اليس من الممكن ان تكون الطبيعه هي من كونتنا ؟

اليس من الممكن ان تكون الطبيعه هي من كونتنا ؟ انت هتقولي يستحيل بسبب دقه الكون العظيمه ولكن انت لا تعرف كيف الكون يصنع فانت لا تعلم كيف يكون الكون ؟ فالدقه ليس لها شان لانك لا تعلم كيف الكون يخلق

: الشيخ معتصم السيد احمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ما نفهمُه فقط هوَ بدايةُ السؤالِ وهوَ قولهُ: (أليسَ منَ المُمكنِ أن تكونَ الطبيعةُ هيَ مَن كوّنَتنا؟) أمّا بقيّةُ السؤالِ فغيرُ واضحٍ، حيثُ يبدو أنّه افترضَ جواباً على لسانِنا ومِن ثمَّ قامَ بنقضِه حتّى لا نعتمدَ عليهِ في الإجابةِ، معَ أنّنا في الواقعِ لم نفهَم الجوابَ ولم نفهمِ النقضَ، فليسَ هناكَ ربطٌ بينَ (دقّةِ الكونِ العظيمة) وبينَ عدمِ معرفتِنا بكيفَ الكونُ يُخلق؟، فهل يقصدُ أنّنا إذا لم نكُن نعلمُ بكيفيّةِ تكوينِ الكونِ فحينَها لا يمكنُ أن نعلمَ بأنَّ الكونَ مُنظّمٌ ودقيق؟ وهذا بعيدٌ جدّاً؛ لأنَّ العلمَ بكونِ الشيءِ مُنظّماً ودقيقاً غيرُ متوقّفٍ على معرفةِ كيفيّةِ صنعِه، فقولي مثلاً أنَّ هذا القصرَ في تصميمِه مُنظّمٌ ودقيقٌ لا يتوقّفُ على أن أكونَ مُهندِساً عالماً بكيفيّةِ البناءِ، فالعلمُ بكيفيّةِ الصُّنعِ شيءٌ وعلمي بحالِه بعدَ صُنعِه شيءٌ آخر، وبالتالي لا ربطَ بينَ العلمِ بنظامِ الكونِ ودقّتِه وبينَ العلمِ بكيفيّةِ صُنعِه، فبإمكانِنا أن نعلمَ بدقّةِ الكونِ مِن دونِ أن نعلمَ بكيفيّةِ صُنعِه.  أمّا إذا كانَ يقصدُ بأنَّ مُجرّدَ علمِنا بنظامِ الكونِ ودقّتِه لا يثبتُ أنَّ الإنسانَ لهُ خالقٌ غيرَ الطبيعة، أو بحسبِ تعبيرِه (أليسَ منَ المُمكنِ أن تكونَ الطبيعةُ هيَ مَن كوّنَتنا)، فإذا كانَ يقصدُ ذلكَ فعليهِ أوّلاً أن يثبتَ أنَّ الطبيعةَ غيرُ مخلوقةٍ قبلَ أن يحتملَ أنّها كوّنَت الإنسانَ، إذ كيفَ نناقشُ هذا الاحتمالَ ونحنُ لم نتيقّن بعدُ مِن كونِها غيرَ مخلوقةٍ في نفسِها؟ ومنَ الواضحِ أنَّ السائلَ لا يمكنُه طرحُ هذا السؤالِ إلّا إذا كانَ مُتيقّناً مِن كونِ الطبيعةِ غيرَ مخلوقةٍ، ومِن غيرِ ذلكَ يستحيلُ أن يردَ مثلُ هذا السؤالِ على ذهنِ إنسانٍ عاقل، وعليهِ نحنُ بدورِنا نسألُ كيفَ تيقّنَ السائلُ مِن كونِ الطبيعةِ غيرَ مخلوقةٍ؟ قبلَ أن نُبطلَ احتمالَ أن تكونَ هيَ التي كوّنَت الإنسان. ومِن ثمَّ ثانياً لابدَّ أن يُبيّنَ لنا ما هوَ المقصودُ منَ الطبيعةِ، هل يقصدُ بها نفسَ الأشياءِ مثلَ السماءِ والأرضِ والحيوانِ وغيرِ ذلك؟ أم يقصدُ بالطبيعةِ القوانينَ التي تحكمُ الكون؟ أم أنَّ الطبيعةَ هيَ قوّةٌ خفيّةٌ وراءَ هذا الكونِ وهيَ التي كوّنَت الإنسان؟  فإذا كانَ يقصدُ بالطبيعةِ هيَ الأشياءُ المحسوسةُ والماديّةُ مثلَ الترابِ والهواءِ والماءِ وغيرِها، فكيفَ يا تُرى أوجدَت هذهِ المادّةُ الإنسان؟ وكيفَ اكتسبَ الإنسانُ العلمَ والشعورَ والمادّةُ لا علمَ لها ولا شعور؟ وكيفَ يكونُ المخلوقُ أفضلَ منَ الخالق؟ فمنَ السذاجةِ بمكانٍ أن يتصوّرَ الإنسانُ العاقلُ بأنَّ الطبيعةَ العمياءَ الناقصةَ هيَ التي أوجدَته.  أمّا إذا كانَ يقصدُ بالطبيعةِ هيَ القوانينُ التي تحكمُ الكونَ، فالسؤالُ البديهيُّ حينَها مَن أوجدَ تلكَ القوانين؟ لأنَّ القوانينَ ليسَت شيئاً آخرَ غيرَ النظام، وبالتالي منَ الطبيعيّ أن نسألَ عمَّن يقفُ خلفَ ذلكَ النظام، ومَن الذي خلقَ هذا الكونَ المُنظّمَ بالقوانين؟ فليسَت المُشكلةُ في كيفَ يعملُ الكونُ وإنّما مَن أوجدَ الكون؟ ومنَ المُستبعدِ أن تكونَ الطبيعةُ في نظرِ السائلِ هيَ القوانينُ والنّظام؛ لأنّهُ هوَ القائلُ بأنَّ الدقّةَ والنظامَ لا شأنَ لها. أمّا إذا كانَت الطبيعةُ في نظرهِ هيَ قوّةٌ خفيّةٌ خارجةٌ عن الأشياءِ وليسَت شيئاً منها؛ لأنّها لو كانَت شيئاً مِنها لاحتاجَت هيَ نفسُها إلى طبيعةٍ أخرى توجدُها، حينَها نقولُ أنَّ هذهِ القوّةَ الخفيّةَ لابدَّ أن تكونَ قوّةً حيّةً سميعةً بصيرةً حكيمةً قادرةً وبالتالي كاملةً وغيرَ عاجزةٍ، وهذا ليسَ إلّا اعترافاً باللهِ تعالى وإن كانَ يُسمّيهِ بالطبيعة، أمّا إذا لم تتّصِف بصفاتِ الكمالِ والجمالِ وكانَت عاجزةً وفقيرةً فكيفَ نحتملُ أنّها كوّنَت الإنسان؟