَانَ فِيْ المَسْجِدِ الأَكْبَرِ وَعِنْدَهُ أَهْلُ الكُوْفَةِ عَنْ يَمِيْنِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ فَجَاءَهُ رَجُلٌ يُدْعَى سَعِيْدُ بن زَيْدٍ فَحَيَّاهُ المُغِيْرَةُ وَأَجْلَسَهُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ عَلَى السَّرِيْرِ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الكُوْفَةِ فَاسْتَقْبَلَ المُغِيْرَةَ فَسَبَّ وَسَبَّ فَقَالَ: مَنْ يَسُبُّ هَذَا يَا مُغِيْرَةُ؟ قَالَ: يَسُبُّ عَلَيَّاً بنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ يَا مُغِيْرَةُ بنُ شُعْبٍ يَا مُغِيْرُ بنُ شُعْبٍ ثَلَاثَاً ألَا أَسْمَعُ أَصْحَابَ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَبَّونَ عِنْدَكَ لَا تُنْكِرُ وَلَا تُغَيِّرُ!؟ ...

فَهَذَا هُوَ حَالُ المُغِيْرَةِ كَمَا رَوَاهُ مَنْ يَتَوَلَّاهُ وَيُحَسِّنُ صُوْرَتَهُ فَكَيْفَ بِوَاقِعِهِ الحَقِيْقِيِّ؟

 ودمتم سالمين