هل سيستغني الإمام المهدي (عليه السلام) عن كل العلماء في كل الاختصاصات ويقوم هو بإعطاء النتائج الجاهزة في كل العلوم؟

لا شك أن الإمام المهدي (عجل الله فرجه) لديه من العلم اللدني ما لا يحتاج معه إلى أحد من البشر. هل هذا يعني أن الإمام المهدي (عليه السلام) سيستغني عن كل العلماء في كل الاختصاصات ويقوم هو بإعطاء النتائج الجاهزة في كل العلوم؟ وبالتالي لا تكون هناك حاجة إلى أي عالم؟

: الشيخ معتصم السيد احمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كثيرٌ منَ الأسئلةِ التي تتعلّقُ بدولةِ الإمامِ المهديّ (عليه السّلام) وما يقعُ فيها أسئلةٌ تتعلّقُ بمستقبلٍ غيبيٍّ لا يمتلكُ فيها الإنسانُ الأدواتِ التي تكشفُ لهُ ما يقعُ فِعلاً، ومِن هُنا كانَت الضّرورةُ العلميّةُ تقتضي الوقوفَ فقَط عندَ حدودِ ما جاءَ مِن رواياتٍ وأخبارٍ، ومعَ ذلكَ فإنَّ هناكَ مُحكماتٌ وقضايا أوّليّةٌ يمكنُ أن يعتمدَ عليها الإنسانُ في توقّعِ ما يحدثُ بشكلٍ عامّ وليسَ تفصيلاً، فمثلاً مِن تلكَ المُحكماتِ أنَّ سُنّةَ اللهِ في الخلقِ قائمةٌ على الأسبابِ والمُسبّباتِ، فحتّى الأنبياءُ والرّسلُ الذينَ خصّهُم اللهُ بالعلمِ اللّدنيّ لم يخوِّل لهُم تجاوزَ هذهِ القاعدةَ، وإنّما قاموا بأدوارِهم المَنوطةِ بهِم بحسبِ ما تقتضيهِ الظّروفُ والأسبابُ الطّبيعيّةُ، ومِن هُنا جازَ لنا أن نقولَ أنَّ دولةَ الإمام ِ المهديّ ليسَت إستثناءً مِن هذهِ السّنّةِ، حيثُ يقيمُ دولةَ العدلِ بما يتناسبُ معَ سُننِ الحياةِ وما ينسجمُ معَ طبيعةِ الأمورِ والأحداثِ، فكما كانَت دولةُ الرّسولِ تستعينُ بالجميعِ كلٌّ بحسبِ طاقتِه وإمكاناتِه، حيثُ كانَت تستفيدُ منَ التّاجرِ والمُزارعِ والرّاعي وصانعِ السّيوفِ وغيرِ ذلكَ، فإنَّ دولةَ المهديّ سوفَ تستعينُ بكلِّ هذهِ الطّاقاتِ العلميّةِ والصّناعيّةِ بحيثُ يساهمُ الجميعُ في إقامةِ دولةِ العدلِ الكُبرى. 

 

ومنَ السّننِ الكُبرى والضّروريّةِ في هذهِ الحياةِ هيَ سُنّةُ العلمِ، بحيثُ لا يمكنُ للإنسانِ أن يتقدّمَ خطوةً واحدةً إلى الأمام على مُستوى الفردِ أو المُجتمعِ أو الحضارةِ إلّا إذا استعانَ بالعلمِ لتحقيقِ ذلكَ، فكيفَ بعدَ ذلكَ يمكنُ للعاقلِ أن يتصوّرَ أنَّ الإمامَ المهديَّ يأتي ليمنعَ الإنسانَ منَ العلمِ؟ 

 

ومنَ السّننِ أيضاً كونُ كلِّ فردٍ منَ البشريّةِ مسؤولٌ عن دورهِ في إعمارِ الأرضِ وإقامةِ الحقِّ والعدلِ، فكيفَ نتصوّرُ معَ ذلكَ أنَّ الإمامَ المهديَّ يقومُ بأدوارِ الجميعِ ويستغني عَن مُشاركتِهم بإعطائِهم النّتائجَ جاهزةً؟