البوذيّةُ والكنفوشيّة والهندوسيّةُ والشّنتو ليست أدياناً سماويّةً.

يسار/: لا شك أن كل من يتبع ديناً أو مذهباً يعتبر أن دينه أو مذهبه هو الأفضل وإلا لما اتبعه. وهناك ما لا يقل عن أربعين ديناً ومذهبا في عالم اليوم نذكر منها على سبيل المثال: اليهودية، المسيحية، الإسلام، البوذية، الكنفوشية، الهندوسية، الشنتو، السيخ، الأيزدية، الدروز (أهل التوحيد)، الذرادشتية، البهائية والرومني (الغجر). أغلب هذه الأديان سبقت الإسلام في الظهور، وجميعها تشترك في ثلاثة أشياء: 1- إقامة الشعائر الخاصة بالدين 2- مجموعة قوانين أخلاقية أو شريعة 3- فلسفة تشرح معنى الحياة فلا أعلم بأي شيء يتفوق الإسلام على الأديان الأخرى وبأي حق يصبح نبيه أكرم خلق الله جميعاً؟

: اللجنة العلمية

الأخ يسار تحيةٌ طيّبة:

إنّ مُفردةَ الدّينِ لها معنًى لغويٌّ ولها معنًى إصطلاحيٌّ تأسيسيٌّ .

أمّا بحَسبِ اللّغة فهو مُشتقٌّ من الفِعل دَانَ أي إعتنقَ واعتقدَ بفكرٍ ما أو مذهبٍ ما وسارَ في رِكابه وعلى هُداه.

أمّا بحَسبِ الإصطلاح والعُرف الشّرعي فيطلقُ على الشّرائع الصادرة بواسطةِ الرّسلِ (ع).

أو هو اسمٌ لجميعِ ما تعبّدَ اللهُ به خلقهُ وأمرهُم بالقيام به.

ولا شكّ إنّ الدّينَ بمعناهُ الإصطلاحي لا يصدُقُ إلاّ على الإسلام واليهوديّةِ والنّصرانيّة أمّا باقي ما ذكرتَ فهي ليست أدياناً سماويّةً ولم يدّعِ أحدٌ بحقٍّ أنّها كذلك.

أمّا البوذيّةُ - في الأصل حركةٌ رُهبانيّةٌ نشأتْ داخلَ التّقاليد البراهمانيّة، تحوّلتْ عن مَسارِها عندما قامَ بوذا بإنكارِ المبادئ الأساسيّة في الفلسفةِ الهندوسيّة، بالإضافةِ إلى رَفضهِ وِصايةَ السُّلطةِ الكَهنوتيّةِ، كما لم يُردْ أن يعترفَ بأهلِيّة كتاباتِ الفيدا، وكذا مظاهرَ وطقوسِ عبادة الآلِهةِ التي كانتْ تقومُ عليها. كانتِ التّعاليمُ الجديدةُ التي بشّرَ بها مُوجّهةً للرّجالِ والنّساءِ وإلى كُلِّ الطّبقاتِ الإجتماعيّةِ مِن دونِ إستثناء. أمّا كونُ البُوذيّةِ ديناً سماويّاً فهذا ما لا يقرّ بهِ البوذيّونَ أنفُسهُم  فإنّهم  لا يَرونَ أنَّ تَعاليمَ بوذا هيَ تَعاليمٌ سَماويّةٌ أو هيَ شَريعةٌ سَماويّةٌ نَزلتْ على بوذا بل يَعتقدونَ أنَّ كُتبهُم لَيستْ مُنزلَةً ، بل هيَ  عبارةٌ منسوبةٌ إلى بوذا أو حِكايةٌ لأفعاله سَجّلها بعضُ أتباعهِ، ونُصوصُ تلكَ الكُتبِ تَختلفُ بِسبَبِ إنقسامِ البُوذيّينَ، فبوذيّو الشّمال إشتملَتْ كُتبُهم على أوهامٍ كثيرةٍ تَتعلّقُ ببوذا، أمّا كُتبُ الجَنوب فهيَ أبعدُ قليلاً عن الخُرافاتِ إلاّ أنّها بأجمَعها تَحكي عن أقوالِ وأفعالِ بوذا.

أمّا الكنفوشيّة- فهيَ مَجموعةٌ من المُعتقداتِ والمَبادئ في الفَلسفَةِ الصّينيّةِ، طُوّرَتْ عن طَريقِ تَعاليمِ كونفيشيوس وأتباعِهِ، تَتمحوَرُ في مُجمَلِها حَولَ الأخلاقِ والآدابِ- طَريقةِ إدارِة الحُكمِ والعِلاقاتِ الإجتماعيّة. أثّرَتِ الكونفشيوسيّة في مَنهجِ حياةِ الصّينيّي.

أمّا الهندوسيّةُ- وهيَ مَجموعةٌ من العَقائدِ والتّقاليدِ الّتي تَشكّلتْ عِبرَ مَسيرةٍ طَويلةٍ منَ القَرن الخامِس عَشر قبلَ الميلاد إلى وَقتِنا الحاضر، ولا يوجدُ لها مُؤسّسٌ مُعيّنٌ تَنتسِبُ إليهِ شَخصيّاً وإنّما تَشكّلتْ عِبرَ إمتدادِ كثيرٍ من القُرون.

أمّا الشّنتو- فهيَ ظَهرتْ وتَطوّرتْ في اليابان و لا يُعرفُ لها مُؤسّسٌ ولا مُعتقَدٌ تَقومُ عليهِ، لا يمكنُ أنْ نَعرفَها إلاّ عن طَريقِ مَجموعةٍ من العاداتِ والمُمارسات. عِبرَ التاريخ نَشأتْ وتَطوّرتْ عِدّةُ فِرَقٍ وطَوائفَ تَدّعي كُلّها الإنتماءَ إلى عَقيدةِ الشنتو الأوّليّة، ولكنْ أيٌّ مِن هذهِ الطّوائفِ لم ينجحْ في أنْ يَفرضَ نَظريّاته.

وهكذا غيرُها فإنّها جميعاً لا يَصدُقُ عليها أنّها دينٌ بالمَعنى المُصطلَح، بمعنى أنّهُ ليسَ لهم رَسولٌ مُرسلٌ مِنَ الله تعالى ولا تَعاليمُهم مُستمدّةٌ مِنَ السّماء، بل بَعضُها  كالدّروز (أهلُ التّوحيد) واضحٌ أنّ تَعاليمَهم عِبارَةٌ عنْ طَريقةٍ لا تَستنِدُ الى دينٍ مُعيّن فهيَ تَوحيديّة وإبراهيميّة تَستنِد إلى تَعاليمِ أفلاطون، وأرسطو، وسُقراط، وأخناتون، وحمزة بن علي بن أحمد والحاكمِ بأمرِ الله تُعتبَرُ رَسائلُ الحِكمةِ منْ مَصادرِ العَقيدةِ الدّرزية جَنبًا إلى جَنبٍ معَ نُصوصٍ تَكميليّةٍ مِثلَ رَسائلِ الهِند تَتضمنُ عَقيدةُ الدّروز عَناصرَ غُنوصيّة، وأفلاطونيّة مُحدثَة، وفيثاغوريّة، وإسماعيليّة ويهوديّة، ومسيحيّة، وهندوسيّة، فضلاً عنْ فَلسفاتٍ ومُعتقداتٍ أخرى، مِمّا أدّى إلى إبتكارِ لاهوتٍ عُرِفَ بالسّرّيّةِ والتّفسيرِ الباطِني للكُتب الدّينيّة وتَسليطِ الضّوءِ على دَورِ العَقلِ والصّدقِ.

أمّا قَولُكَ أنّها كُلّها وكذلكَ الدّياناتُ السّماويّةُ تَشترِكُ في ثَلاثةِ أشياء:

1- إقامةِ الشّعائِر الخاصّةِ بالدّين.

2- مَجموعةِ قَوانينَ أخلاقيّة أو شَريعة.

3- فَلسفةٍ تَشرَحُ مَعنى الحَياة. 

فنقولُ: إنّ إقامةَ الشّعائرِ وكذلكَ القَوانينِ الأخلاقيّةِ أو الشّرعيّة وأي تَعاليمَ مَهما كانتْ مالَم تَكُن مُستَمدّةً ومُتلقاةً مِنَ الله بِواسطةِ الأنبياءِ فلا تكتسبُ الحَقّانيّة وإنّما هيَ رَهبانيّةٌ إبتدَعوها ما أنزَلَ اللهُ بها منْ سُلطانٍ فإنّ اللهَ تعالى  بِواسطةِ أنبيائِهِ بَيّنَ للإنسان كَيفيّةِ العِبادَة وطُرُقِ تَحصيلِ السّعادَةِ وأعطاهُم الدّستورَ الّذي منْ خلالهِ يَحوزونَ مَكارِمَ الأخلاقِ وخَطَّ لَهم مَنهجاً وطَريقاً للحياةِ بما يَضمِنُ لَهم الفوزَ في الدّارَين فَلا عِبرَةَ بعدَ ذلكَ لأيّ شَعائِرَ أو شَريعةٍ أو طَريقةٍ أو أيّ فَلسفَةٍ لا تكونُ قَوانينُها مُستمدّةً مِنَ السّماءِ بِواسطَةِ أنبياءَ أرسلَهُم الله.

أمّا قَولُكَ بأيّ شَيءٍ يَتفَوّقُ الإسلامُ على الأديانِ الأُخرى وبأيّ حَقٍّ يُصبِحُ نَبيّهُ أكرمَ خلقِ اللهِ جميعاً؟

فكأنّكَ لا تَعلمُ أنّ الإسلامَ هوَ خاتمُ الدّياناتِ الالٰهيّة وأنّ نَبيّ الإسلامِ مُحمّد (صلّى اللهُ عليهِ وآله) هوَ خاتمُ الأنبياءِ والمرسلين وأنّ اللهَ أرسلَهُ الى البَشريّةِ جَمعاء وأنّ شَريعتَهُ نَسخَت كُلّ الشّرائعِ فإنّ الله بعدَ أنْ أرسَلَ مُحمداً (صلّى اللهُ عليهِ وآله) فلا يَحقُّ لأحدٍ أن يَتعبّدَ الله بما جاءَ به الأنبياءُ السّابقين فإنّ اللهَ تعالى قالَ في كتابه المُنزلِ على نَبيّهِ المُرسَل مُحمّد (صَلّى اللهُ عليهِ وآله) كما في سُورة ال عمران (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85))

فلا يَحقّ لأحدٍ أنْ يَبقى يَهوديّاً أو نَصرانيّاً بعدَ أنْ جاءَ الإسلامُ ولذلكَ هو يَتفوّقُ على كُلّ الأديانِ لأنّهُ به خُتمَتِ الأديانُ فهوَ الدّينُ الّذي إرتضاهُ اللهُ للبَشريّةِ إلى قِيامِ السّاعة.

ودُمتُم سالمين.