هَلْ أَقَرَّ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (ع) بِخِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ؟!

رُسُلُ /الْأَرْدُنُ :/هُنَاكَ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ هَذَا النَّصَّ يَدُلُّ عَلَى إقْرَارِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِخِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ، حِينَ قَالَ الْخَلِيفَةُ: (أَقِيلُونِي بَيْعَتَي. فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: وَاللهِ لَا نُقِيلُكَ وَلَا نَسْتَقِيلُكَ، رَضِيَكَ رَسُولُ اللهِ لِدُنْيَانَا، أَفَلَا نَرْضَاكَ لِدِينِنَا) القُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ (1/272)، وَكِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ لِابْنِ حَنْبَلَ (1/151)، وَلَكِنَّ السُّؤَالَ قَبْلَ الإِمْعَانِ فِي النَّصِّ هُوَ مَدَى صِحَّةِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ؟

: اللجنة العلمية

     الأُخْتُ رُسُلُ المُحْتَرَمَةُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

     هَذِهِ الرِّوَايَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ، وَلَا تَصِحُّ نِسْبَتُهَا لِأَميرِ المُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَذَلِكَ لِأَنَّ أَصْلَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَهَا طَرِيقَانِ:

     الطَّرِيقُ الأَوَّلُ: ذُكِرَ فِي كِتَابِ (فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ) بِأَسَانِيدَ مُخْتَلِفَةٍ تَنْتَهِي إِلَى أحَدِ رُوَاةِ الْحَديثِ، وَهُوَ أَبُو الجَحَّافِ دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَوْفٍ، وَهُوَ قَطْعًا لَمْ يَسْمَعْ هَذِهِ الرِّوَايَةَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَلَا مِنْ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنَ الطَّبَقَةِ السَّادسَةِ الَّذِينَ تَتَرَاوَحُ وَفِيَّاتُهُمْ مَا بَيْنَ سَنَةِ ١٣١ هِجْرِيَّةً إِلَى سَنَةِ ١٥١ هِجْرِيَّةً، حَسَبَ تَقْسِيمَاتِ عُلَمَاءٍ الحَدِيثِ، وَعَلَى هَذَا الأَسَاسِ، فَبَيْنَهُ وَبَيْنَ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مَا يَقْرُبُ مِنْ ٩٠ سَنَةً فِي أَقَلِّ التَّقَادِيرِ، حَيْثُ إِنَّ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) اسْتُشْهِدَ سَنَةَ ٤٠ لِلْهِجْرَةِ، فَالْفَتْرَةُ الزَّمَنِيَّةُ بَيْنَ أَبِي الجَحَّافِ وَبَيْنَ أَميرِ المُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بَعيدَةٌ جِدًّا، تُقَدَّرُ بِحَوَالَيْ (90) سَنَةً.

     الطَّرِيقُ الثَّانِي: ذَكَرَهُ الآجُرِيُّ فِي كِتَابِهِ الشَّرِيعَةِ (4/1724) بِإِسْنَادِهِ إِلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرٍو النَّخَعِيِّ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةَ، فَذَكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ، وَلَكِنَّهَا أَيْضًا رِوَايَةٌ لَا يُحْتَجُّ بِهَا مُطْلَقًا، لِأَنَّ فِي سَنَدِهَا سُلَيْمَانَ بْنَ عَمْرٍو النَّخَعِيَّ، فَهُوَ كَذَّابٌ يَضَعُ الحَدِيثَ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ نُقَّادُ الحَدِيثِ فِي تَرْجُمَتِهِ فِي كُتُبِ الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، يُنْظَرُ تَرْجُمَتُهُ فِي كِتَابِ مِيزَانِ الإِعْتِدَالِ لِلذَّهَبِيِّ، رَقْمُ التَّرْجُمَةِ (3333).

فَظَهَرَ مِنْ جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ عَدَمُ صِحَّةِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَجُوزُ نِسْبَتُهَا إِلَى أَميرِ المُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).

      وَدُمْتُم سَالِمِينَ.