إِشكالُ شَخْصٍ نَصرانيٍّ على آيةِ: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأوِيلَهُ إِلَّا ٱللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلمِ﴾. 

يُوسف غالب مِنَ الأُردُن: السَّلام عليكُم،...... أَحد النَّصارى الطُّاعِنِينَ في الدِّينِ والقُرآنِ وَطَعْنُهُ جاء في وَضعِ هذه الآيةِ الكريمةِ، وقال: (مَعَ العِلمِ بأَّنُّنِي نَقَّحْتُ الكلامَ مِنَ الشَّتائمِ والحِقدِ الُّذي كان يَكتُبُهُ). يقولُ هذا النَّصرانيُّ على حَدِّ افْتِرآئِهِ وادِّعائِهِ: إِنَّ آخرَ رسائلِ القُرآنِ طلاسمٌ ما مُمكِنُ يَفْهَمَهَا غيرُ الذي كَتَبَهَا وحتُّى العُلماء يُؤمِنونَ هكذا عن جَهلٍ وبدُونِ فَهمٍ،،،، ولا يَعلمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ والرَّاسخونَ بالعِلمِ يَقولونَ آمَنُّا، هذه الشُّبهَةُ تَحتاجُ إِلى ردِّ إِخوَاني وأَعِزَّآئي وَدَامَ فَضْلُكُم وعِزُّكُم ،.... هُوَالَّذِي أَنزَلَ عَلَيكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ. (7)

: اللجنة العلمية

الأَخ يُوسف المحترم.. السَّلام عليكم ورحمةُ ٱللهِ وبركاتُهُ .

بالعَكسِ لا يُوجدُ أَيُّ إِبهام في القُرآن الكريم، بلْ كُلُّ آياتِهِ واضحةٌ وَبَيِّنَةٌ  بالمعنى العآمِّ، أَيْ حتَّى الآيات المُتشابهات التي يكون معناها مُجمَلاً ويَتَرَدَّدُ بينَ أَمرَينِ وأَكثر ، قد جَعَلَ لها القرآنُ الكريمُ مَرجِعِيَّةً واضِحةً، وَهِيَ العَودةُ بها إِلى الآياتِ المُحكمات لِفَهْمِهَا، وقد اعْتَبَرَ الآياتِ المُحكماتِ هُنَّ أَصلَ الكتابِ ومَرْجِعِيَّهُ في فَهمِ العقائدِ والأَحكامِ وسَمَّاهُنَّ " أُمَّ الكتابِ "، أَيْ أَصلُ الكتابِ؛ لأَنَّ معنى الأُمِّ هو الأَصلُ،  وجَعَلَ مَعَ هذه المَرْجِعِيَّةِ مَرْجِعِيَّةٌ ثانيةٌ هِيَ مَرْجِعِيَّةُ الرُّاسِخِينَ في العِلمِ، الَّذينَ سَمَّاهُم في آياتٍ أُخرى مِنه بأَهْلِ الذِّكْرِ، حيثُ قال تعالى: ﴿فَٱسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُم لَا تَعْلَمُونَ﴾ النَّحل: 43، وهذا التَّنَوُّعُ القُرآنيُّ مِن جَعْلِ المُحْكَمِ والمُتشابِهِ ، ثُمَّ جَعَلَ مَرْجِعِيَّةَ عَودَةِ المُتشابَهِ إِلى المُحْكَمِ ، ثُمُّ جَعَلَ مَرْجِعِيَّةَ الرَّاسِخِينَ في العِلمِ، الهدفُ منه السَّيطرةُ على بيانِ القُرآنِ وعدمِ تَلَاعُبِ أَهْلِ الأَهْوَآءِ والرَّغَبَاتِ فِيهِ بأن يُفَسِّرُوهُ على أَهْوَآئِهِم  كما يَشاؤونَ، فَيُحَرِّفُونَ أَحْكَامَهُ وَمَعَانِيَهُ، بلْ أَوضَحُ بِشَكْلٍ واضحٍ وصَريحٍ بأنَّ هناكَ قواعدَ ومَناهجَ مُعَيَّنَةٌ على طالبِ الحقِّ  أَن يَسْلُكَهَا وإِلَّا ضَلَّ عن سبيلِهِ، مع  إِعطاءِ مساحةٍ كبيرةٍ  للآياتِ المُحكمةِ الواضِحةِ التي يَتَمَكَّنُ كُلُّ الناسِ مِن فَهْمِهَا لِظِهُرِهَا وَوُضُوحِهَا، والإِبقاءِ على تلكَ المَساحةِ الضَّيِّقَةِ بِيَدِ الرُّاسِخِينَ في العِلمِ حتَّى لا تكونَ مَرْجِعِيَّةُ الدينِ عندَ كُلِّ أَحدٍ، بلْ لأَهلِ الاخْتِصَاصِ فقط، وَهُم النَّبِيُّ الأَقْدَسُ (صلَّى ٱللهُ عليهِ وآلِهِ وُسَلَّمَ) وخُلفاؤهُ الرَّاشِدونَ، الَّذينَ أَشارَ إِليهم في حديثهِ الصَّحيحِ المُتظافرِ: ﴿ إِنِّي تاركْ فِيكُم خَليفَتَينِ: كتابَ ٱللهِ، حَبلٌ مَمدودٌ ما بينَ الأَرضِ والسُّماءِ، وعِترتي أهلَ بيتي، وأَنَّهما لن يَتَفَرَّقَا حتُّى يَرِدَا عَلَيَّ الحَوضَ ﴾ [صَحيحُ الجامعِ الصغيرِ لِلأَلبانيِّ 1: 482، مُسندُ أَحمدَ بْنِ حَنبل ، برقمِ: 21654، تَصحيحُ شُعَيبِ الأَرْنَؤُوطِ].

 وقد أَفاضَ النَّبِيُّ (صلُّى ٱللهُ وآلِهِ وَسَلُّمَ) وخلفاؤهُ المَعصُومونَ علينا بعَشَرَات الْآلآفِ مِنُ الأَحاديثِ المُبَيِّنَةِ لِمعاني القُرآنِ بلْ أَحكام الشَّريعةِ كُلِّهُا، فلم يَعُدْ عندنا شيءٌ يَعْسُرُ علينا تفسيرُهُ أَو بيانُهُ مِن آياتِ القُرآنِ الكريمِ، وهذهِ تفاسيرُ المُسلمينَ أَمَامَكَ بِالعَشَرَاتِ ما تَرَكَتْ شاردةً وواردةً مِن آياتِ القُرآنِ الكَريمِ إِلُّا وَأَوضَحَتْهَا، فأَينَ الإِبْهَامُ والغُموضُ يا هذا ؟!!

وَدُمْتُم سَالِمِينَ