الاطفال يسالون اين الله ؟

: اللجنة العلمية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حبُّ الإستطلاعِ غريزةٌ تؤسّسُ للدّافعِ المعرفيّ الذي يُميّزُ الإنسانَ عَن غيرِه مِن مخلوقات، وتبدأُ هذهِ الغريزةُ في الظّهورِ منذُ السّنينِ الأولى للأطفالِ، ومعَ أنّها تبدو في مراحلِها المُبكّرة في شكلِ تساؤلاتٍ ساذجةِ بالنّسبةِ للكبارِ، إلّا أنَّ التّعاملَ معها باستخفافٍ قَد يتسبّبُ في فقدانِ الطّفلِ لثقتِه في نفسِه، ومِن هُنا ينصحُ عُلماءُ التّربيةِ بالاهتمامِ بتلكَ الأسئلةِ ومحاولةِ الإجابةِ عنها بما يتناسبُ وعقلَ الطّفل، ويُحذّرونَ مِن ردعِه وتوبيخِه والسُّخريةِ مِنه لأنّهُ يُؤثّرُ على شخصيّتِه المُستقبليّة. 

أمّا بخصوصِ الأسئلةِ عنِ اللهِ أينَ هوَ وما هوَ شكلُه وصورتُه؟ وغير ذلكَ ممّا تقتضي الإجابةُ عنها شرحاً مُفصّلاً عَن معرفةِ اللهِ وتوحيدِه الخالصِ مِن كُلِّ شائبةٍ وشُبهةٍ، فيمكنُ التّعاملُ معها بإحدى طريقتين:  

الأولى: توجيهُ دفّةِ التّفكيرِ عندَه وإشغالهُ بالتّفكيرِ بما في الحياةِ مِن إيجابيّاتٍ، كأن نقولَ لهُ مثلاً أنَّ اللهَ يُحبّكَ ولِذا خلقكَ بهذهِ الصّورةِ الجميلةِ وجعلَ لكَ هاتين العينينِ الرّائعتين وهذا الشّعرَ الجميلَ...، كما أنَّ اللهَ خلقَ لنا الأكلَ والشُّربَ ومنحَ الإنسانَ العقلَ حتّى يصنعَ لنا أنواعَ الحلويّاتِ والألعابِ التي تلعبُ بها، أنظُر لهذهِ الأشجارِ الجميلةِ وهذهِ الجبالِ العاليةِ وهذهِ الأنهارِ الجارية كلُّ ذلكَ هديّةٌ منَ اللهِ للإنسان.. أليسَ مِن واجبِنا أن نُحبّهُ نحنُ أيضاً؟  

الثّاني: محاولةُ الهيمنةِ على تفكيرِه كأن تقولَ لهُ: هَل يستطيعُ الإنسانُ أن يشربَ البحرَ أو يحملَ الجبلَ أو يسافرَ إلى الشّمس؟ وهكذا حتّى تتمكّنَ مِن وضعِ حدودٍ لنطاقِ تفكيرِه، فمِن خلالِ التّمييزِ بينَ المُمكنِ وغيرِ المُمكن وبينَ الخيالِ والواقعِ يمكنُ تنضيجُ المسارِ السّليمِ لتفكيرِ الطّفلِ، ومِن ثُمَّ تبدأُ مرحلةُ الإجابةِ على أسئلتِه عَن طريقِ الشّرحِ المُبسّطِ، فلو كانَ سؤالُه مثلاً عَن مكانِ الله، فيمكنُ أن يُقالَ لهُ: مَن خلقَ السّماءَ والأرض؟ فعندَما يقولُ: اللهُ، نقولُ: إذَن لا يمكنُ أن يكونَ فيها، لأنّهُ هوَ الذي خلقَها وكانَ موجوداً قبلَ أن يخلقَها، ثمَّ نقولُ لهُ هَل هُناكَ شيءٌ لَم يخلُقه اللهُ؟ فإن قالَ لا، نقولُ لهُ: إذن لا يمكنُ أن يكونَ اللهُ في شيءٍ ولا يحيطُ به مكانٌ. وهكذا نؤكّدُ لهُ وبأمثلةٍ مُتعدّدةٍ بأنَّ اللهَ ليسَ كالإنسانِ ولا يشبهُ شيئاً مِن خلقِه.