أحتمالية تصديق الفرضية في الأديان

أحتمالية تصديق الفرضية في الأديان على الذين لا يؤمنون بألوهية السيد المسيح والسؤال هو لو أن لله أبن أصطفاه من بين البشر ما هي الصفات التي يجب توافرها فيه من وجه نظرك وبالمناسبة هذه الفرضية ايضا ذكرها القرآن في قوله: (لَّوْ أَرَادَ اللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا لَّاصْطَفَىٰ مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ سُبْحَانَهُ ۖ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ)، وقال ايضا القرآن عن هذه الفرضية: (قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ) والآن فلسفة هذه الفرضية وهي أن الله أصطفى ولدآ من بين البشر فما هي الصفات الواجب توافرها فيه من حيث: 1. طريقة ولادته؟ 2. طبيعة تعاليمه؟ 3. طبيعة معجزاته وسلطانه؟ 4.هل سيورثه أباه الملكوت أم لا؟ 5. هل سيكون مستحق للعبادة أم لا وأعتقد أن القرآن أجاب على هذا السؤال ولكن اترك المجال لمنطقكم الشخصي؟ 6. أين مفترض أن يكون الآن مدفون في الارض ام في السماء مع ابيه؟

: اللجنة العلمية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يشتملُ هذا الكلامُ على مجموعةٍ منَ المُغالطاتِ تهدفُ إلى تمريرِ فكرةٍ خاطئة ٍإلى الأذهانِ، فتصديقُ الفرضيّاتِ لهُ مجموعةٌ منَ الضّوابطِ أوّلها أن تكونَ الفرضيّةُ لها واقعيّةُ ولو على المُستوى الأوّليّ، أمّا إذا كانَت الفرضيّةُ خياليّةً أو كانَت مُخالفةً للضّروراتِ البديهيّةِ فلا ينظرُ إليها منَ الأساسِ، وثانيها أنَّ تصديقَ الفرضيّةِ يكونُ مِن خلالِ مُعطياتٍ واقعيّةٍ قائمةٍ على التّجربةِ والمُلاحظةِ الخارجيّةِ، ولا يمكنُ أن تكونَ الفرضيّةُ صادقةً مِن خلالِ حشدِ إفتراضاتٍ أُخرى، وهذا ما وقعَ فيهِ صاحبُ العباراتِ السّابقةِ، حيثُ فرضَ أوّلاً فرضاً خياليّاً مخالفاً لبديهيّاتِ العقلِ  وهوَ كونُ للهِ إبن، ومِن ثُمَّ دعانا للتّصديقِ بهذا الفرضِ مِن خلالِ ما نفترضُ أن يكونَ عليهِ هذا الإبنُ، بمعنى أنّهُ يدعونا أن نتحرّكَ مِن فرضٍ إلى فرضٍ آخر وكلا الفرضينِ يفتقدانِ لعناصرِ التّجربةِ الواقعيّةِ، ولا يُفهَمُ مِن هذا أنّنا نُشكّكُ في أهمّيّةِ الفرضيّةِ بَل كلُّ العلومِ والمعارف تنطلقُ مِن فرضيّةٍ أوليّةٍ ثمَّ تسعى للتّأكّدِ مِن صِدقِها مِن خلالِ التّجربةِ العلميّةِ أو العمليّةِ، وهذا خلافُ إفتراضِ أنَّ للهِ ابنٌ لأنّهُ لا يرتقي إلى مستوى الفرضيّةِ ناهيكَ أن تكونَ الفرضيّةُ مُحرّكةً ودافعةً للتّوثّقِ منها، وما جاءَ في القُرآنِ مثلَ قولِه: (لو أرادَ اللهُ أن يتّخذَ ولداً) لا يعني أنَّ الولدَ فرضٌ يمكنُ التّحقّقُ منهُ بَل على عكسِ ذلكَ فقَد أثبتَت الآيةُ إستحالةَ تلكَ الفرضيّةِ؛ لأنَّ لو في اللّغةِ هيَ حرفُ إمتناعٍ لامتناع، أي أنَّ النّتيجةَ والمُقدّمةَ مُمتنعتان،  أمّا قولُه تعالى: (إن كانَ للرّحمنِ ولداً فأنا أوّلُ العابدين) فهيَ في مقامِ الرّدِّ على مَن يدّعي وجودَ إبنٍ للهِ تعالى؛ فهيَ ليسَت في مقامِ إثباتِ الفرضِ وإنّما في مقامِ نفيهِ وعدمِ الإعتناءِ به؛ ولِذا لَم تُجرِ الآيةُ معهُم نقاشاً حولَ هذا الزّعمِ وإنّما إكتفَت بإهمالِه؛ لأنَّ قولَه (أنا أوّلُ العابدينَ) يستبطنُ إعتراضَه على ذلكَ الزّعمِ أي قولوا ما شئتُم فأنا مُؤمنٌ باللهِ الفردِ الصّمدِ، كما جاءَ في تفسيرِ الآيةِ، وعليهِ لا تقرُّ الآياتُ بإمكانيّةِ إفتراضِ أنَّ للهِ ولداً لأنّها فرضيّةٌ مخالفةٌ لضّروراتِ العقلِ ولطبيعةِ الإيمانِ باللهِ، حيثُ أنَّ الأبوّةَ والبُنوّةَ منَ المفاهيمِ الإضافيّةِ، أي أنَّ معناها متقوّمٌ بالإضافةِ ولا وجودَ لحقيقةِ خارجيّةٍ تُسمّى بالأبوّةِ أو البنوّةِ؛ وكلُّ ما هوَ موجودٌ هوَ النّسبةُ التي ينتزعُها الذّهنُ منَ العلاقةِ الرّابطةِ بينَ إثنينِ وهُما الأبُ والإبنُ، وعليهِ فهوَ منَ المفاهيمِ المُتأخّرةِ رُتبةً عنِ التّحقّقِ الخارجيّ فلا يمكنُ إفتراضُ وجودِه ما لَم يتحقّق في الخارجِ أوّلاً، وهذا ما نطالبُ بهِ المسيحيّينَ الّذينَ يُؤمنونَ ببنوةِ عيسى للهِ، ولا يكونُ إثباتُ ذلكَ مِن مُجرّدِ دعوتِنا لافتراضِ وجودِه. 

وعليهِ فإنَّ هذا الإفتراضَ مُستحيلٌ في نفسِه، لأنَّ اللهَ مُنزّهٌ عَن مُشابهةِ خلقِه ولا يجري عليهِ ما يجري عليهِم، وصفةُ الأبوّةِ والبنوّةِ مِن صفاتِ المخلوقِ المُركّبِ المُحتاجِ إلى أجزائِه وهذا مُخالفٌ لكونِه إلهاً، فإذا أردنا مُسايرتَهم في هذا الإفتراضِ، فنقولُ لو كانَ للهِ ولدٌ لما كانَ هوَ إلهٌ، فمُجرّدُ إفتراضِ أنَّ لهُ ولدٌ يعني إفتراضَ كونِه ليسَ بإلهٍ، وهذا خلفٌ كما يُسمّى في المنطقِ، أمّا الصّفاتُ التي ذكرَها مِن طريقةِ ولادتِه ونوعِ تعاليمِه وطبيعةِ مُعجزاتِه ووراثتِه للملكوتِ وما لهُ مِن سُلطانٍ، لا تُثبتُ كونَه إبناً لهُ وإنّما تُثبتُ قُدرةَ اللهِ وعظمتَه وما تفضّلَ بهِ على مَن إصطفى مِن خلقِه، فما عندَ المخلوقِ مِن عظمةٍ يكشفُ عمّا عندَ الخالقِ مِن عظمةٍ غيرِ مُتناهيةٍ، ولا تعني المُشابهةَ أو المُشكالةَ بأيّ وجهٍ منَ الوجوهِ.