سلسلة سؤال وجواب حول التوحيد (8)

التوحيد في العبادة

: اللجنة العلمية

من المواضيع العقائدية المهمة، هو معرفة حقيقة العبادة وشرطية أنْ تكون لمن يستحقها، وإلا وقعنا في محذور الشرك في العبادة، وهو من الكبائر، ولا يُغفر للمشرك، ما لم يتُبْ إلى الله سبحانه وتعالى.

س1: ما معنى التوحيد – هنا –؟

ج: معناه: إنحصار العبادة في موجود واحد مستحق للعبادة دون غيره.

س2: معنى العبادة؟ 

ج: العبادة: هي صفة منحصرة بالله سبحانه وتعالى، بحيث تعديتها لغيره، وقوع في الشرك العبادي.

وبعبارة أوضح: إنّ العبادة: ((هي الخضوع الناشئ عن إعتقاد خاص، هو إعتقاد الخاضع أنّ المخضوع له هو خالقه وربه، أي هو المالك لشؤون العابد كلّها في دينه ودنياه وآخرته)). 

وبعبارة أخرى: أنّ مفهوم العبادة متقوم بأمرين:

الأول: الخضوع والتذلل.

الثاني: الإعتقاد بكون المعبود خالق ومالك لكل شيء ومستحق للعبادة، فإذا إنتفى أحد الأمرين انتفت العبادة.

س3: ما معنى التوحيد في العبادة؟

ج: هو الإعتقاد بأنّ العبادة ثابتةٌ لله سبحانه وتعالى، بمعنى أنه لا معبود إلا الله جلّت عظمته، وهو مستحق لها. 

وبعبارةٍ أخرى: يجب علينا أنْ نعتقد إعتقاداً جازماً، بأنّ المعبود الحقيقي الوحيد، وهو مَن يستحق العبادة هو الخالق سبحانه، ولا يمكن عبادة غيره، أو التقرب إلى غيره، أو طلب شيء مِن غيره – مستقلاً - فكل ذلك لازمه الوقوع في الشرك، بل مَن أشرك في العبادة، فهو خارج عن الإسلام، وعن دين التوحيد.

س4: هل يوجد هناك ترابطاً واضحاً ما بين التوحيد في الخالقية, والتوحيد في الربوبية, والتوحيد في العبادة؟

ج: نعم إذ ينبغي على العاقل الذي ثبت عنده بالدليل القطعي أنْ لا خالق إلا الله سبحانه، يجب عليه أن يعتقد جازماً أنْ لا ربّ إلا الله سبحانه، مما يترتب عليه الإعتقاد أنْ لا معبود إلا الله سبحانه، ولا يمكن التفكيك ما بين هذه الأقسام الثلاثة من التوحيد.

 س5: بناءً على ما تقدم فهل كل خضوع يُسمى عبادة؟

ج: لا بل العبادة منحصرة، في أنْ يعتقد الخاضع بأنّ المخضوع له خالق ومالك وربّ للعالم، وأمّا إذا انتفت جميع هذه الأمور، فلا يصدق مفهوم العبادة. 

إشكال: وهو ما نشاهده من التوسل بالأئمة (عليهم السلام)، والتبرك بأضرحتهم، وزيارة

 مراقدهم، وغير ذلك من الشعائر والمناسبات، ألا يُعد ذلك نوع شرك، لأنه تقرب إلى غير الله تعالى وليس إلى الله تعالى؟

جوابه: أولاً: إنّ حقيقة العبادة متقومة بأمرين، وهما (الخضوع والتذلل)، وأنّ المخضوع له والمتذَلل له خالق ومالك لأمري، فإذا إنتفى أحد الأمرين انتفت العبادة وما ذكر من الإشكال، فإنّ الأمر الثاني غير متحقق قطعاً، بل ما هو موجود هو الأمر الأول فقط وهذا يحصل للإبن بالنسبة إلى والديه، قال تعالى: ((واخفض لهما جناح الذل من الرحمة))(1) , فهل يسمى ذلك عبادة؟ بالطبع لا، وإنما أمرنا الله سبحانه به (بمعنى أنْ نتذلل لهما).

ثانياً: إنّ التوسل بالأئمة (عليهم السلام) وزيارة مراقدهم، وإقامة الشعائر، وغير ذلك فهو داخل بالعبادة لا خارج عنها، وذلك لأنّ الله تعالى أمرنا بذلك، في قوله تعالى: ((ومن يُعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب))(2)  فكل ذلك هو لله تعالى وليس دون الله عزوجل, ومن اعتقد خلاف ذلك حَقّ عليه أنْ يُرمى بالشرك.

________________________

(1) سورة الإسراء: 24. 

(2) سورة الحج: 32.