هَلْ يُوجَدُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُودِ وَلَدٍ لِلإِمَامِ الحَسَنِ العَسْكَرِيِّ (ع)؟

القَارِئُ عَلِيٌّ الكِنَانِي :هَلْ يُوجَدُ لَدَيْكُمْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الإِمَامَ الحَسَنَ العَسْكَرِيَّ (ع) لَهُ وَلَدٌ؟ أَطْلُبُ دَلِيلًا مِنْ كُتُبٍ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ. طَبْعًا هَذَا سُؤَالٌ أَرْسَلَهُ لِي شَخْصٌ يَبْحَثُ عَنْ الحَقِيقَةِ.

: اللجنة العلمية

     الأَخُ عَلِيٌّ المُحْتَرَمُ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

     الطُّرُقُ لِإِثْبَاتِ وُجُودِ وَلَدٍ لِلإِمَامِ الحَسَنِ العَسْكَرِيِّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) اسْمُهُ :مُحَمَّدٌ، وَأَنَّهُ الحُجَّةُ المُنْتَظَرُ، كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَلَكِنَّنَا هُنَا سَنَقْتَصِرُ عَلَى طَرِيقَيْنِ فَقَطْ:

     الأَوَّلُ: شَهَادَةُ عُلَمَاءِ الأَنْسَابِ بِهَذِهِ الوِلَادَةِ.

     الثَّانِي: اعْتِرَافُ عُلَمَاءِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنْفُسِهِمْ بِالوِلَادَةِ.

      أَمَّا الطَّرِيقُ الأَوَّلُ، فَقَدْ شَهِدَ عُلَمَاءُ الأَنْسَابِ وَالمُتَخَصِّصُونَ فِي هَذَا الجَانِبِ بِوِلَادَةِ الإِمَامِ المَهْدِيِّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَأَنَّهُ ابْنُ الإِمَامِ الحَسَنِ العَسْكَرِيِّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَنَذْكُرُ مِنْهُمْ بِحَسَبِ التَّسَلْسُلِ الزَّمَنِيِّ:

      1 - النَّسَّابةُ الشَّهِيرُ أَبُو نَصْرٍ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ دَاوُدَ بْنِ سُلَيْمَانَ البُخَارِي، مِنْ أَعْلَامِ القَرْنِ الرَّابِعِ الهِجْرِيِّ، وَالَّذِي كَانَ حَيًّا سَنَةَ (341 ه)، وَهُوَ مِنْ أَشْهَرِ عُلَمَاءِ الأَنْسَابِ المُعَاصِرِينَ لِغَيْبَةِ الإِمَامِ المَهْدِيِّ الصُّغْرَى الَّتِي انْتَهَتْ سَنَةَ 329 ه.

      قَالَ فِي "سِرِّ السِّلْسِلَةِ العَلَوِيَّةِ": ((وَوَلَدَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّقِيُّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الحَسَنَ ابْنَ عَلِيٍّ العَسْكَرِيَّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنْ أُمِّ وَلَدٍ نوبيَّة تُدْعَى: رَيْحَانَةَ. وَوُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَقُبِضَ سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ بِسَامَرَّاءَ، وَهُوَ ابْنُ تِسْعِ وَعِشْرِينَ سَنَةً.. وَوَلَدَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّقِيُّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) جَعْفرًا وَهُوَ الَّذِي تُسَمِّيهِ الإمَاميَّةُ "جَعْفَرٌ الكَذَّابُ"، وَإِنَّمَا تُسَمِّيهِ الإمَاميَّةُ بِذَلِكَ لِادِّعَائِهِ مِيرَاثَ أَخِيهِ الحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) دُونَ ابْنِهِ القَائِمِ الحُجَّةِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، لَا طَعْنٌ فِي نَسَبِهِ)) (1). انْتَهَى.

