هل يجبُ على المُكلّفِ تعلّمُ مسائلِ الاعتقادِ؟ وهل يجبُ عليهِ تبليغُها؟ ولماذا؟  

: الشيخ معتصم السيد احمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :   

الواجبُ على المُكلّفِ منَ المسائلِ العقائديّةِ هوَ معرفةُ اللهِ تعالى وصفاتِه وأفعالِه وكلِّ ما يتعلّقُ بأصولِ الدينِ والاعتقاد، ولا يتحقّقُ الإسلامُ ولا يتمُّ الإيمانُ إلّا بالعلمِ الجازمِ بتلكَ الحقائقِ، فإذا كانَ الإسلامُ هوَ التسليمُ، فمنَ الطبيعيّ أن يأتي السؤالُ التسليمُ بماذا؟ وهذا لا يكونُ إلّا بتحقّقِ العلمِ والمعرفةِ، وكذا لا يكونُ الإنسانُ مؤمِناً إلّا بعدَ أن يعرفَ بماذا يؤمنُ وبأيّ شيءٍ يُصدّق؟ ومِن هُنا ليسَ أمامَ المُكلّفِ سبيلٌ سوى الوقوفِ على مسائلِ الاعتقادِ والتحقّقِ بنفسِه عَن صحّتِها، وفي الحديثِ عن أبي الحسنِ (عليه السّلام): (هَل يَسَعُ النَّاسَ تَركُ المَسأَلَةِ عَمَّا يَحتَاجُونَ إِلَيهِ؟ فَقَالَ: لا) (الكافي ج‏1، ص73)، ورويَ عن أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلام) أنّه قال: (أَيُّهَا النَّاسُ، اعلَمُوا أَنَّ كَمَالَ الدِّينِ طَلَبُ العِلمِ والعَمَلُ بِهِ، أَلا وَإِنَّ طَلَبَ العِلمِ أَوجَبُ عَلَيكُم مِن طَلَبِ المَالِ؛ إِنَّ المَالَ مَقسُومٌ مَضمُونٌ لَكُم، قَد قَسَمَهُ عَادِلٌ بَينَكُم، وَضَمِنَهُ، وَسَيَفِي لَكُم، وَالعِلمُ مَخزُونٌ عِندَ أَهلِهِ، وَقَد أُمِرتُم بِطَلَبِهِ مِن أَهلِهِ؛ فَاطلُبُوهُ) (الكافي، ج‏1، ص73) وعليهِ لا يسعُ الناسَ نسبةُ اعتقاداتِهم وأعمالِهم إلى الدينِ إلّا إذا تفقّهوا وتعلّموا.   

 وقد قسّمَ العُلماءُ العلمَ بأصولِ الدينِ إلى فرضِ عينٍ وفرضِ كفاية، فالواجبُ العينيُّ منها هوَ معرفةُ اللهِ وصفاتِه وأفعالِه بنحوٍ يحصلُ معَه الاطمئنانُ بصحّتِها، وتسكنُ إليهِ النفسُ من دونِ شكٍّ أو ريبة، حتّى وإن لم يتمكّن مِن ردِّ الشبهاتِ والإشكالاتِ لعدمِ معرفتِه باصطلاحاتِ العُلماء.  

أمّا الواجبُ الكفائيُّ مِن أصولِ الاعتقاد، فهوَ معرفةُ ذلكَ بمستوى ردِّ الشبهاتِ وحلِّ الإشكالاتِ ودفعِ المُغالطات، بمعنى أن يكونَ دارِساً مُختصّاً ولهُ خبرةٌ في مباحثِ الإلهيّاتِ والاعتقاد.  

وإذا اتّضحَ ذلكَ يتّضحُ السؤالُ الثاني، فتبليغُ الدينِ بشكلٍ عامٍّ والعقائدِ بشكلٍ خاص مِن مهامِّ العلماءِ، فلا يجوزُ لأحدٍ التصدّي للشؤونِ التبليغيّةِ ما لم يكُن لهُ إحاطةٌ بالأمرِ الذي يريدُ تبليغَه، ولذا قد أوجبَ اللهُ ذلكَ على مَن يتفرّقُ مدّةً منَ الوقتِ للتفقّهِ في الدين، قالَ تعالى: (وَمَا كَانَ المُؤمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ۚ فَلَولَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرقَةٍ مِّنهُم طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَومَهُم إِذَا رَجَعُوا إِلَيهِم لَعَلَّهُم يَحذَرُونَ).