عَلَامَاتُ الظُّهُورِ الحَتْمِيَّةُ.

مُحَمَّدٌ التُّرْكُمَانِيُّ:            سُؤَالٌ:      مَا هِيَ العَلَامَاتُ الحَتْمِيَّةُ الَّتِي تَحْدُثُ قُبَيْلَ الظُّهُورِ المُبَارَكِ لِلحُجَّةِ (عَ)؟ وَكَمْ هِيَ المُدَّةُ الزَّمَنِيَّةُ بَيْنَ العَلَامَاتِ؟

: اللجنة العلمية

     الأَخُ مُحَمَّدٌ المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

     هَذِهِ العَلَامَاتُ - بِحَسَبِ الرِّوَايَاتِ الوَارِدَةِ فِي المَوْضُوعِ - هِيَ خَمْسُ عَلَامَاتٍ:

     الأُولَى: الصَّيْحَةُ مِنْ السَّمَاءِ.

     حَيْثُ وَرَدَ أَنَّ جَبْرَئِيلَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَصِيحُ فِي السَّمَاءِ فِي لَيْلَةِ الثَّالِثِ وَالعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ، وَيُصَادِفُ ذَلِكَ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ.

     جَاءَ عَنْ الإِمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): (الصَّيْحَةُ الَّتِي فِي شَهْرِ رَمَضَانَ تَكُونُ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ لِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ مَضَيْنَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ).

     وَعَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثِّمَالِيِّ أَنَّهُ قَالَ لِلإِمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): فَكَيْفَ يَكُونُ النِّدَاءُ؟

     قَالَ: يُنَادِي مُنَادٍ مِنْ السَّمَاءِ أَوَّلَ النَّهَارِ يَسْمَعُهُ كَلُّ قَوْمٍ بِأَلْسِنَتِهِمْ: (أَلَا إِنَّ الْحَقَّ فِي عَلِيٍّ وَشِيعَتِهِ)، ثُمَّ يُنَادِي إِبْلِيسُ - فِي آخِرِ النَّهَارِ- (أَلَا إِنَّ الْحَقَّ فِي السُّفْيَانِيِّ وَشِيعَتِهِ) فَيَرْتَابُ عِنْدَ ذَلِكَ المُبْطِلُونَ. انْتَهَى

     الثَّانِيَةُ: خُرُوجُ السُّفْيَانِيِّ.

     فَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): (ثُمَّ يَسِيرُ فِي سَبْعِينَ أَلْفًا نَحْوَ العِرَاقِ وَالْكُوفَةِ وَالبَصْرَةِ.

     ثُمَّ يَدُورُ الأَمْصَارَ وَالأَقْطَارَ، وَيَقْتُلُ أَهْلَ العِلْمِ، وَيُحْرِقُ المَصَاحِفَ، وَيُخَرِّبُ المَسَاجِدَ، وَيَسْتَبِيحُ المَسَاجِدَ، وَيَسْتَبِيحُ الحَرَامَ، وَيَأْمُرُ بِضَرْبِ المَلَاهِي وَالمَزَامِيرِ فِي الأَسْوَاقِ، وَالشُّرْبِ عَلَى قَوَارِعِ الطُّرُقِ، وَيُحَلِّلُ لَهُمْ الفَوَاحِشَ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ كُلَّ مَا افْتَرَضَهُ اللهُ (عَزَّ وَجَلَّ) مِنْ الفَرَائِضِ، وَلَا يَرْتَدِعُ عَنْ الظُّلْمِ وَالجَوْرِ. إلخ).

     وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ الإِمَامِ مُحَمَّدٍ البَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ قَالَ: (السُّفْيَانِيُّ أَحْمَرُ أَشْقَرُ أَزْرَقُ لَمْ يَعْبُدْ اللهَ قَطُّ وَلَمْ يَرَ مَكَّةَ وَالمَدِينَةَ قَطُّ يَقُولُ: يَارَبِّ، ثَأْرِي وَالنَّارُ يَارَبِّ، ثَأْرِي وَالنَّارُ). انْتَهَى.

     الثَّالِثَةُ: الخَسْفُ بِالبَيْدَاءِ.

     وَهُوَ خَسْفٌ يَكُونُ قُرْبَ مَكَّةَ حَيْثُ يُخْسَفُ بِجَيْشِ السُّفْيَانِيِّ قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَى مَكَّةَ لِمُحَارَبَةِ الإِمَامِ المَهْدِيِّ بَعْدَ أَنْ تَسْتَنْجِدَ بِهِ حُكُومَةُ الحِجَازِ لِمُحَارَبَةِ المَهْدِيِّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لِتَسَامُعِهَا بِظُهُورِهِ.