      2 - النَّسَّابةُ العمرِيُّ المَشْهُورُ مِنْ أَعْلَامِ القَرْنِ الخَامِسِ الهِجْرِيِّ وَالَّذِي قَالَ مَا نَصُّهُ: ((وَمَاتَ أَبُو مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَوَلَدُهُ مِنْ نَرْجِسَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) مَعْلُومٌ عِنْدَ خَاصَّةِ أَصْحَابِهِ وثُقَاتِ أَهْلِهِ، وَسَنَذْكُرُ حَالَ وِلَادَتِهِ وَالأَخْبَارَ الَّتِي سَمِعْنَاهَا بِذَلِكَ، وَامْتُحِنَ المُؤْمِنُونَ بَلْ كَافَّةُ النَّاسِ بِغَيْبَتِهِ، وَشره جَعْفَرُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى مَالِ أَخِيهِ وَحَاله فَدَفَعَ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ، وَأَعَانَهُ بَعْضُ الفَرَاعِنَةِ عَلَى قَبْضِ جَوَارِي أَخِيهِ)) (2). انْتَهَى.

      3 - الفَخْرُ الرَّازِي الشَّافِعِيُّ (ت: 606 ه)، قَالَ فِي كِتَابِهِ "الشَّجَرَةِ المُبَارَكَةِ فِي أَنْسَابِ الطَّالِبيَّةِ" تَحْتَ عُنْوَانِ :أَوْلَادِ الإمَامِ العَسْكَرِيِّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مَا هَذَا نَصُّهُ: ((أَمَّا الحَسَنُ العَسْكَرِيُّ الإمَامُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَلَهُ ابْنَانِ وَبِنْتَانِ: أمَّا الاِبْنَانِ، فَأَحَدُهُمَا: صَاحِبُ الزَّمَانِ (عَجَّلَ اللهُ فَرَجَهُ الشَّرِيفَ). وَالثَّانِي: مُوسَى دَرَجَ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ. وَأَمَّا البِنْتَانِ: فَفَاطِمَةُ دَرَجَتْ فِي حَيَاةِ أَبِيهَا. وَأُمُّ مُوسَى دَرَجَتْ أَيْضًا)) (3). اِنْتَهَى.

     4 - النَّسَّابةُ جَمَالُ الدِّينِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُسَينِيُّ المَعْرُوفُ بِابْنِ عنَبَه (ت: 828 ه) قَالَ فِي "عُمْدَةِ الطَّالِبِ فِي أنْسَابِ آلِ أَبِي طَالِبٍ": ((أَمَّا عَلِيٌّ الهَادِي فَيُلَقَّبُ العَسْكَرِيَّ لِمَقَامِهِ بسُرَّ مَنْ رَأْى، وَكَانَتْ تُسَمَّى العَسْكَرَ، وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ، وَكَانَ فِي غَايَةِ الفَضْلِ وَنِهَايَةِ النُّبْلِ، أُشْخَصَهُ المُتوَكِّلُ إِلَى سُرَّ مَنْ رَأْى فَأَقَامَ بِهَا إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ، وَأَعْقَبَ مِنْ رَجُلَيْنِ هُمَا:

      الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ العَسْكَرِيُّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَكَانَ مِنْ الزُّهْدِ وَالعِلْمِ عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ، وَهُوَ وَالِدُ الإِمَامِ مُحَمَّدٍ المَهْدِيِّ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ) ثَانِي عَشَرَ الأَئِمَّةِ عِنْدَ الاِمَاميَّةِ وَهُوَ القَائِمُ المُنْتَظَرُ عِنْدَهُمْ مِنْ أُمِّ وَلَدٍ اسْمُهَا نَرْجِسُ، وَاسْمُ أَخِيهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ جَعْفَرٌ المُلَقَّبُ بِالكَذَّابِ; لِادِّعَائِهِ الإمَامَةَ بَعْدَ أَخِيهِ الحَسَنِ)) (4). انْتَهَى.

