الحُقُوقُ الشَّرْعِيَّةُ عِنْدَ الشِّيعَةِ تُصْرَفُ فِي بُلْدَانِهَا.

قَاسِمٌ السِّمَاوِيُّ /: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَسَاتِذَتِي الكِرَامُ.. مَا رَدّكُمْ عَلَى الأحْدَاثِ الأَخِيرَةِ حَوْلَ افْتِتَاحِ مُسْتَشْفىً بِرِعَايَةِ المَرْجِعِ السِّيسْتَانيِّ فِي إِيرَانَ وَاللَّغَطِ الَّذِي أَثَارَتْهُ بَعْضُ الجِهَاتِ وَإِنَّ هَذَا مِنْ أَمْوَالِ الفُقَرَاءِ وَحُقُوقِ المَسَاكِينِ مِنْ أَبْنَاءِ الشَّعْبِ العِرَاقِيِّ؟

: اللجنة العلمية

 الأَخُ قاسم المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

 هَذَا اللَّغَطُ وَالكَلَامُ الَّذِي تَسْمَعُونَهُ هُوَ فِي الوَاقِعِ فِيهِ جَهْلٌ مِنْ نَاحِيَتَيْنِ:

 الأُولَى: الجَهْلُ بِالفِقْهِ الشِّيعِيِّ وَطَبِيعَةِ تَعَاطِيهِ مَعَ الحُقُوقِ الشَّرْعِيَّةِ.

 الثَّانِيَةُ: الجَهْلُ بِوَاقِعِ المَرْجِعِيَّةِ العُلْيَا لِلسَّيِّدِ السِّيسْتَانيِّ (دَامَ ظِلُّهُ الوَارِفُ).

 أَمَّا النَّاحِيَةُ الأُولَى: فَمِنْ المَعْرُوفِ فِي الفِقْهِ الشِّيعِيِّ أَنَّ مَصْرَفَ الحُقُوقِ الشَّرْعِيَّةِ لَهُ ضَوَابِطُ وَأَحْكَامٌ - ذَكَرَهَا فُقَهَاءُ الطَّائِفَةِ فِي رَسَائِلِهِمْ العَمَلِيَّةِ - بَأنْ يَكُونَ الصَّرْفُ فِي نَفَسِ البَلَدِ الَّذِي قُبِضَتْ فِيهِ هَذِهِ الحُقُوقُ إِذَا كَان فِيهِ مُسْتَحِقُّونَ وَمُحْتَاجُونَ، وَلَا يُحَبَّذُ نَقْلُهَا إِلَى بَلَدٍ آخَرَ، وَفِي بَعْضِ المَوَارِدِ - كَزَكَاةِ الفِطْرَةِ - يَحْتَاطُونَ جِدّاً فِي نَقْلِهَا إِلَى بَلَدٍ آخَرَ، وَمِنْ هُنَا فَمَا تَرَوْنَهُ مِنْ مَشَارِيعَ فِي هَذِهِ البُلْدَانِ تَحْتَ رِعَايَةِ المَرْجِعِيَّةِ إِنَّمَا هِيَ مِنْ حُقُوقِ أَهْلِهَا أَنْفُسِهِمْ وَلَيْسَ مِنْ حُقُوقِ غَيْرِهِمْ.

 وَأَمَّا النَّاحِيَةُ الثَّانِيَةُ: فَالجَمِيعُ يَعْرِفُ أَنَّهُ تُوجَدُ لِلسَّيِّدِ السِّيسْتَانيِّ (دَامَ ظِلُّهُ الوَارِفُ) عِنَايَةٌ خَاصَّةٌ جِدّاً بِالشَّأْنِ العِرَاقِيِّ، نَظَراً لِلظُّرُوفِ الصَّعْبَةِ الَّتِي يَعِيشُهَا هَذَا البَلَدُ، فَهُوَ قَدْ أَعْطَى إِذْناً عَامّاً لمُقلِّدِيهِ مِنْ أَصْحَابِ الحُقُوقِ الشَّرْعِيَّةِ فِي العِرَاقِ بِصَرْفِهَا عَلَى مُسْتَحِقِّيهَا عِنْدَهُمْ وَعَدَمِ إِيصَالِهَا لِلمَكْتَبِ الشَّرِيفِ فِي النَّجَفِ الأَشْرَفِ، وَهَذَا مَعْرُوفٌ عَنْهُ (دَامَ ظِلُّهُ) وَالكُلُّ يَشْهَدُ بِهِ. إِضَافَةً لِوُجُودِ المُؤَسَّسَاتِ الكَثِيرَةِ الَّتِي تَعْمَلُ تَحْتَ رِعَايَتِهِ وَالَّتِي مُهِمَّتُهَا بِالدَّرَجَةِ الأَسَاسِ هِيَ الصَّرْفُ عَلَى الفُقَرَاءِ وَالأَرَامِلِ وَالمُحْتَاجِينَ وَاليَتَامَى فِي كُلِّ أنْحَاءِ العِرَاقِ وَأَبْرَزُهَا مُؤَسَّسَةٌ (العَيْن).

 وَهُنَاكَ الكَثِيرُ مِنْ المَشَارِيعِ الَّتِي رَعَتْهَا المَرْجِعِيَّةُ العُلْيَا وَالَّتِي مِنْهَا افْتِتَاحُ مُسْتَشْفَى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) التَّخَصُّصِيِّ بِطِبِّ وَجِرَاحَةِ العُيُونِ وَالأَمْرَاضِ القَلْبِيَّةِ فِي النَّجَفِ الأَشْرَفِ قَبْلَ عَامٍ، فَضْلاً عَنْ مِئَاتِ المَشَارِيعِ الخَدَمِيَّةِ الكَثِيرَةِ الَّتِي قَدَّمَتْها الأمَانَتَانِ الحُسَينِيَّةُ وَالعَبَّاسِيَّةُ المُقَدَّسَتَانِ لِعُمُومِ العِرَاقِيِّينَ وَمَا زَالَتْ تُقَدِّمُهَا، وَكُلُّ هَذَا يَجْرِي تَحْتَ رِعَايَةِ المَرْجِعِيَّةِ العُلْيَا وَإِشْرَافِهَا وَتَشْجِعِهَا.

 فَهَذَا القَوْلُ وَاقِعاً وَاللَّغَطُ الَّذِي تَسْمَعُونَهُ فِيهِ جَهْلٌ كَبِيرٌ بِالفِقْهِ الشِّيعِيِّ أَوَّلَاً، وَجَهْلٌ مُدْقِعٌ بِالوَاقِعِ العَمَلِيِّ لِلمَرْجِعِيَّةِ العُلْيَا ثَانِياً، أَدَامَ اللهُ بَقَاءَهَا وَجَعَلَهَا الخَيْمَةَ الَّتِي يَتفَيَّأُ العِرَاقِيُّونَ ظِلَالَهَا الوَارِفَةَ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ.

  وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.