كيفَ تُوُفِّيتْ السيدةُ زينبُ (ع)؟!

أمّ أحمد: السلامُ عليكمْ .. أرجوْ منكمْ أنْ تَكتبوا إليّ بشكلٍ مفصَّلٍ عن كيفيةِ وفاةِ السيدةِ زينبَ الكُبرى (عليها السلامُ)؟  وما هو أفضلُ كتابٍ برأيِكم يحكيْ عنها سلامُ اللهِ عليها؟

: اللجنة العلمية

الأختُ أمّ أحمدَ المحترمةَ، السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه.

لم يسعفْنا التأريخُ كثيراً فيما يتعلقُ بأخبارِ السيدةِ زينبَ (عليها السلامُ) بعدَ واقعةِ الطّفِّ ، فبعضُ الرواياتِ تقولُ: إنها بقيتْ تمارسُ دورَ التحريضِ على الأُمويّين والثورةِ عليهم بعدَ استشهادِ أخيها الحسينِ (عليه السلامُ) ممّا اضطُرَّ السُّلُطاتِ الحاكمةَ آنذاكَ إلى طلبِ رحيلِها بالقوةِ فاختارتْ مصرَ فذهبتْ إليها وماتتْ هناكَ   .

وفي هذا الجانبِ روى العَبْدليُّ " يحيى النسّابةُ الأعرجيُّ المتوفَّى 277 هـ" في كتابِه "أخبارُ الزينباتِّ" ص 21: 

( إنّ زينب الكُبرى بعدَ رجوعِها من أسْرِ بني أُميّة إلى المدينةِ أخذتْ تؤلِّبُ الناسَ على يزيدَ بنِ معاويةَ ، فخافَ عمرو بنُ سعيدِ الأشدَق انتقاضَ الأمرِ ، فكتبَ إلى يزيدَ بالحالِ ، فأتاه كتابُ يزيدَ يأمرُه بأنْ يفرَقَ بينَها وبينَ الناسِ ، فأمرَ الوالي بإخراجِها منَ المدينةِ إلى حيثُ شاءتْ ، فأبتِ الخروجَ منَ المدينةِ وقالتْ : قد علِمَ اللهُ ما صارَ إلينا ، قُتِل خيرُنا ، وسقْنا كما تُساقُ الأنعامُ ، وحُملْنا على الأقتابِ ، فواللهِ لا أخرُجُ وإنْ أهرقتْ دماؤنا ، فقالتْ لها زينبُ بنتُ عقيلٍ : يا ابنةَ عمّاه قد صدقَنا اللهُ وعدَه وأُورثْنا الأرضَ نتبوَّءُ منها حيثُ نشاءُ ، فطيبيْ نفساً وقرّي عيناً ، وسيجزيْ اللهُ الظالمينَ ، أ تريدينَ بعدَ هذا هواناً ؟ ! ارحليْ إلى بلدٍ آمنٍ ، ثم اجتمعَ عليها نساءُ بنى هاشمٍ وتلطّفْنَ معَها في الكلام ِ، فاختارتْ مصرَ ، وخرجَ معها مِن نساءِ بني هاشمٍ فاطمةُ ابنةُ الحسينِ وسكينةٌ ، فدخلتْ مصرَ لأيامٍ بقيتْ مِن ذي الحّجّةِ ، فاستقبلَها الوالي مَسْلَمةُ بنُ مُخلَّدِ الأنصاريّ في جماعةٍ معَه ، فأنزلَها دارَه بالحمراءِ ، فأقامتْ به أحدَ عشرَ شهراً وخمسةَ عشرَ يوماً ، وتُوُفِّيتْ عشيّةَ يومِ الأحدِ لخمسةَ عشرَ يوماً مضتْ من رجبٍ سنةَ اثنتينِ وستينَ للهجرةِ ودُفنتْ بمخدعِها في دارِ مَسلمةَ المستجدَّةِ بالحمراءِ القُصوى ، حيثُ بساتينُ عبدِ الله ِبن ِعبدِ الرحمنِ بنِ عوفِ الزُّهْريِّ ).  انتهى

وبعضُ المرويَّاتِ تقولُ إنها ذهبتْ إلى الشامِ في أيامِ عبدِ الملكِ بنِ مروانَ معَ زوجِها عبدِ اللهِ بنِ جعفرِ الطيّارِ سنةَ المجاعةِ وتُوفِّيتْ هناكَ ، جاءَ في كتابِ كاملِ البهائيِّ ج 2 ص 302: ( رُوي أنّ أمَّ كلثومٍ أُختَ الحسينِ (عليه السلامُ) تُوفّيتْ بدمشقَ (سلامُ الله ِعليها) )  .

 وجاءَ في كتابِ ( الخيراتِ الحِسانِ ) وغيرِه : أنّ مجاعةً أصابتِ المدينةَ فرحلَ عنها بأهلِه عبدُ اللهِ بن ُجعفرٍ إلى الشامِ في ضَيعةٍ له هناك ، وقد حُمَّتْ زوجتُه زينبُ ( ع ) من وعْثاءِ السفرِ أو ذكرياتِ أحزانٍ وأشجانً من عهدِ سبيِ يزيدَ لآلِ الرسولِ ( ص ) ، ثم تُوفِّيتْ على أثرِها في نصفِ رجبٍ سنةَ خمسٍ وستينَ من الهجرةِ، ودُفنَتْ هناكَ حيثُ المزارُ المشهورُ. انتهى.

ويوجَدُ قولٌ ثالث ٌأنها توفِّيتْ في المدينة ِ، وهو ما يميلُ إليهِ السيدُ محسنُ الأمينُ في " أعيانِ الشيعةِ " ج7 ص 140 حيثُ قال َ: ( يَجبُ أنْ يكونَ قبرُها في المدينةِ المنوّرة ِ، فإنّه لم يثبتْ أنّها ـ بعد رجوعِها ْ منها ، وإنْ كانَ تاريخُ وفاتِها ومحلُّ قبرِها بالبقيعِ (مجهولاً) ، وكمْ منْ أهلِ البيتِ أمثالِها مَن جُهِلَ محلُّ قبرِه وتاريخُ وفاتِه ، خصوصاً النساءُ ) . انتهى 

وكلُّ هذهِ الأقوالُ محلُّ أخْذٍ وردٍّ بينَ الباحثينَ ، وللتوسعةِ في الموضوعِ يمكنُكمْ مُراجعةُ كتابِ (  زينبُ الكُبرى مِنَ المهْدِ إلى اللحْدِ ) تأليفُ السّيدِ محمد القَزوينيُّ . 

ودُمتُم سالمينَ.