إمكان الأربعين في رجوع السبايا الى كربلاء.

قاسمُ الخطيبُ: السلامُ عليكمْ .. هلِ المسافةُ التي قطعَها السّبايا هي كما مذكور’ٌ: أربعونَ يوماً، وإنْ قلتُم: نعم، فهذه لا تتناسبُ مع العقلِ لأنّ المسافةَ بعيدةٌ جداً، وعندَهم أطفالٌ ونساءٌ ونِياقٌ هُزْلٌ، وعندَنا رواياتٌ تقول: إن السبايا ذهبُوا بهم إلى لبنانَ، والدليلُ وجودُ مرقدِ خولةَ في شمالِ لبنانَ، وشكراً لسَعةِ صدرِكم .

: اللجنة العلمية

الأَخُ قاسم الْمُحْتَرَمُ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

المشهورُ بينَ علمائِنا أنّ رجوعَ موكبِ سبايا أهلِ البيتِ عليهمُ السلامُ إلى كربلاءَ كانَ في يومِ الأربعينَ .

وذهبَ بعضُهم إلى استبعادِه نظراً إلى عدمِ سعةِ الزمانِ لذلكَ .

وأمّا إمكانُ ذلكَ بحسَبِ الوضعِ الطبيعيِّ فبهذا البيانِ :

إنّ السبايا توجّهوا ظُهرَ اليومِ الحادي عشَر مِن محرّمٍ إلى الكوفةِ ، ودخلُوا الكوفةَ في اليومِ الثاني عشَر .

وفي نقْل ِسبطِ ابنِ الجَوزيّ أنّ ابنَ زيادٍ جهّز الرؤوسَ والسبايا في اليومِ الثاني إلى الشامِ . تذكَرة الخواصّ ص234 .

فيكونُ اليومُ الثالثَ عشرَ أو الرابعَ عشرَ من محرّمٍ هو يومَ انطلاقِ موكبِ السبايا إلى الشام ِ.

وهذا النقلُ قريبٌ منَ الواقعِ، فابنُ زيادٍ جهّزَهم وأرسلَهم سريعاً إلى الشامِ خوفاً منَ اضطرابِ الوضعِ في الكوفةِ .

والمشهورُ بينَ علمائِنا أنّ السبايا دخلوا الشامَ في الأوّلِ منْ صفَرٍ .

قالَ الشيخُ عباسُ القمّيّ : ( قالَ الشيخُ الكفعميّ وشيخُنا البهائيّ والمحدِّث الكاشانيُّ : في أولِ صفرٍ أُدخلَ رأسُ الحسينِ عليه السلامُ إلى دمشقَ ، وهو عيدٌ عندَ بني أُميّةَ ، وهو َيومٌ تتجدّدُ فيه الأحزانُ : 

كانتْ مآتمُ بالعراقِ تعدُّها *** أُمويّةٌ بالشامِ منْ أعيادِها 

وحُكيَ أيضاً عن أبي ريحانَ في الآثارِ الباقيةِ أنّه قالَ : في اليومِ الأوّلِ من صفرٍ أُدخلَ رأسُ الحسينِ عليه السلامُ مدينةَ دمشقَ فوضعهُ يزيدُ بينَ يديْه ونقرَ ثناياهُ بقضيبٍ في يدَيه ويقولُ : لستُ منْ خِنْدِفَ ..الخ ) نفَسُ المهموم ص391 ، مصباحُ الكَفْعميّ 510 ، توضيحُ المقاصدِ للبهائيّ ص4 ، تقويمُ المُحسنين َللكاشانيّ ص15 ، الآثارُ الباقيةُ للبَيرونيِّ ص331 .

فيكونُ مجموعُ مسيرِهم من الكوفةِ إلى الشامِ سبعةَ عشرَ أو ستةَ عشرَ يوماً .

وهذهِ الفترةُ مدةٌ طبيعيةٌ جداً لسيرِ قافلةٍ منَ الكوفةِ إلى دمشقَ ، فالقوافلُ تقطعُ هذه المسافةَ بأقلَّ منْ هذهِ المدةِ بكثيرٍ .

وأمّا فترةُ بقائهم في دمشقَ : فلمْ يدُمْ طويلاً، قالَ المفيدُ : " أقاموا أيّاماً " الإرشادُ ج2 ص122 ، ولعلّها زُهاءَ عشرةِ أيامٍ ، كما رواه المجلسيُّ في البحارِ ج45 ص169 ؛ لأنّ الوضعَ اضطربَ في الشامِ على يزيدَ ، بعدَ خطبةِ الإمامِ السجّادِ والسيدةِ زينبَ ، وإقامةِ النَّوْح ِوالبكاءِ والمأتمِ على الإمامِ الحسينِ عليهِ السلامُ ، فجهّزهم يزيدُ سريعاً إلى المدينةِ ، ومِن هُنا نستبعدُ بقاءَهم إلى شهرٍ أو أكثرَ في دمشقَ .

فكانَ خروجُهم في يومِ الحادي عشرَ من صفرٍ أو قبلَ ذلك ، فتكونُ مدةُ مسيرِهم من دمشقَ إلى كربلاءَ عشرةَ أيامٍ أو أكثرَ ، وهذا قريبٌ منَ الواقعِ؛ لأنّ رجوعَهم كانَ منَ الطريقِ السريعِ ، وليسَ منَ الطرُقِ الوعْرةِ الطويلةِ .

وبناءً على هذا : فمنَ المحتمَلِ والقريبِ جداً على طِبقِ هذهِ الرواياتِ أنْ يكونَ رجوعُهم إلى كربلاءَ في اليومِ الأربعينَ .

وقد كتبَ السيدُ محمد علي القاضي الطّباطَبائيّ كتاباً بعُنوانِ " رجوعِ الركْبِ بعدَ الكرْبِ " لإثباتِ رجوعِ موكبِ السّبايا في يومِ الأربعينَ إلى كربلاءَ .

والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ .