كَثْرَةُ أَبْنَاءِ الْإمَامِ الْكَاظِم ِ(ع) وَمُعْظَمُ حَيَاةِ الْإمَامِ فِي السِّجْنِ.

مُنْتَظَر: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ .. عَظَّمَ اللهُ لَكُمُ الأجرَ بِمُصَابِ إستِشهادِ الإمامِ مُوسَى الْكَاظِمِ (ع) سُؤَالِي هُوَ نَعْلَمُ أنَّ الإمامَ قَضَى مُعْظَمَ حَيَاتِهِ فِي السِّجْنِ فَكَيْفَ تَمَكَّنَ مِنْ اِنْجَابِ هَذَا الْعَدَدِ الْكَبِيرِ مِنَ الأولادِ قَرَابَةَ 32 وَلَد.

: اللجنة العلمية

الأخُ منتظر الْمُحْتَرَمُ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

أَمَّا إِجْمَالًا:

فَقَدْ أَمَضَى الْإمَامُ الْكَاظِمُ سِتَّ سنوَاتٍ مِنْ عُمُرِهِ الشَّريفِ فِي السِّجْنِ، وَعَاشَ بَعْدَ وَفَاةِ الإمامِ الصَّادِقِ (ع) خَمْسةً وَثَلَاثينَ عَامًا وَتَسَرَّى فِي حَيَاةِ أَبِيهِ، فَلَوِ اِسْتَقْطَعْنَا 6 سنوَاتٍ مِنْ 35 سَنَةٍ، لِبَقِيَ 29 سَنَةً، فَلَوْ كَانَ لِلْإمَامِ الْكَاظِمِ (ع) جَارِيَتَانِ لَأَمْكَنَ أَنْ يَلِدَنَ هَذَا الْعَدَدَ مِنَ الْأَبْنَاءِ.

أَمَّا تَفْصِيلًا:

أَوَّلاً: لَمْ يُمْضِ الْإمَامُ الْكَاظِمُ (عَلَيْهِ السَّلامُ) مُعْظَمَ حَيَاتِهِ فِي السِّجْنِ، نَعَم أَمَضَى شَطْرَاً مِنْها، فَقَدْ سَجَنَهُ مُحَمَّدُ الْمُلَقَّبُ بِالْمَهْدِيِّ اِبْنِ أبي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ قَرَابَةَ السَّنَةِ فِي بَغْدَادَ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ وَعَادَ الْإمَامُ إِلَى الْمَدِينَةِ، ثُمَّ قَامَ هَارُونُ اللاّرَشيدُ بِسَجْنِهِ لِمُدَّةِ قَصِيرَةٍ جِدًّا ثُمَّ أَطْلَقَهُ لِمَنَامٍ رآهُ، وَعَادَ الْإمَامُ إِلَى الْمَدِينَةِ، ثُمَّ اِعْتَقَلَهُ هَارُونُ أَيْضًا سَنَةَ 179 ه وَسَجَنَهُ إِلَى أَنْ اِسْتُشْهِدَ الْإمَامُ فِي سِجْنِهِ بِبَغْدَادَ مَسْمُوماً سَنَةَ 183 ه.

وَالْمَشْهُورُ أَنَّ سِجْنَهُ الْأَخِيرَ كَانَ لِمُدَّةِ أَرْبَعِ سنوَاتٍ، مِنْ سَنَةِ 179 ه، إِلَى سَنَةِ 183 ه.

فَيَكُونُ مَجْمُوعُ سِجْنِهِ فِي زَمَانِ مُحَمَّدِ الْمَهْدِيِّ وَهَارُون، لَا يَزِيدُ عَلَى سِتِّ سنوَاتٍ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ بَيْنَ الْمُؤَرِّخِينَ، وَهُنَاكَ أَقْوَالٌ أُخْرَى.

ثَانِياً: كَانَ لِلْإمَامِ الْكَاظِمِ (ع) عِدَّةُ جَوَارٍ، وَلَدْنَ لَهُ ذُكوراً وإناثاً، قَالَ الشَّيْخُ الْمُفِيدُ:

( عَدَدُ أَوْلَاَدِهِ وَطَرَفٌ مِنْ أَخْبَارِهِمْ: وَكَانَ لِأَبِي الْحَسَنِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ، سَبْعَةٌ وَثَلَاثُونَ وَلَداً ذَكَراً وَأُنْثَى:

مِنْهُمْ: عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا عَلَيْهِمَا السَّلامُ، وإبراهيمُ، وَالْعَبَّاسُ، وَالْقَاسِمُ، لِأُمَّهَاتِ أَوْلاَدٍ.

وإسماعيلُ، وَجَعْفَرٌ، وَهَارُونُ، وَالْحُسَينُ.، لِأُمِّ وَلَدٍ. وَأَحْمَدُ، وَمُحَمَّدٌ، وَحَمْزَةٌ، لِأُمِّ وَلَدٍ.

وَ عَبْدُ اللهِ، وإسحاقُ، وَعُبَيدُ اللهِ، وَزَيْدٌ، وَالحَسَنُ، وَالْفَضْلُ، وَسُلِيمَانُ، لِأُمَّهَاتِ أَوْلاَدٍ.

وَفَاطِمَةُ الْكُبْرَى، وَفَاطِمَةُ الصُّغْرَى، وَرُقَيَّةٌ وَحَكِيمَةٌ، وَأُمُّ أَبِيهَا، وَرُقَيَّةُ الصُّغْرَى، وَكَلثَمُ، وَأُمُّ جَعْفَرٍ، وَلُبَابَةُ، وَزَيْنَبُ، وَخَدِيجَةُ، وَعَلِيَّةُ، وآمِنَةُ، وَحَسْنَةُ، وَبُرَيْهَةُ، وَعَائِشَةُ، وَأُمُّ سَلَّمَةٍ، وَمَيْمُونَةُ، وَأَمُّ كُلْثُومٍ، لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادٍ.) الْإِرْشَادُ لِلشَّيْخِ الْمُفِيدِ ج2 ص244.

ثَالِثاً: إِنَّ الْإمَامَ الْكَاظِمَ (ع) عَاشَ خَمْسةً وَثَلَاثينَ عَاماً بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيهِ الْإمَامِ الصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَتَسَرَّى فِي حَيَاةِ أَبِيهِ الْإمَامِ الصَّادِقِ (ع) عَنْدَما وَهَبَتْهُ وَالِدَتُهُ جَارِيَتَهَا السَّيِّدَةَ تَكْتُم وَالِدَةَ الْإمَامِ الرِّضَا (ع).

هذا مُضافاً إلى أنَّهُ أولَدَ مِنْ جَوارٍ أُخَرَ غيرِ والِدَةِ الإمامِ الرِّضا (ع) .

فَأَكْثَرُ مِنْ تِسْعَةٍ وَعِشْرينَ عَامًا- بَعْدَ إِستقطاعِ سِتِّ سنوَاتٍ فَتْرَةِ بَقَائِهِ فِي السِّجْنِ- فَتْرَةٌ طَبِيعِيَّةٌ لِوِلادَةِ كُلِّ هَؤُلَاءِ الْأَبْنَاءِ وَالْبَناتِ مِنْ عِدَّةِ جِوَارٍ.

وَلَوْ قُلْنَا بِأَنَّ مُدَّةَ بَقَائِهِ فِي السِّجْنِ دَامَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا، فَتَكُونُ الأَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ عَشَرَ عَامَاً الْبَاقِيَةُ مِنْ عُمَرِهِ أَيْضًا فَتْرَةً طَبِيعِيَّةً لِوِلَاَدَةِ كُلِّ هَذِهِ الذُّرِّيَّةِ مَعَ مُلَاحَظَةِ تَعَدُّدِ جَوَارِيهِ.

رَابِعاً : تَنُصُّ بَعْضُ الرِّوَايَاتِ أَنَّ الْإمَامَ الْكَاظِمَ (ع) لَمَّا اِلْتَقَى بِهَارُونِ اللاّرَشيدِ فِي الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ وَذَلِكَ قَبْلَ إعتقالهِ الْأَخِيرِ سَنَةَ 179 ه، وَقَدْ أَخَبَرَ الْإمَامُ أَنَّ عَدَدَ أَبْنَائِهِ يَفْوقُ الثّلاثينَ وَلَدًا، مَابَيْنَ ذَكَرٍ وَأُنْثَى.

رَوَى الصَّدُوقُ بِسَنَدِهِ عَنْ سُفْيَانِ بْنِ نَزَار قَالَ: كُنْتُ يَوْمًا عَلَى رَأْسِ الْمَأْمُونِ فَقَالَ: أَتَدْرُونَ مَنْ عَلَّمَنِي التَّشَيُّعَ ؟ فَقَالَ: الْقَوْمُ جَمِيعًا: لَا وَاللهِ مَا نَعْلَمُ قَالَ: عَلَّمَنِيهُ الرَّشيدُ قِيلَ لَهُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ وَالرَّشيدُ كَانَ يَقْتُلُ أهْلَ هَذَا الْبَيْتِ ؟ قَالَ: كَانَ يَقْتُلُهُمْ عَلَى الْمُلْكِ لَأَنَّ الْمُلْكُ عَقِيمٌ وَلَقَدْ حَجَجْتُ مَعَهُ سَنَةً فَلَمَّا صَارَ إِلَى الْمَدِينَةِ تَقَدّمَ إِلَى حُجّابِهِ وَقَالَ: لَا يَدْخُلَنَّ عَلَيَّ مِنْ أهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ مِنْ أهْلِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَبَني هَاشِم وَسَايِرَ بُطونِ قُرَيْشٍ إِلَّا نَسَبَ نَفْسَهُ وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ: أنا فُلَانٌ إبْنُ فُلَانٍ يَنتهي إِلَى جَدِّهِ مِنْ هَاشِمِيٍّ أَوْ قُرَشِيٍّ أَوْ مُهَاجِرِيٍّ أَوْ أَنْصَارِيٍّ فَيْصِلُهُ مِنَ الْمَالِ بِخَمسَةِ آلَافِ دِينَارٍ وَمَا دونَهَا إِلَى مَائتَي دِينَارٍ عَلَى قَدْرِ شَرَفِهِ وَهَجْرِهِ آبَاءهُ فَأنَا ذَاتَ يَوْمٍ وَاقِفٌ إِذْ دَخْلَ الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ فَقَالَ: يَا أَميرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْبَابِ رَجُلٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ بْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ عَلِيٍّ بْنِ الْحُسَينِ بْنِ عَلِيٍّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِمُ السَّلامُ فَأقبَلَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ قِيَامٌ عَلَى رَأْسِهِ وَالْأَمينُ وَالْمُؤْتَمَنُ وَسَايِرُ الْقُوَّادِ فَقَالَ: اِحْفَظُوا عَلَى أَنَفُسِكُمْ ثُمَّ قَالَ لإذنهِ: اِئْذَنْ لَهُ وَلَا يَنْزِلُ إِلَّا عَلَى بَسَاطِي فَانَا كَذَلِكَ إِذْ دَخْلَ شَيْخٌ مُسَخَّدٌ( مُصْفَرُّ الْوَجْهِ) قَدْ أَنْهَكَتْهُ الْعِبَادَةُ كَأَنَّهُ شَنٌّ بَالٍ قَدْ كَلَمَ مِنَ السُّجُودِ وَجهُهُ وَأَنْفُهُ فَلَمَّا رَأَى الرَّشيدَ رَمَى بِنَفْسِهِ عَنْ حِمَارٍ كَانَ رَاكِبَهُ فَصَاحَ الرَّشيدُ: لَا وَاللهِ إِلَّا عَلَى بَسَاطِي فَمَنَعَهُ الْحُجّابُ مِنَ التَّرَجُّلِ وَنَظَرْنا إِلَيْهِ بِأَجْمَعِنَا بِالْإجْلَالِ والإِعظامِ فَمَا زَالَ يَسِيرُ عَلَى حِمَارِهِ حَتَّى صَارَ إِلَى الْبِسَاطِ وَالْحُجّابُ وَالْقُوَّادُ مُحْدِقُونَ بِهِ فَنَزَلَ فَقَامَ إِلَيْهِ الرَّشيدُ وَاِسْتَقْبَلَهُ إِلَى آخِرِ الْبِسَاطِ وَقَبَّلَ وَجْهَهُ وَعَيْنَيهِ وأخَذَ بِيَدِهِ حَتَّى صَيَّرَهُ فِي صَدْرِ الْمَجْلِسِ وَأَجْلَسَهُ مَعَهُ وَجَعَلَ يُحَدِّثُهُ وَيُقْبِلُ بِوَجْهِهِ عَلَيْهِ وَيَسْأَلُهُ عَنْ أَحْوَالِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ: يَا أَبَا الْحَسَنِ مَا عَلَيْكَ مِنَ الْعِيَالِ ؟ فَقَالَ: يَزِيدُونَ عَلَى الخَمسمائةِ قَالَ: أَوْلَاَدٌ كُلُّهُمْ ؟ قَالَ: لَا، أَكْثَرُهُمْ مَوَالِيٌّ وَحَشَمٌ أَمَّا الْوَلَدُ فَلي نَيِّفٌ و ثَلَاثُونَ، وَالذُّكْرَانُ مِنْهُمْ كَذَا، وَالنِّسْوَانُ مِنْهُمْ كَذَا، قَالَ: فَلِمَ لَا تُزَوِّجُ النِّسْوَانَ مِنْ بَني عُمُومَتِهِنَّ وأكفّائِهنَّ ؟ قَالَ: الْيَدُ تَقصُرُ عَنْ ذَلِكَ قَالَ: فَمَا حَالُ الضَّيْعَةِ ؟ قَالَ: تُعطي فِي وَقْتٍ وَتَمَنَعُ فِي آخَرٍ...

الخ.

عُيُونُ أَخْبَارِ الرِّضَا ج1 ص84.

وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالِمِينَ.