لماذَا خَلقَ اللهُ الخَلقَ وهو غَنيٌّ عَنْهم، ولماذَا هذِهِ المصَائِبُ التي يُواجِهُها الخَلقُ؟!!

أبو عمار/: السَّلامُ علَيكم: ما هو الهَدفُ مِن خَلقِ اللهِ الخَلقَ مع كلِّ هذا الإبتلَاءِ والمصَائِبِ والحُروبِ والقَتلِ التي يُواجِهُها الإنسَانُ بالتَّحدِيدِ، وكانَ منَ المُمكِنِ أنَّ اللهَ سُبحانَه وتعَالى يَستَغنِي عن الخَلقِ وهو الغَنيُّ المُطلَقُ... أُرِيدُ جَواباً شَافِياً.

: اللجنة العلمية

 الأخُ المحتَرمُ.. السَّلامُ علَيكم ورَحمةُ اللهِ وبركَاتُه. 

 خَلقَ اللهُ سُبحانَه هذا الخَلقَ وِفقَ نِظَامٍ مُحكَمٍ عَادلٍ لا يُظلَمُ أحدٌ فيْه مِثقَالُ ذرَّةٍ أبداً، والغَايةُ منْه تَعُودُ للإنسَانِ في النَّتيجَةِ حينَ يَخرُجُ مِن صَقعِ العَدمِ إلى جنَّةٍ عَرضُها كعَرْضِ السَّماوَاتِ والأرْضِ يَبقَى مُتنعِّماً فيها أبدَ الأبدِينَ ما لا عَينَ رأتْ ولا أُذنَ سَمِعتْ ولا خَطرَ على قَلبٍ بَشرٍ، تَماماً كما لو جِئتَ بإنسَانٍ يَعِيشُ مُهمَلاً فَقِيراً مُنزوِياً في خَرِبَةٍ وأدخلْتَه أفضَلَ المَدارِسِ واعْتنيْتَ به حتى أدخلْتَه أرقَى الجَامِعاتِ فخَرجَ عَالِماً مُتخصِّصاً في عِلمِه وعَاشَ سَعِيداً مَمدُوحاً في حَياتِه.. كذلِكَ الحَالُ في خَلْقِ الخَلقِ مِن قِبَلِ اللهِ سُبحانَه حينَ أخرَجَهُم مِن ظُلُمَاتِ العَدمِ إلى نُورِ الوُجُودِ وأعدَّ لهم هذِهِ السَّماوَاتِ والأرْضَ مُسخَّرةً لأجلِهِم وهيَّأَ لهم كلَّ أسبَابِ الرُّقيِّ والتَّكامُلِ مِن عَقلٍ نَاصِحٍ وأنبِيَاءَ هُداةٍ وكُتبٍ مُنِيرةٍ ولم يَبقَ عَليْهم سِوى الإمتِثَالِ والرُّقيِّ في سُلَّمِ الكَمالِ.

 تَقُولُ: وما شأنُ هذِهِ المصَائبِ والبَلايَا وجَرائِمَ القَتلِ التي يَعِيشُها الخَلقُ؟

 الجَوابُ: بَعضُ هذِهِ الأمُورِ (كالقَتلِ والحُروبِ) هي مِن عَملِ الإنسَانِ نَفسِهِ وظُلمِهِ ولا دَخْلَ للخَالِقِ فيْها؛ لأنَّ الخَالِقَ لا يَأمرُ بمُنكَرٍ أو ظُلمٍ أبداً، وبَعضُها مِن لَوازِمِ الإبتِلَاءِ التي تَتطلَّبُها الطَّبِيعةُ البَشرِيةُ مِن ضَرُورةِ التَّعرُّضِ للإبتلَاءَاتِ حتى لا تَغترَّ بالحَياةِ الدُّنيا وتأخُذَها الغَفلَةُ عن طَاعةِ اللهِ سُبحانَه وظُلم النَّاسِ ببَغْيِها وجَشَعِها. 

 قَالَ تعَالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)} سُورةُ البَقرةِ.

 ودُمتُم سَالِمينَ.