لِمَاذَا لَمْ تَذْكُرْ الزَّهْرَاءُ (ع) قَضِيَّةَ كَسْرِ ضِلْعِهَا فِي خُطْبَتِهَا؟!!

مُحِبُّ الحَيْدَرِيِّ/ إِيرَانُ: / لِمَاذَا لَمْ تَذْكُرْ الزَّهْرَاءُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) كَسْرَ ضِلْعِهَا وَإِسْقَاطَ جَنِينِهَا فِي خُطَبِهَا، وَإِنَّمَا كَانَ مُعْظَمُ احْتِجَاجِهَا عَنْ غَصْبِ فَدَكٍ وَأُمُورٍ أُخْرَى؟ 

: اللجنة العلمية

     الأَخُ المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ. 

     لَا يُوجَدُ عِنْدَنَا دَلِيلٌ قَطْعِيٌّ بِأنَّ حَادِثَةَ الإعْتِدَاءِ عَلَى بَيْتِ الزَّهْرَاءِ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) وَكَسْرِ ضِلْعِهَا وَإِسْقَاطِ جَنِينِهَا جَرَتْ قَبْلَ خُطْبَتِهَا المَوْسُومَةِ بِالخُطْبَةِ الفَدَكِيَّةِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ (ص) حَتَّى يُقَالَ: لِمَاذَا لَمْ تَذْكُرْ الزَّهْرَاءُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) مَا جَرَى عَلَيْهَا فِي خُطْبَتِهَا، بَلْ يُوجَدُ عِنْدَنَا دَلِيلٌ بِأنَّ حَادِثَةَ الإعْتِدَاءِ وَإِسْقَاطِ الجَنِينِ وَرَفْسِهَا الَّذِي كَانَ السَّبَبَ فِي مَرَضِهَا وَمَوْتِهَا بَعْدَ ذَلِكَ جَرَى بَعْدَ مُحَاجَجَتِهَا لِأَبِي بَكْرٍ، كَمَا فِي رِوَايَةِ (الإخْتِصَاصِ) لِلشَّيْخِ المُفِيدِ بِسَنَدِهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ (عَ) قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ، وَجَلَسَ أبُو بَكْرٍ مَجْلِسَهُ بَعَثَ إِلَى وَكِيلِ فَاطِمَةَ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهَا)، فَأخْرَجَهُ.. ثُمَّ تَذْكُرُ الرِّوَايَةُ أنَّ أبَا بَكْرٍ كَتَبَ لَهَا كِتَابًا بِرَدِّ فَدَكٍ إِلَيْهَا، فَلَقِيَهَا عُمَرُ فَقَالَ: يَا بِنْتَ مُحَمَّدٍ، مَا هَذَا الكِتَابُ الَّذِي مَعَكِ؟

     فَقَالَتْ: كِتَابٌ كَتَبَ لِي أبُو بَكْرٍ بِرَدِّ فَدَكٍ.

     فَقَالَ: هَلُمِّيهِ إِلَيَّ.

     فَأبَتْ أنْ تَدْفَعَهُ إِلَيْهِ فَرَفَسَهَا بِرِجْلِهِ، وَكَانَتْ حَامِلَةً بِابْنٍ اسْمُهُ المُحْسِنُ، فَأسْقَطَتْ المُحْسِنَ مِنْ بَطْنِهَا، ثُمَّ لَطَمَهَا، فَكَأنِّي أنْظُرُ إِلَى قُرْطٍ فِي أُذْنِهَا حِينَ نُقِفَتْ [بِالبِنَاءِ لِلمَجْهُولِ، أيْ كُسِرَتْ].

     ثُمَّ أخَذَ الكِتَابَ فَخَرَقَهُ، فَمَضَتْ، وَمَكَثَتْ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ يَوْمًا مَرِيضَةً مِمَّا ضَرَبَهَا عُمَرُ، ثُمَّ قُبِضَتْ. انْتَهَى [الإخْتِصَاصُ: 185].

     وَحَتَّى لَوْ سَلَّمْنَا بِحُصُولِ حَادِثَةِ الإعْتِدَاءِ قَبْلَ الخُطْبَةِ الفَدَكِيَّةِ، فَعَدَمُ إِشَارَةِ الزَّهْرَاءِ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) إِلَيْهَا لَا يَعْنِي عَدَمَ ثُبُوتِهَا، فَلَعَلَّهَا أعْرَضَتْ عَنْ ذِكْرِهَا عَمَلًا بِتَقْدِيمِ الأهَمِّ عَلَى الْمُهِمِّ، فَمَوْضُوعُ فَدَكٍ فِيهِ حَقٌّ عَامٌّ لَهَا وَلِوَرَثَتِهَا، وَفِيهِ إِسْقَاطٌ لِمَشْرُوعِيَّةِ خِلَافَةِ السَّقِيفَةِ حِينَ تَأْخُذُ حَقًّا شَرَّعَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ (ص) بِنُصُوصٍ صَرِيحَةٍ وَاضِحَةٍ أوْرَدَتْهَا الزَّهْرَاءُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) عَلَى أبِي بَكْرٍ فِي مُحَاجَجَتِهَا المَعْرُوفَةِ، حَتَّى ذَكَرَتْ بَعْضُ مَصَادِرِنَا - كَمَا أشَرْنَا إِلَيْهِ مِنْ رِوَايَةِ المُفِيدِ فِي الإخْتِصَاصِ - أنَّ أبَا بَكْرٍ أرْجَعَ لَهَا فَدَكًا نَتِيجَةَ هَذِهِ المُحَاجَجَةِ لَكِنَّ عُمَرَ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا بِخِلَافِ الإعْتِدَاءِ عَلَيْهَا الَّذِي فِيهِ حَقٌّ خَاصٌّ لَهَا فَأجَّلَتْ المُطَالَبَةَ بِهَذِهِ المَظْلُومِيَّةِ الخَاصَّةِ وَقَدَّمَتْ المَصْلَحَةَ العَامَّةَ عَلَى الخَاصَّةِ.

      وَقَدْ ذَكَرَ عُلَمَاءُ الأُصُولِ أنَّ إِثْبَاتَ الشَّيْءِ لَا يَنْفِي مَا عَدَاهُ، وَهُوَ المُسَمَّى بمَفْهُومِ اللَّقَبِ، فَقَوْلُنَا: مُوسَى نَبِيُّ اللهِ. لَا يَعْنِي أنَّ مُحَمَّدًا (عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ) لَيْسَ نَبِيًّا، وَكَذَلِكَ المَقَامُ، فَذِكْرُ بَعْضِ المَظَالِمِ فِي الخُطْبَةِ الفَدَكِيَّةِ لَا يَعْنِي عَدَمَ ثُبُوتِ غَيْرِهَا، وَهَذَا مَطْلَبٌ وَاضِحٌ لِلجَمِيعِ.

     وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.