      5 - النَّسَّابةُ الزَّيْدِي أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدٌ الْحُسَينِيُّ اليَمَانِيُّ الصَّنعَانِيُّ، مِنْ أَعْيَانِ القَرْنِ الحَادِيِ عَشَرَ. ذَكَرَ فِي المُشَجَّرَةِ الَّتِي رَسَمَهَا لِبَيَانِ نَسَبِ أَوْلَادِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ البَاقِرِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمْ السَّلَامُ)، وَتَحْتَ اسْمِ الإِمَامِ عَلِيٍّ التَّقِيِّ المَعْرُوفِ بِالهَادِي (عَلَيْهِ السَّلَامُ) خَمْسَةٌ مِنْ البَنِينِ وَهُمْ: الإِمَامُ العَسْكَرِيُّ، الحُسَيْنُ، مُوسَى، مُحَمَّدٌ، عَلِيٌّ. وَتَحْتَ اسْمِ الإِمَامِ العَسْكَرِيِّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مُبَاشَرَةً كُتِبَ: (مُحَمَّدُ بْنُ) وبإزَائِهِ: (مُنْتَظَرُ الإمَاميَّة)( 5). انْتَهَى.

      6 - مُحَمَّدٌ أَمِينٌ السُّويدِيُّ (ت:1246 ه) قَالَ فِي "سَبَائِكِ الذَّهَبِ فِي مَعْرِفَةِ قَبَائِلِ العَرَبِ": ((مُحَمَّدٌ المَهْدِيُّ: وَكَانَ عُمْرُهُ عِنْدَ وَفَاةِ أَبِيهِ خَمْسَ سِنِينَ، وَكَانَ مَرْبُوعَ القَامَةِ، حَسَنَ الوَجْهِ والشَّعْرِ، أقْنَى الأَنْفِ، صَبِيحَ الجَبْهَةِ)) (6). انْتَهَى. 

     فَهَذِهِ أَقْوَالُ جُمْلَةٍ مِنْ عُلَمَاءِ الأَنْسَابِ المَشْهُورِينَ عَلَى مَرِّ القُرُونِ يُثْبِتُونَ الوِلَادَةَ المَيْمُونَةَ لِلإِمَامِ المَهْدِيِّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَأَنَّهُ ابْنُ الإِمَامِ الحَسَنِ العَسْكَرِيِّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).

      وَأَمَّا اعْتِرَافُ عُلَمَاءِ أَهْلِ السُّنَّةِ بِهَذِهِ الوِلَادَةِ فَحَدِّثْ وَلَا حَرَجَ، فَقَدْ أَحْصَى السَّيِّدُ ثَامِرٌ العَمِيدِي فِي كِتَابِهِ "دِفَاعٌ عَنْ الكَافِي" 128 عَالِمًا مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ فُقَهَاءَ وَمُحَدِّثِينَ وَمُفَسِّرِينَ وَغَيْرِهِمْ وَعَلَى مَرِّ القُرُونِ، مِمَّنْ اعْتَرَفَ بِهَذِهِ الوِلَادَةِ المُبَارَكَةِ (7).

     وَنَذْكُرُ هُنَا جُمْلَةً مِنْهُمْ مَعَ الإِشَارَةِ إِلَى المَصْدَرِ وَالصَّفْحَةِ فَقَطْ، وَحَسَبَ التَّسَلْسُلِ الزَّمَنِيِّ.

     1 - ابْنُ الاَثِيرِ الجزريُّ (ت: 630 ه) فِي كِتَابِهِ (الكَامِلُ فِي التَّارِيخِ 274:7، آخِرُ حَوَادِثِ سَنَةِ 260 ه.).

     2 ابْنُ الخشَّابِ البَغْدَادِي المُؤَرِّخُ (ت: 643 ه) فِي (تَارِيخ مَوَالِيدِ الأَئِمَّةِ: 6).

     3 مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ الشَّافِعِي (ت: 652 ه) فِي )مَطَالِبُ السُّؤُولِ فِي مَناقِبِ آلِ الرَّسُولِ: 88).

