إن الإنسان إذا حصل لديه القطع بصحة معتقده، وكان هذا المعتقد خاطئ عند الله، فهل قطعه هذا معذراً له أمام الله تعالى أم لا؟ 

: اللجنة العلمية

الأخ المحترم محمد كاظم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الجواب إجمالاً:

 إذا كان قطع الإنسان قطعاً موضوعياً، فإن العمل على طبقه يكون معذِّراً ويرفع استحقاق العقاب عنه.

الجواب تفصيلاً:

أولاً: لا بدّ وقبل الدخول في الجواب بيان بعض المصطلحات بشكل مقتضب، توطئة للدخول في الجواب.

المصطلح الأول: معذرية القطع.

المصطلح الثاني: منجزية القطع.

المصطلح الثالث: القطع الموضوعي.

المصطلح الرابع: القطع غير الموضوعي أو القطع الذاتي (قطع القطاع).

أمّا المصطلح الأول: وهو معذرية القطع، ونعني به أنّ الإنسان إذا حصل لديه القطع بوجوب صلاة الجمعة مثلاً في يوم الجمعة بدلاً عن الظهر، فصلى الجمعة وترك صلاة الظهر، فلو فرضنا أنّ صلاة الظهر هي الواجبة عند الله تبارك وتعالى وقد تركها المكلف وجاء بالجمعة بدلاً عنها, إنسياقا واراء قطعه, فهل هو مستحق للعقاب أم لا ؟.

الجواب كلا باليقين. والسبب، أنّه اتبع الدليل المُورث لليقين.

أمّا المصطلح الثاني: وهو منجزيّة القطع، فهو نفس المثال الآنف الذكر، لو أنّ المكلف لم يصلِّ الجمعة التي قطع بها، فهنا المكلف مستحق للعقاب بلا نقاش، لجرأته على الله تعالى.

وأمّا المصطلح الثالث: وهو القطع الموضوعي، فالمراد منه باختصار، إنّ المكلف كان يواجه أسباباً موضوعية تُورث القطع حقاً، كاستناده إلى خبر متواتر على قضية معينة، فهنا لو قطع بتلك القضية فيكون قطعه موضوعياً.

أمّا المصطلح الرابع: وهو القطع غير الموضوعي، فالمراد منه نفس الثالث، بفارق أنّ الإنسان لم يكن يواجه مبررات موضوعية تورث القطع، كالذي يحصل لديه القطع بحادثة معينة بسبب خبر الواحد، فإنّ خبر الواحد لا يعدُّ مبرراً موضوعياً لحصول القطع.

ثانياً: من خلال المقدّمة التي بيّناها في (أولاً) يتضح الجواب على السؤال، هو: أنّ المكلف إذا كان قاطعاً قطعاً موضوعياً بعقيدة أو حكم من الأحكام ولم يكن قطعه مصيباً، فهو معذور قطعاً، ولا يعاقبه الله تعالى على المخالفة غير المقصودة، والسبب واضح، إذ أنّ المكلف اتبع الدليل الذي يورث له القطع واليقين وأنه ملزم حتماً باتباع ذلك الدليل.

ثالثاً: إذا قطع الإنسان بعقيدة أو حكم ما قطعاً ذاتياً (وهو المُعبّر عنه بالقطع غير الموضوعي) ولم يكن قطعه مصيباً، فقطعه هنا غير مبرر له مخالفة الواقع، ولا يعذًره أمام الله، وهو مُعاقب على ترك ما خالفه، والسبب في غاية الوضوح، وهو أنّ المكلف لم يكن بيده من الأدلة ما يورث له القطع بتلك العقيدة أو ذلك الحكم، بل غاية ما تورثه هو الظن، وهو غير معِّذر له.

خلاصة الجواب:

1- إنّ المكلف إذا كان قطعه موضوعياً، فقطعه معذر له.

2- إنّ المكلف إذا كان قطعه غير موضوعي (أو ما يسمى بالقطع الذاتي)، وخالف الواقع بمعتقده أو بحكم من الأحكام الذي قطع به، فقطعه غير معذِّر له أمام الله سبحانه، وهو مستحق للعقاب، لأنه تطرّف في حركته لتحصيل اليقين.

 

ودمتم في حفظ الله ورعايته

اللجنة العلمية في مركز الرصد العقائدي