     جَاءَ عَنْ الإِمَامِ البَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ):

     (يُرْسِلُ السُّفْيَانِيُّ بَعْثًا إِلَى المَدِينَةِ، فَيَنْفِرُ [النَّفْرُ: إِسْرَاعُ القَوْمِ إِلَى أَمْرٍ أَوْ قِتَالٍ] المَهْدِيُّ مِنْهَا إِلَى مَكَّةَ، فَيَبْلُغُ أَمِيرَ جَيْشِ السُّفْيَانِيِّ أَنَّ المَهْدِيَّ قَدْ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ، فَيَبْعَثُ جَيْشًا عَلَى أَثَرِهِ فَلَا يُدْرِكُهُ حَتَّى يَدْخُلَ مَكَّةَ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ عَلَى سُنَّةِ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ (عَ). وَقَالَ: فَيَنْزِلُ أَمِيرُ جَيْشِ السُّفْيَانِيِّ البَيْدَاءَ فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ السَّمَاءِ: يَا بَيْدَاءُ بِيدِي القَوْمَ، فَيُخْسَفُ بِهِمْ، فَلَا يُفْلِتُ مِنْهُمْ إِلَّا ثَلَاثَةُ نَفَرٍ). انْتَهَى.

     الرَّابِعَةُ: خُرُوجُ الِيمَانِيِّ.

     فَقَدْ وَرَدَ فِي الرِّوَايَاتِ، كَهَذِهِ الرِّوَايَةِ عَنْ الإِمَامِ الباقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): (وَخُرُوجُ السُّفْيَانِيِّ وَاليَمَانِيِّ وَالخُرَاسَانِيِّ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، وَفِي شَهْرٍ وَاحِدٍ، وَفِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، نِظَامٌ كَنِظَامِ الخَرَزِ يَتْبَعُ بَعْضًا... وَلَيْسَ فِي الرَّايَاتِ أَهْدَى مِنْ رَايَةِ اليَمَانِيِّ، وَهِيَ رَايَةُ هُدًى لِأَنَّهُ يَدْعُوكُمْ إِلَى صَاحِبِكُمْ (الإِمَامِ المَهْدِيِّ)). انْتَهَى.

     الخَامِسَةُ: قَتْلُ النَّفْسِ الزَّكِيَّةِ.

     قَالَ الإِمَامُ البَاقِرُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): (يَقُولُ القَائِمُ لِأَصْحَابِهِ: يَا قَوْمِ إِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ لَا يَرُدُّونَنِي، وَلَكِنِّي مُرْسِلٌ إِلَيْهِمْ لِأَحْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِمَا يَنْبَغِي لِمِثْلِي أَنْ يَحْتَجَّ عَلَيْهِمْ) فَيَدْعُو رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ فَيَقُولُ لَهُ: امْضِ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ فَقُلْ: يَا أَهْلَ مَكَّةَ.. أَنَا رَسُولُ فُلَانٍ إِلَيْكُمْ وَهُوَ يَقُولُ لَكُمْ: إِنَّا أَهْلُ بَيْتِ الرَّحْمَةِ، وَمَعْدِنِ الرِّسَالَةِ وَالخِلَافَةِ، وَنَحْنُ ذَرِّيَّةُ مُحَمَّدٍ وَسُلَالَةُ النَّبِيِّينَ، وإِنَّا قَدْ ظُلْمِنَا وَاضْطُهِدْنَا وَقُهِرْنَا وَابْتُزَّ مِنَّا حَقُّنَا مُنْذُ قُبِضَ نَبِيُّنَا إِلَى يَوْمِنَا هَذَا، فَنَحْنُ نَسْتَنْصِرُكُمْ فَانْصُرُونَا.

     فَإِذَا تَكَلَّمَ هَذَا الفَتَى بِهَذَا الكَلَامِ أَتَوْا إِلَيْهِ فَذَبَحُوهُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمَقَامِ وَهِيَ النَّفْسُ الزَّكِيَّةُ). انْتَهَى. 

     قَالَ الإِمَامُ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): (وَلَيْسَ بَيْنَ قِيَامِ قَائِمِ آلِ مُحَمَّدٍ وَقَتْلِ النَّفْسِ الزَّكِيَّةِ إِلَّا خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً). انْتَهَى.

     وَقَدْ يَجْعَلُ بَعْضُهُمْ خُرُوجَ الشَّمْسِ مِنْ المَغْرِبِ مِنْ المَحْتُومِ أَيْضًا، إِلَّا أَنَّ بَعْضَ المُحَقِّقِينَ - كَالشَّيْخِ الكَوْرَانِيِّ حَفِظَهُ اللهُ - لَا يَرَاهَا مِنْ عَلَامَاتِ الظُّهُورِ، بَلْ مِنْ عَلَامَاتِ مَا بَعْدَ الظُّهُورِ، اسْتِنَادًا لِلمُسْتَفَادِ مِنْ الرِّوَايَاتِ، كَهَذِهِ الرِّوَايَةِ الَّتِي يَرْوِيهَا الشَّيْخُ المُفِيدُ فِي الإِرْشَادِ، ص 358، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثِّمَالِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): خُرُوجُ السُّفْيَانِيِّ مِنْ المَحْتُومِ؟ قَالَ: (نَعَمْ، وَالنِّدَاءُ مِنَ المَحْتُومِ، وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا مِنْ المَحْتُومِ، وَاخْتِلَافُ بَنِي العَبَّاسِ فِي الدَّوْلَةِ مِنَ المَحْتُومِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الزَّكِيَّةِ مَحْتُومٌ، وَخُرُوجُ القَائِمِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) مَحْتُومٌ).

     قُلْتُ: وَكَيْفَ يَكُونُ النِّدَاءُ؟ قَالَ: (يُنَادَى مِنْ السَّمَاءِ أَوَّلَ النَّهَارِ: أَلَا إِنَّ الْحَقَّ مَعَ عَلِيٍّ وَشِيعَتِهِ. ثُمَّ يُنَادِي إِبْلِيسُ فِي آخِرِ النَّهَارِ مِنْ الأَرْضِ: أَلَا إِنَّ الْحَقَّ مَعَ عُثْمَانَ وَشِيعَتِهِ. فَعِنْدَ ذَلِكَ يَرْتَابُ المُبْطِلُونَ). انْتَهَى.

     وَكَذَلِكَ مَا رَوَاهُ المُفِيدُ فِي الإِرْشَادِ: ص 358 - عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثِّمَالِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): خُرُوجُ السُّفْيَانِيِّ مِنْ المَحْتُومِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَالنِّدَاءُ مِنْ المَحْتُومِ، وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا مِنْ المَحْتُومِ، وَاخْتِلَافُ بَنِي العَبَّاسِ فِي الدَّوْلَةِ مِنْ المَحْتُومِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الزَّكِيَّةِ مَحْتُومٌ، وَخُرُوجُ القَائِمِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) مَحْتُومٌ. قُلْتُ: وَكَيْفَ يَكُونُ النِّدَاءُ؟ قَالَ: يُنَادَى مِنْ السَّمَاءِ أَوَّلَ النَّهَارِ: أَلَا إِنَّ الْحَقَّ مَعَ عَلِيٍّ وَشِيعَتِهِ. ثُمَّ يُنَادِي إِبْلِيسُ فِي آخِرِ النَّهَارِ مِنْ الأَرْضِ: أَلَا إِنَّ الْحَقَّ مَعَ عُثْمَانَ وَشِيعَتِهِ. فَعِنْدَ ذَلِكَ يَرْتَابُ المُبْطِلُونَ). انْتَهَى. 

     فَقَدْ عَدَّ طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا مِنْ المَحْتُومَاتِ كَظُهُورِ الإِمَامِ المَهْدِيِّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَلَمْ يَعُدَّهُ مِنْ عَلَامَاتِ السَّاعَةِ القَرِيبَةِ.

     وَكَذَلِكَ مَا رَوَاهُ الصَّدُوقُ فِي الخِصَالِ: 2 / 446، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أسيدٍ قَالَ: (سَمِعْتُ النَّبِيَّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) يَقُولُ: "عَشْرُ آيَاتٍ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ، خَمْسٌ بِالمَشْرِقِ، وَخَمْسٌ بِالمَغْرِبِ، فَذَكَرَ الدَّابَّةَ، وَالدَّجَّالَ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَعِيسَى بْنَ مَرْيَمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَأَنَّهُ يَغْلِبُهُمْ وَيُغْرِقُهُمْ فِي البَحْرِ. وَلَمْ يَذْكُرْ تَمَامَ الآيَاتِ).

     وَفِي غَيْبَةِ الطُّوسِيِّ: ص 267 عَنْ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: (قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ): عَشْرٌ قَبْلَ السَّاعَةِ لَابُدَّ مِنْهَا: السُّفْيَانِيُّ، وَالدَّجَّالُ، وَالدُّخَانُ، وَالدَّابَّةُ، وَخُرُوجُ القَائِمِ، وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَنُزُولُ عِيسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَخَسْفٌ بِالمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ العَرَبِ، وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَن تَسُوقُ النَّاسَ إِلَى المَحْشَرِ). انْتَهَى.

     فَكُلُّهَا تَذْكُرُ طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا أَنَّهَا حَدَثٌ لاَبُدَّ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ القِيَامَةِ، لَا أَنَّهُ مِنْ عَلَامَاتِهَا القَرِيبَةِ، فَقَدْ يَفْصِلُهُ عَنْ القِيَامَةِ أُلُوفُ السِّنِينَ.

     قَالَ الشَّيْخُ الكَوْرَانِيُّ: لِذَلِكَ أَرَى أَنَّ طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا لَيْسَتْ مِنْ عَلَامَاتِ الظُّهُورِ الَّتِي تَقَعُ قَبْلَهُ، وَلَا مِنْ عَلَامَاتِ القِيَامَةِ القَرِيبَةِ، وَإِنْ كَانَتْ بِذَاتِهَا حَدَثٌ يَحْدُثُ بَعْدَ ظُهُورِ الإِمَامِ المَهْدِيِّ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ)، وَقَدْ يَكُونُ فِي عَصْرِهِ، أَوْ فِي دَوْلَتِهِ بَعْدَهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِأُلُوفِ السِّنِينَ. وَاللهُ أَعْلَمُ.

     وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.