نُبْذَةٌ مِنْ حَياةِ السَّيِّدةِ نَرْجِسَ وَكَيْفِيَّةِ وُصُولِها إلى سامَرّاءَ.

محمَّد نور/ المَوْصِل: السَّلامُ عليكمْ.. ممكنٌ نبذةٌ مختصرةٌ عنْ حياةِ السَّيِّدةِ نَرْجِسَ - عَلَيْها السَّلامُ - أمِّ الإمامِ المهديِّ (عج) كيفَ وصلتْ إلى سامَرّاءَ؟

: اللجنة العلمية

الأخُ محمَّدٌ المحترمُ، السَّلامُ عليْكُمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ.

روى الصَّدوقُ بسندِهِ عنْ بشرِ بنِ سليمانَ النَّخّاسِ قالَ: (كانَ مولانا أبو الحسنِ عليُّ بنُ محمَّدٍ العسكريُّ - عَلَيْهِما السَّلامُ - فقَّهَنِي في أمرِ الرَّقيقِ، فكنتُ لا أبتاعُ ولا أبيعُ إلّا بإذنِهِ، فاجتنبْتُ بذلكَ مواردَ الشُّبُهاتِ حتّى كملتْ معرفتِي فيهِ فأحسنْتُ الفرقَ [ فيما ] بينَ الحلالِ والحرامِ.

فبينَما أنا ذاتَ ليلةٍ في منزلِي بِسُرَّ مَنْ رأى وقدْ مضى هَوِيٌّ منَ الليلِ إذْ قرعَ البابَ قارعٌ، فعدوْتُ مسرعاً فإذا أنا بكافورٍ الخادمِ رسولِ مولانا أبي الحسنِ عليِّ بنِ محمَّدٍ - عَلَيْهِما السَّلامُ - يدعوني إليْهِ، فلبسْتُ ثيابِي ودخلتُ عليْهِ، فرأيْتُهُ يحدِّثُ ابنَهُ أبا محمَّدٍ وأختَهُ حكيمةَ منْ وراءِ السِّتْرِ، فلمّا جلسْتُ قالَ: يا بشرُ، إنَّكَ منْ ولدِ الأنصارِ، وهذِهِ الولايةُ لمْ تزلْ فيكمْ يرثُها خلفٌ عنْ سلفٍ، فأنتمْ ثِقاتُنا أهلَ البيتِ، وإنِّي مُزَكِّيكَ ومشرِّفُكَ بفضيلةٍ تسبقُ بِها شأوَ الشِّيعةِ في الموالاةِ بِها بِسِرٍّ أطلِعُكَ عليْهِ وأنفِذُكَ في ابتياعِ أمَةٍ، فكتبَ كتاباً ملصَقاً بخطٍّ روميٍّ ولغةٍ روميَّةٍ، وطبعَ عليْهِ بخاتمِهِ، وأخرجَ شستقةً صفراءَ فيها مائتانِ وعشرونَ ديناراً فقالَ: خُذْها وتوجَّهَ بِها إلى بغدادَ، واحضرْ معبرَ الفراتِ ضحوةَ كذا، فإذا وصلتْ إلى جانبِكَ زواريقُ السَّبايا وبرزْنَ الجواري منْها فستُحْدِقُ بهمْ طوائفُ المبتاعينَ منْ وُكلاءِ قُوّادِ بني العبّاسِ وشراذِمَ منْ فتيانِ العراقِ، فإذا رأيْتَ ذلكَ فأشرفْ منَ البُعدِ على المسمّى عمرَ بنَ يزيدَ النَّخّاسِ عامَّةَ نهارِكَ إلى أنْ يُبرزَ للمبتاعينَ جاريةً صفتُها كذا وكذا، لابسةً حريرتينِ صفيقتينِ، تمتنعُ منَ السُّفورِ ولمسِ المعترضِ، والانقيادِ لمنْ يحاولُ لمسَها ويشغلُ نظرَهُ بتأمُّلِ مَكاشِفِها منْ وراءِ السِّترِ الرَّقيقِ، فيضربُها النَّخّاسُ فتصرخُ صرخةً روميَّةً، فاعلمْ أنَّها تقولُ: وا هتكَ سِتْراهُ، فيقولُ بعضُ المبتاعينَ: عليَّ بثلاثِمائةِ دينارٍ فقدْ زادَنِي العفافُ فيها رغبةً، فتقولُ بالعربيَّةِ: لوْ برزْتَ في زِيِّ سليمانَ وعلى مثلِ سريرِ مُلكِهِ ما بَدَتْ لي فيكَ رغبةٌ، فأشفِقْ على مالِكَ، فيقولُ النَّخّاسُ: فما الحيلةُ ولا بدَّ منْ بيعِكِ؟ فتقولُ الجاريةُ: وما العجلةُ ولا بدَّ منِ اختيارٍ مبتاعٍ يسكنُ قلبِي [ إليْهِ و] إلى أمانتِهِ وديانتِهِ، فعندَ ذلكَ قمْ إلى عمرَ بنِ يزيدَ النَّخّاسِ وقلْ لهُ: إنَّ معي كتاباً ملصقاً لبعضِ الاشرافِ كتبَهُ بلغةٍ روميَّةٍ وخطٍّ روميٍّ، ووصفَ فيهِ كرمَهُ ووفاءَهُ ونبلَهُ وسخاءَهُ، فناوِلْها لتتأمَّلَ منْهُ أخلاقَ صاحبِهِ فإنْ مالتْ إليْهِ ورضِيَتْهُ، فأنا وكيلُهُ في ابتياعِها منْكَ.

