لَا تَنَاقُضٌ بَيْنَ فِعْلِ الحُسَيْنِ (ع) وَالعَبَّاسِ (ع)!

هِشَامٌ السَّفِيرُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ. هُنَاكَ تَنَاقُضٌ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ. الرِّوَايَةُ الأُولَى: أنَّ الإمَامَ العَبَّاسَ أرَادَ أنْ يَشْرَبَ المَاءَ وَتَذَكَّرَ الإمَامَ الحُسَيْنَ وَعِيَالَاتِهِ فَرَمَى المَاءَ وَلَمْ يَشْرَبْ. الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ الإمَامَ الحُسَيْنَ أرَادَ أَنْ يَشْرَبَ المَاءَ وَجَاءَ النِّدَاءُ مِنْ الأعْدَاءِ: هُتِكَتْ حُرَمُكَ. التَّنَاقُضُ جَعَلَ الإمَامَ العَبَّاسَ أفْضَلَ مِنْ الإمَامِ الحُسَيْنِ، لِأَنَّهُ رَاعَى الأُخُوَّةَ وَرَاعَى آلَامَ الأطْفَالِ وَالنِّسَاءِ وَلَمْ يَهْتَمَّ بِنَفْسِهِ. أجِيبُونَا يَرْعَاكُمُ اللهُ؟ 

: اللجنة العلمية

     الأَخُ هِشَامٌ المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

لَا يُوجَدُ تَنَاقُضٌ بَيْنَ فِعْلِ الإِمَام الحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَفِعْلِ أبِي الفَضْلِ العَبَّاسِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَكَمَا أنَّ أبَا الفَضْلِ رَمَى المَاءَ عِنْدَمَا تَذَكَّرَ عَطَشَ أخِيهِ الحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَتَفَانَى فِي الوَلَاءِ لَهُ لِأَنَّهُ إِمَامُهُ وَسَيِّدُهُ، كَذَلِكَ الإِمَامُ الحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بَعْدَ شَهَادَةِ أخِيهِ أبِي الفَضْلِ العَبَّاسِ وَشَهَادَةِ بَقِيَّةِ إخْوَتِهِ وَأصْحَابِهِ وَأبْنَائِهِ وَبَقَائِهِ وَحِيدًا، إِذْ لَمْ يَبْقَ مَعَهُ إِلَّا عِيَالُهُ وَأهْلُ بَيْتِهِ، أرَادَ أنْ يَشْرَبَ المَاءَ حَتَّى يَذُبَّ عَنْ عِيَالَاتِ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) بِمَا يَسْتَطِيعُ وَلَيْسَ مِنْ أجْلِ بَقَائِهِ حَيًّا لِأنَّهُ يَعْلَمُ عِلْمَ اليَقِينِ أنَّهُ مَقْتُولٌ فِي وَقْعَةِ كَرْبَلَاءَ، وَفِي هَذِهِ الأثْنَاءِ صَاحَ ابْنُ سَعْدٍ فِي جَيْشِهِ أنْ احْتَالُوا عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَشْرَبَ المَاءَ أبَدًا، لَأَنَّهُ إِذَا شَرِبَ المَاءَ أفْنَاكُمْ عَنْ آخِرِكُمْ... فَقَامُوا بِتِلْكَ الحِيلَةِ الخَسِيسَةِ وَكَذَبُوا عَلَى الإِمَامِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِأنَّ عِيَالَاتِهِ هُتِكَتْ حُرُمَاتُهَا، فَتَرَكَ شُرْبَ المَاءِ وَسَارَعَ لِلذَّبِ عَنْهُمْ، لِأنَّ الهَدَفَ الرَّئِيسِيَّ مِنْ شُرْبِ المَاءِ عِنْدَهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كَانَ هُوَ الذَّبَ عَنْ عِيَالَاتِهِ بِمَا يَسْتَطِيعُ، فَكَيْفَ إِذَا هُتِكَتْ حُرُمَاتُهَا، فَأيُّ مَعْنًى يَبْقَى لِشُرْبِ المَاءِ.. وَمِنْ هُنَا تَرَكَهُ.

 لَكِنَّهُ وَجَدَ عِيَالَاتِهِ سَلِيمَةً لَمْ يُصِبْهَا أذًى، وَعَرَفَ أنَّهَا حِيلَةٌ قَامَ بِهَا الأعْدَاءُ لِمَنْعِهِ عَنْ شُرْبِ المَاءِ.

 فَالسَّلَامُ عَلَى الحُسَيْنِ، وَعَلَى أبْنَاءِ الحُسَيْنِ، وَعَلَى أصْحَابِ الحُسَيْنِ.

      وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.