هل الرسول محمد (ص) رسول من قبل الله؟

علي جبوري النبي كشخصية تاريخية موجودة وبالدليل....ولكن السؤال المختلف فيه هل هو مرسل من الله ..؟

: الشيخ معتصم السيد احمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

الاعتراف بكون النبي شخصية حقيقية في التاريخ لا ينفصل عن كونه رسول، فنفس التاريخ الذي نقل لنا عن شخصيته التاريخية نقل لنا أيضاً كونه رسولاً يدعو إلى دين الله، وقد اعترف برسالته اكثر العرب وبذلك اصبحوا مسلمين يدينون بالرسالة التي جاء بها، ومما يؤكد على أنه صاحب رسالة ما جاء به من تعليمات تجلت في القرآن كما تجلت في الواقع الاجتماعي والحضاري، فمهما يتنكر المخالف لهذه الرسول لا يمكنه أن يتنكر على وجود رسالة إسلامية لها معارفها وعلومها وتوجيهاتها الخاصة، وإذا ثبت ذلك ينحصر الخلاف في مدى نسبة هذه الرسالة لله تعالى، ولإثبات ذلك هناك طريقان، الأول: يقوم على تقييم محتوى هذه الرسالة والبحث في مدى انسجامها مع العقل والفطرة ومدى حوجه الإنسان لتعاليم هذه الرسالة، ومن هذه البعد نجد أن الإسلام تحدى الجميع أن يجدوا تناقضات في هذه الرسالة، قال تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) (82 النساء)، وهذا تحدي للعقل البشري على طول التاريخ، فالكتاب البشري مهما يبلغ من الكمال والدقة لا يمكن أن يصبح منزه عن أي سقطة. والثاني: وهو الطريق الذي يواجه به الجاحدين والمنكرين الذين لا تنفعهم المواعظ، وقد استخدم الأنبياء مع هذه الصنف المعجزات التي تؤكد تايد الله لهم، وقد كان معجزة الإسلام هي القرآن الذي مازال يتحدى البشر بأن يأتوا بسورة من مثله، قال تعالى: (وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) (23 البقرة). وبعد ذلك لا يحق للمنكر أن يدعي أن هذا القرآن صنع بشر مع هذا العجز الواضح بان يأتوا بمثله، ولا يتوقع الإنسان أكثر من هذه الطرق، فمن يتعمد الضلال لا يمكن هدايته ومن كفر فعليه كفره، قال تعالى: (مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ ۖ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) (44 الروم). والإنسان الذي لا يريد الهداية لنور الإسلام لا طريق لهدايته، قال تعالى: (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ) (28 هود). ومثل هذا الإنسان الجاهل بفلسفة وجوده والغير محترم لعقله لا نتحسر على ضلاله، قال تعالى: (أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ۖ فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۖ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) (8 فاطر).