قالَ بشرُ بنُ سليمانَ النَّخّاسُ: فامتثلتُ جميعَ ما حدَّهُ لي مولايَ أبو الحسنِ - عَلَيْهِ السَّلامُ - في أمرِ الجاريةِ، فلمّا نظرَتْ في الكتابِ بكتْ بُكاءً شديداً، وقالتْ لعمرَ بنِ يزيدَ النَّخّاسِ: بِعْنِي منْ صاحبِ هذا الكتابِ، وحلفتْ بالمُحْرِجَةِ المغلَّظةِ إنَّهُ متى امتنعَ منْ بيعِها منْهُ قتلتْ نفسَها، فما زِلتُ أُشاحُّهُ في ثمنِها حتّى استقرَّ الأمرُ فيهِ على مقدارِ ما كانَ أصْحَبَنِيهِ مولايَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - منَ الدَّنانيرِ في الشستقةِ الصَّفراءِ، فاستوفاهُ منِّي، وتسلَّمْتُ منْهُ الجاريةَ ضاحكةً مستبشرةً، وانصرفْتُ بِها إلى حُجْرتِي التي كنتُ آوي إليْها ببغدادَ، فما أخذَها القرارُ حتّى أخرجَتْ كتابَ مولاها - عَلَيْهِ السَّلامُ - منْ جيبِها وهيَ تلثمُهُ وتضعُهُ على خدِّها وتطبقُهُ على جفنِها وتمسحُهُ على بدنِها، فقلتُ تعجُّباً منها: أتلثِمِينَ كتاباً ولا تعرفينَ صاحبَهُ؟ قالتْ: أيُّها العاجزُ الضَّعيفُ المعرفةِ بمحلِّ أولادِ الأنبياءِ، أعِرْنِي سمعَكَ، وفرِّغْ لي قلبَكَ، أنا مليكةُ بنتُ يشوعا بنِ قيصرَ ملكِ الرُّومِ، وأمِّي منْ ولدِ الحواريِّينَ، تُنسَبُ إلى وصيِّ المسيحِ شمعونَ، أنبِئُكَ العجبَ العجيبَ، إنَّ جدِّي قيصرَ أرادَ أنْ يزوِّجَني منِ ابنِ أخيهِ وأنا منْ بناتِ ثلاثَ عشرةَ سنةً، فجمعَ في قصرِهِ منْ نسلِ الحواريِّينَ ومنْ القِسِّيسينَ والرُّهبانِ ثلاثَمائةِ رجلٍ، ومنْ ذوي الأخطارِ سبعَمائةِ رجلٍ، وجمعَ منْ أُمَراءِ الأجنادِ وقوّادِ العساكرِ ونُقباءِ الجيوشِ وملوكِ العشائرِ أربعةَ آلافٍ، وأبرَزَ منْ بهوِ مُلكِهِ عرشاً مصوغاً منْ أصنافِ الجواهرِ إلى صحنِ القصرِ، فرفعَهُ فوقَ أربعينَ مِرْقاةً، فلمّا صعِدَ ابنُ أخيهِ وأحدقتْ بِهِ الصُّلبانُ وقامَتِ الأساقفةُ عُكَّفاً ونُشِرتْ أسفارُ الإنجيلِ تسافلتِ الصُّلبانُ منَ الأعالي فلصقتْ بالأرضِ، وتقوَّضتِ الأعمدةُ فانهارَتْ إلى القرارِ، وخرَّ الصّاعدُ منَ العرشِ مغشيّاً عليْهِ، فتغيَّرَتْ ألوانُ الأساقفةِ، وارتعدتْ فرائصُهُمْ، فقالَ كبيرُهُمْ لجدِّي: أيُّها الملكُ، أعْفِنا منْ مُلاقاةِ هذِهِ النُّحوسِ الدّالةِ على زوالِ هذا الدِّينِ المسيحيِّ والمذهبِ المَلَكانيِّ، فتطيَّرَ جدِّي منْ ذلِكَ تطيُّراً شديداً، وقالَ للأساقفةِ: أقيموا هذِهِ الأعمدةَ، وارفعوا الصُّلبانَ، وأحْضِروا أخا هذا المدبرِ العاثرِ المنكوسِ جَدُّهُ لأزوِّجَ منْهُ هذِهِ الصَّبيَّةَ فيدفعَ نُحُوسَهُ عنْكُمْ بسُعُودِهِ، فلمّا فعلوا ذلكَ حدثَ على الثّاني ما حدثَ على الأوَّلِ، وتفرَّقَ النّاسُ، وقامَ جدِّي قيصرُ مغتمّاً ودخلَ قصرَهُ، وأُرْخِيتِ السُّتورُ، فأُرِيتُ في تلكِ الليلةِ كأنَّ المسيحَ والشَّمعونَ وعدَّةً منَ الحواريِّينَ قدِ اجتمعوا في قصرِ جدِّي، ونصبوا فيهِ منبراً يُباري السَّماءَ علوّاً وارتفاعاً في الموضعِ الذي كانَ جدِّي نصبَ فيهِ عرشَهُ، فدخلَ عليْهِمْ محمَّدٌ - صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ - معَ فتيةٍ وعدَّةٍ منْ بنيهِ، فيقومُ إليْهِ المسيحُ فيعتنقُهُ فيقولُ: يا روحَ اللهِ، إنِّي جئتُكَ خاطباً منْ وصيِّكَ شمعونَ فتاتَهُ مليكةَ لابْنِي هذا، وأوْمأَ بيدِهِ إلى أبي محمَّدٍ صاحبِ هذا الكتابِ، فنظرَ المسيحُ إلى شمعونَ فقالَ لهُ: قدْ أتاكَ الشَّرَفُ فصِلْ رَحِمَكَ بِرَحِمِ رَسُولِ اللهِ - صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ -، قالَ: قدْ فعلتُ، فصعِدَ ذلكَ المنبرَ وخطبَ محمَّدٌ - صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ – وزوَّجَنِي، وشهِدَ المسيحُ - عَلَيْهِ السَّلامُ -، وشهِدَ بنو محمَّدٍ - صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ - والحواريُّونَ، فلمّا استيقظْتُ منْ نومِي أشفقْتُ أنْ أقصَّ هذِهِ الرُّؤْيا على أبِي وجدِّي مخافةَ القتلِ، فكنْتُ أسِرُّها في نفسِي ولا أبديها لهمْ، وضُرِبَ صَدْرِي بِمَحبَّةِ أبي محمَّدٍ حتّى امتنعْتُ منَ الطَّعامِ والشَّرابِ، وضعُفَتْ نفسِي ودقَّ شَخْصِي، ومَرِضْتُ مرضاً شديداً فما بقيَ منْ مدائنِ الرُّومِ طبيبٌ إلّا أحضرَهُ جدِّي وسألَهُ عنْ دَوائِي، فلمّا برَّحَ بِهِ اليأسُ قالَ: يا قرَّةَ عَيْنِي فهلْ تخطرُ ببالِكِ شهوةٌ فأزوِّدَكِها في هذِهِ الدُّنْيا؟ فقلتُ: يا جدِّي، أرى أبوابَ الفرجِ عليَّ مغلقةً فلوْ كشفْتَ العذابَ عمَّنْ في سجنِكَ منْ أُسارى المسلمينَ، وفككْتَ عنْهُمُ الأغلالَ، وتصدَّقْتَ عليْهِمْ ومننْتَهمْ بالخلاصِ لَرَجَوْتُ أنْ يهبَ المسيحُ وأمُّهُ ليَ عافيةً وشفاءً، فلمّا فعَلَ ذلكَ جدِّي تجلَّدْتُ في إظهارِ الصِّحَّةِ في بدنِي، وتناولتُ يسيراً منَ الطَّعامِ، فسُرَّ بذلكَ جدِّي وأقبلَ على إكرامِ الأسارى وإعزازِهِمْ، فرأيْتُ أيضاً بعدَ أربعِ ليالٍ كأنَّ سيِّدةَ النِّساءِ قدْ زارتْنِي ومعَها مريمُ بنتُ عِمرْانَ وألفُ وصيفةٍ منْ وصائفِ الجِنانِ، فتقولُ لي مريمُ: هذِهِ سيِّدةُ النِّساءِ أمُّ زَوْجِكِ أبي محمَّدٍ - عَلَيْهِ السَّلامُ -، فأتعلَّقُ بِها وأبكي وأشكو إليْها امتناعَ أبي محمَّدٍ منْ زيارَتِي، فقالتْ لي سيِّدةُ النِّساءِ - عَلَيْها السَّلامُ -: إنَّ ابْنِي أبا محمَّدٍ لا يزورُكِ وأنتِ مشركةٌ باللهِ وعلى مذهبِ النَّصارى، وهذِهِ أُخْتِي مريمُ تبرأُ إلى اللهِ تعالى منْ دِينِكِ، فإنْ مِلْتِ إلى رِضا اللهِ عزَّ وجلَّ ورِضا المسيحِ ومريمَ عنْكِ وزيارَةِ أبي محمَّدٍ أيّاكِ فقولي: أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ وأشهَدُ أنَّ أبي محمَّداً رسولُ اللهِ، فلمّا تكلَّمْتُ بهذِهِ الكلمةِ ضمَّتْنِي سيِّدةُ النِّساءِ إلى صدرِها فطيَّبَتْ لي نفسِي، وقالتْ: الآنَ توقَّعِي زيارَةَ أبي محمَّدٍ إيّاكِ، فإنِّي مُنْفِذةٌ إليْكِ، فانتبَهْتُ وأنا أقولُ: وا شَوْقاهُ إلى لقاءِ أبي محمَّدٍ، فلمّا كانتِ الليلةُ القابلةُ جاءَنِي أبو محمَّدٍ - عَلَيْهِ السَّلامُ - في مَنامِي فرأيْتُهُ كأنِّي أقولُ لهُ: جَفَوْتَنِي يا حَبيبِي بعدَ أنْ شغلْتَ قلبِي بِجَوامِعِ حُبِّكَ؟ قالَ: ما كانَ تأخِيرِي عَنْكِ إلّا لِشِرْكِكِ وإذْ قدْ أسلمْتِ فإنِّي زائِرُكِ في كُلِّ ليلةٍ إلى أنْ يجمعَ اللهُ شملَنا في العِيانِ، فما قطعَ عنِّي زيارَتَهُ بعدَ ذلك إلى هذِهِ الغايةِ.

قالَ بشرٌ: فقلتُ لها: وكيفَ وقعْتِ في الأسْرِ؟ فقالتْ: أخبرَنِي أبو محمَّدٍ ليلةً منَ الليالي أنْ جدُّكِ سيُسَرِّبُ جيوشاً إلى قتالِ المسلمينَ يومَ كذا ثمَّ يتبعُهُمْ، فعليْكِ باللحاقِ بهمْ متنكِّرةً في زِيِّ الخدمِ معَ عِدَّةٍ منَ الوصائفِ منْ طريقِ كذا، ففعلْتُ فوقعَتْ عليْنا طلائعُ المسلمينَ حتّى كانَ منْ أمرِي ما رأيْتَ وما شاهدْتَ، وما شعرَ أحدٌ [بي] بأنِّي ابنةُ ملكِ الرُّومِ إلى هذِهِ الغايةِ سِواكَ، وذلِكَ بإطْلاعِي إيّاكَ عليْهِ، ولقدْ سألَنِي الشَّيخُ الذي وقعْتُ إليْهِ في سهمِ الغنيمةِ عنِ اسْمِي فأنكرْتُهُ وقلتُ: نَرْجِسُ، فقالَ: اسْمُ الجَواري، فقلتُ: العجبُ أنَّكِ روميَّةٌ ولسانُكِ عربيٌّ؟ قالتْ: بلغَ منْ ولوعِ جدِّي وحَمْلِهِ إيّايَ على تعلُّمِ الآدابِ أنْ أوْعَزَ إلى امرأةِ ترجمانٍ لهُ في الاختلافِ إليَّ، فكانتْ تقصدُنِي صباحاً ومساءً وتُفيدُني العربيَّةَ حتّى استمرَّ عليْها لسانِي واستقامَ.

قالَ بشرٌ: فلمّا انكفأْتُ بِها إلى سُرَّ مَنْ رَأى دخلْتُ على مولانا أبي الحسنِ العسكريِّ - عَلَيْهِ السَّلامُ - فقالَ لها: كيفَ أراكِ اللهُ عزَّ الإسلامِ وذلَّ النَّصرانيَّةِ، وشرفَ أهلِ بيتِ النَّبيِّ - صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ -؟ قالتْ: كيفَ أصِفُ لكَ يا بْنَ رسولِ اللهِ ما أنتَ أعلمُ بِهِ منِّي؟ قالَ: فإنِّي أريدُ أنْ أُكرِمَكِ فأيُّما أحبُّ إليْكِ عشرةُ آلافِ درهمٍ، أمْ بُشرى لكِ فِيها شرفُ الأبدِ؟ قالتْ: بلِ الْبُشرى، قالَ - عَلَيْهِ السَّلامُ -: فأَبْشِرِي بولدٍ يملكُ الدُّنيا شرقاً وغرباً، ويملأُ الأرضَ قسطاً وعدلاً كما مُلِئَتْ ظلماُ وجوراً، قالتْ: ممَّنْ؟ قالَ - عَلَيْهِ السَّلامُ -: ممَّنْ خطبَكِ رسولُ اللهِ - صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ - لهُ منْ ليلةِ كذا منْ شهرِ كذا منْ سنةِ كذا بالرُّوميَّةِ، قالتْ: منَ المسيحِ ووصيِّهِ؟ قالَ: فممَّنْ زوَّجَكِ المسيحُ ووصيَّهُ؟ قالتْ: منِ ابْنِكَ أبي محمَّدٍ؟ قالَ: فهلْ تعرفِينَهُ؟ قالتْ: وهلْ خلوتُ ليلةً منْ زيارتِهِ إيّايَ منذُ الليلةِ التي أسلمْتُ فِيها على يدِ سيِّدَةِ النِّساءِ أُمِّهِ.

فقالَ أبو الحَسَنِ - عَلَيْهِ السَّلامُ -: يا كافورُ، ادْعُ لي أخْتِي حكيمةَ، فلمّا دخلتْ عليْهِ قالَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - لها: ها هيَ، فاعتنقَتْها طويلاً وسُرَّتْ بِها كثيراً، فقالَ لَها مولانا: يا بنتَ رسولِ اللهِ أخْرِجِيها إلى منزلِكِ وعَلِّمِيها الفرائضَ والسُّنَنَ؛ فإنَّها زوجةُ أبي محمَّدٍ وأمُّ القائمِ - عَلَيْهِ السَّلامُ -). [كمالُ الدِّينِ للصدوق ص418، الغيبةُ للطُّوسيِّ ص208، بحارُ الأنوار للمجلسيِّ ج51 ص6]

وَدُمْتُمْ سالِمِينَ.