     4 مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الكنجي الشَّافِعِي (ت: 658 ه) فِي (الْبَيَان فِي أَخْبَارِ صَاحِبِ الزَّمَانِ: 336).

     5 - ابْنُ خلكان (ت: 681 ه) فِي (وَفَيَات الأَعْيَانِ 176:4، الرَّقْمُ 562).

     6 - شَمْسُ الدِّينِ الذَّهَبِيُّ (ت: 748 ه) فِي كُتُبِهِ: العِبَرُ، وَتَارِيخُ دُوَلِ الإِسْلَامِ، وَسِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (العِبَرُ 31:3. تَارِيخُ دُوَلِ الإِسْلَامِ 113 حَوَادِثُ سَنَوَاتِ (251 260 ه). سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ 119:13، الرَّقْمُ 60).

     7 - ابْنُ الوَرْدِي (ت: 749 ه) فِي ذَيْلِ تتمَّةِ المُخْتَصَرِ، المَعْرُوفُ بِ تَارِيخِ ابْنِ الوَرْدِيِّ )نَقَلَ ذَلِكَ عَنْهُ الشبلنجي فِي نُورِ الأَبْصَارِ 186).

     8 - ابْنُ الصَّبَّاغِ المَالِكِيُّ (ت: 855 ه) فِي (الفُصُول المُهِمَّة: 273).

     9 - عَبدُ الوهَّابِ الشَّعرَانِي (ت: 973 ه) فِي اليَوَاقِيتِ وَالجَوَاهِرِ (اليَوَاقِيتُ وَالجَوَاهِرُ 145:3).

     10 - ابْنُ حَجَرٍ الهَيتَمِي الشَّافِعِي (ت: 974 ه) فِي (الصَّوَاعِق المُحْرِقَة: 207).

     11 - الشَّبرَاوِي الشَّافِعِي (ت: 1171 ه) فِي (الإِتْحَاف بِحُبِّ الأَشْرَافِ: 68).

     12 - القَندُوزِي الحَنَفِيُّ )ت: 1293 ه) فِي يَنَابِيع المَوَدَّةِ (يَنَابِيعُ المَوَدَّةِ 301:3 - 306 البَابُ 79).

     13- مُؤْمِنُ بْنُ حَسَنٍ الشبلنجي (ت: 1308 ه) فِي )نُور الأَبْصَارِ: 186).

     14- خَيْرُ الدِّينِ الزركلي (ت: 1396 ه) فِي كِتَابِهِ (الأَعْلَامُ 80:6.).

      وَرَاجِعْ بَقِيَّةَ الأَسْمَاءِ (وَهُمَ بِالعَشَرَاتِ) فِي المَصْدَرِ المُتَقَدِّمِ.

      وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.

   ________________________________

     (1) سِرُّالسِّلسِلَةِ العلَوِيَّةِ - لِأَبِي نَصْر البُخَارِي -: 39.

     (2) المجْدِي فِي أَنْسَابِ الطَّالِبيِّينَ: 130.

     (3) الشَّجرَةُ المُبارَكةُ فِي أَنْسَابِ الطَّالِبيَّةِ لِلفَخْرِ الرَّازِي: 78-79.

     (4) عُمْدَةُ الطَّالِبِ فِي أنْسَابِ آلِ أَبِي طَالِبٍ: 199.

     (5) رَوْضَةُ الأَلْبَابِ لِمَعْرِفَةِ الأَنْسَابِ، للنَّسابَةِ الزَّيدِي أَبِي الحَسَنِ مُحَمَّد الْحَسِينِي الصَّنعاني: 105.

     (6) سَبَائِكُ الذَّهَبِ لِلسويدِيِّ:346. 

     (7)  انْظُرْ "دِفَاعٌ عَنْ الكَافِي" 1: 568-592، تَحْتَ عُنْوَانِ: الدَّلِيل السَّادِس: اعْتِرَافَاتُ أَهْلِ السُّنَّةِ.